يتواصل تهديد الإحتلال لقطاع غزة ,وتلميحات لجولة قادمة من المواجهة أو الحرب تنتظرها قطاع غزة , ولقد أعاد الإرهابي ليبرمان أسباب نشوب أي مواجهة محتملة للحالة الإنسانية الصعبة التي يعيشها سكان قطاع غزة بسبب العقوبات التي يفرضها رئيس السلطة في إطار صراعه السياسي ضد أكبر قوة سياسية وفقاً لنتائج أخر إنتخابات عامة أجريت في الأراضي الفلسطينية, قائلاً " إن أبو مازن يجر قطاع غزة للمواجهة مع "إسرائيل" مستغلاً حادثة تفجير موكب الحمد الله لفرض مزيد من العقوبات " ليبرمان من خلال هذا التصريحات يحاول تبرئة الإحتلال من الحصار المرير, الذي يتعرض له قطاع غزة من أكثر من عقد من الزمان , ومن أثار الحروب التدميرية التي شنها جيش الإحتلال على قطاع غزة , رغم أن حديث ليبرمان يدخل في إطار التحريض المزدوج على قطبي السياسة الفلسطينية , الا أننا لا نعفي السلطة ورئيسها من تأزم الحالة المعيشية في قطاع غزة , بسبب الإجراءات العقابية القاسية التي يفرضها على أهالي قطاع غزة , رغم إنتفاء أسباب فرضها بعد إتفاقية المصالحة التي جرت في أكتوبر 2017 برعاية مصرية وبموجبها تم تسليم المعابر والوزارات في قطاع غزة لحكومة الحمد الله .
مطالبات فلسطينية كثيرة من أحزاب ومؤسسات حقوقية ومستقلين وقانونيين , تدعو إلى وقف الإجراءات العقابية المفروضة على قطاع غزة , التي تضرب عصب الحياة اليومية للمواطنين , وتصيب مناحي متعددة وجوانب مهمة في المجتمع الغزي, وتهدد بتدهور الأوضاع المعيشية وسقوط قطاع غزة في دوامة الفقر والعنف والجريمة , وهي نتيجة لا يرغب أي وطني فلسطيني برؤيتها , وسيكون لها أثار تدميرية على مسيرة التحرير التي يتطلع لها شعبنا الفلسطيني , كما أنها تزيد من الإحتقان الداخلي وتعزز من الإنقسام والإنفصال الإداري الفلسطيني , وعلى ما يبدو أن آذان المسؤولين في رام الله لا تسمع هذه النداءات , ولا ترى هذه الأثار الكارثية التي تصيب المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة , ويا للعجب ترى التصريحات النارية والتهديدات الثأرية الصادر من قيادات السياسية والإعلامية للسلطة وأحزابها ضد قطاع غزة , بينما يعتريهم الصمت عندما يتعلق الأمر بإعتداءات الإحتلال ومستوطنيه على الفلسطينيين, فمن أولى بهذه التهديدات والمواقف الصارمة , أليس العدو الذي يهود القدس ويقضم الأرض ويقتل الشباب على الحواجز والطرقات بالضفة , ويطارد أحلامهم عبر سياسة الإعتقالات اليومية .
لا شك أن أسباب إندلاع مواجهة مع الإحتلال في قطاع غزة , تزداد يوم بعد يوم , في ظل الحديث الصهيوني المتعاظم عن سلاح المقاومة ,ومحاولة تشويه قطاع غزة عبر ربطه بما يطلق عليه الخطر الإيراني , وتصريحات نتانياهو التحريضية الأخيرة والتي يدعو المجتمع الدولي لتشديد الحصار على قطاع غزة , زاعماً بأن حماس تستخدم المساعدات الإنسانية في حفر الأنفاق , ولعل الإحتلال يحاول الهروب إلى جبهة قطاع غزة , بعد عجزه الأمني عن مواجهة إنتفاضة القدس في الضفة المحتلة , مع إزدياد العمليات الفدائية وإيقاعها خسائر بشرية في جنود الإحتلال ومستوطنيه , وواهم العدو إن إعتقد أن شعبنا سيسمح له بالتفرد بأي من جبهات المواجهة في داخل فلسطين , حيث أن وحدة الشعب الفلسطيني أصلب وأقوى مما يعتقد نتانياهو وحكومته , بالرغم ما يعيشه المستوى السياسي الفلسطيني من تشظي وإنقسامات , الا أن القاعدة الجماهيرية الفلسطينية لها قرارها الثوري المستقل وتتجلى أبهى صوره بإنتفاضة القدس المباركة , وجماهير شعبنا تؤمن بحتمية المواجهة كخيار لمواجهة الإحتلال والدفاع عن المقدسات والأرض وإحباط مخططات التهويد ومؤامرات التصفية للقضية الفلسطينية وبكل تأكيد لن تتأخر الضفة عن ساحة المواجهة إذا ما فرضت الحرب على قطاع غزة .
رغم وضوح الخطر الإستراتيجي على القضية الفلسطينية ممثلاً بصفقة القرن الأمريكية , ومع فشل مسيرة التسوية التي لم تعد قائمة , ومع تخلي القريب والبعيد عن الدعم الحقيقي للحق الفلسطيني خوفاً من الغضب الترامبي , بل ومساهمة بعض الأنظمة العربية في الضغط على السلطة لقبول صفقة القرن التصفوية , ألا يكون كل ذلك مبرراً كافياً لطي صفحة الإنقسام السياسي الفلسطيني , لكي نعمل بصدق على توحيد المؤسسات الفلسطينية وترتيبها لمواجهة المرحلة الخطيرة التي تعصف بقضيتنا , أليس من الواجب الوطني في أوقات المؤامرة أن نصطف جميعاً لمواجهتها متوحدين تحت راية واحدة , حيث تسقط الخصومة السياسية عندما يتعرض الوطن للخطر الخارجي , ويسقط التنافس السلطوي عندما تتعرض الهوية الفلسطينية للإستهداف الوجودي , بإيجاز العبارات لقد أصبح واضحاً أن من يرغب بمواصلة التفرد والإقصاء في تعامله مع مكونات الجبهة الداخلية الفلسطينية , لا يسعى أبداً لمواجهة حقيقية للأخطار التي تتعرض لها قضيتنا , وأخشى ما أخشاه أن يكون شريكاً في تنفيذ صفقة القرن من حيث يدري أو لا يدري .
بقلم/ جبريل عوده