قيل في السابق و احدى المبررات لعدم قدوم الرئيس عباس الى قطاع غزة عدم ضمان الحالة الأمنية أثناء وجوده في غزة ، و قد ذكر سابقا بأنه تم استهدافه بما يسمى تفجير او زرع عبوات في النفق ، ولكن يمكن الإشارة بأن حماس أتقنت مسؤولياتها في حفظ الأمن في قطاع غزة خلال غالسنوات الماضية ، ووضعت حدا لعملية فلتان العائلات الكبيرة و محاصرة أي عمليات فلتان أمني سواءا سياسية او جنائية و الوصول الى مرتكبيها بشكل سريع و ملفت للنظر .
بعد التوصل لاتفاق المصالحة في شهر اكتوبر الماضي ، و برعاية مصرية مارست حماس دورها الامني ايضا و لم تتخلى عن مسؤولياتها في حفظ الامن انتظارا للوصول الى قواسم مشتركة و حلول لملف الأمن و موظفيها برعاية مصرية ، وهو من أعقد الملفات الموجودة على طاولة الحوار ، و خاصة أن المذهب الامني لكل منهما يختلف عن الأخر .
فالوظيفة الأمنية لأجهزة السلطة تختلف كليا عن الوظيفة الأمنية لحماس ، و حماس تقف متشددة جدا امام الحركات الاسلامية المتطرفة التي تظهر بين فينة و أخرى بالإضافة الى الرقابة المشددة على كثير من الفصائل الفلسطينية ، منذ عدة أشهر تعرض اللواء ابو نعيم الى محاولة اغتيال في المنطقة الوسطى أثناء صلاة الجمعة بزرع عبوة ناسفة في سيارته و هي عبوة وصفت بالخفيفة جدا ، و حاولة حماس الوصول لمرتكبي هذه المحاولة و التي صنفت و تأرجحت الأقاويل فيها بين محاولات من الموساد ، و تارة اسندت لجماعات سلفية .
المهم المجتمع الغزي و ك|أي مجتمع أخر يتعرض لخروقات أمنية احياننا و نظرية الأمن المطلق لا يمكن ان تتحقق في اي مجتمع من المجتمعات .
في صبيحة هذا اليوم و أثناء انعقاد مؤتمر مزمع عقده من قبل أمريكا وروسيا و اسرائيل و رفض مشاركة فلسطينية للبحث في سبل انقاذ غزة من الحالة الانسانية المتردية من فقر و بطالة و بنى تحتية تكاد تكون مدمرة نتيجة الحصار و اجراءات السلطة العقابية لها ووجود الوفد الامني في غزة بعد مغادرته ثم رجوعه للبحث في سبل فك الازمات بين السلطة و حماس و زيارة مفاجئة لرئيس وزراء حكومة التوافق رامي الحمدالله و بصحبة رئيس المخابرات ماجد فرج ، يتم استهداف هذا الموكب في منطقة بيت حانون بعبوة ناسفة و من ثمة اطلاق رصاص من دراجة نارية .
هنا نضع الاستقاراءات لهذا العمل المرفوض و أبعاده لماذا تم الإستهداف في هذا التوقيت بالذات ؟
بالتأكيد ان له اهداف و مبررات قد تطرح و تؤكد منطق السلطة بأنه لا حماية أمنية لوزراء السلطة و عملهم في غزة بدون تسلم الملف الامني و السيطرة على السلاح بكامله في قطاع غزة .
اذا تلك العملية قد تخدم منطق السلطة و توجهاتها و لكن ايضا لا نستطيع ان نقول ان تلك العملية ليس وراءها جهاز استخباراتي و من اهم مؤشراتها احراج حماس و قوتها الأمنية في القطاعو التشكيك في توجهاتها و قدراتها .
أكثر من جهة ذات مصلحة في توجيه تلك العملية و في هذا التوقيت بالذات لا نستثني منها مخابرات محلية و اسرائيلية و دولية ايضا .
ماذا يعني تنفيذ مثل تلك العملية بوجود الوفد الأمني المصري يعني ذلك ايضا احراج مصر و دورها في المصالحة الفلسطينية و الملف الفلسطيني و خاصة أن غزة الأن قد تدخل نسبيا تحت غطاء الامن القومي المصري ، و هل هناك جهات تريد ان تخرج مصر من هذا الملف او تقليل نفوذها في ادارته ، مما يعطي مؤشرا للصفقة السياسية التي يتم بحثها تحت غطاء الحالة الانسانية في قطاع غزة و الذي يعقد بين امريكا و روسيا و اسرائيل اي بمعنى تدويل ازمة غزة و بدون وجود اي طرف اقليمي كمصر و هي معنية تاريخيا ووجودا و امنيا بهذا الملف .
لا نستطيع ان نقول ايضا ان حكومة التوافق و موازنتها المطروحة قد اخذت في الحسبان متطلبات قطاع غزة ولا نستطيع ان نعفي حكومة التوافق و السلطة الفلسطينية و الرئيس عباس من كل ما يعاني منه قطاع غزة من اجراءات عقابية تحت ذريعة التمكين و التثبيت فبضرورة ان تستنفذ الحالة العاطفية لاهالي غزة تحت و طأة الفقر و البطالة و الحصار و المعابر و دمار البنى التحتية و مستقبل مجهول لابناءها لتنفيذ مثل تلك العملية التي قد توصف ايضا بأنها عملية للتهويش و ليس للتنفيذ، وعملية تستهدف قطف ثمار محددة ، فيبدو ان العبوة الناسفة التي تم استخدامها هي عبوة بسيطة ليس لها مؤثر تدميري كبير وتذكرنا بالعبوة التي تم استخدامها لتنفيذ عملية محاولة اغتيال ابو نعيم .
اجمالا تلك العملية قد يتم استثمارها في عملية تصاعد مطالب السلطة و اصرارها على تسليم الملف الأمني و السلاح في قطاع غزة تحت مبرر فرض القانون و سلاح واحد شرعي كما هو دارج في الضفة الغربية و لكن قد تصل الامور ايضا الى قطيعة بين السلطة و حماس تحت ذريعة هذه العملية التي لن تتخلى السلطة عن مطالبها و لن تتخلى حماس عن مواقفها بخصوص الملف الامني و السلاح .
و من هنا قد يفتح المجال لاختراقات سياسية دولية لقطاع غزة مما يسهل برامج و مخططات اسرائيلية للاستيلاء على الضفة كضم الضفة الغربية و غيرها من الاجراءات التي تعطي صلاحيات لروابط مدن و رجال اعمال و غيرهم مما يهدد وجود السلطة في حد ذاته تمهيدا لبعض خطوات صفقة القرن بمشاركة امريكية روسية .
و لذلك قلنا اكثر من مرة انه يجب تشكيل حكومة انقاذ و طنيو عقد مؤتمر وطني عاجل خارج الوطن لانتخاب قيادة تمثل الكل الفلسطيني سعيا لوحدة الشعب الفلسطيني و انهاء الحاةل الخلافية الحادة في داخل حركة فتح بين محمود عباس و تياره و التيار الاصلاحي بقيادة محمد دحلان و الوصول الى تصور مشترك في صياغة الحالة الامنية و سلاح المقاومة فقي ظل برنامج وطني شامل يتوحد فيه السلاح مكاننا و زماننا في مواجهة الاحتلال .
بقلم/ سميح خلف