الذكرى الثانية والأربعون ليوم الأرض لها علامات مميزة وواضحة ومختلفة عن السنوات السابقة . تجسدت في "مسيرة العودة" التي تعبر عن وحدة الصف الفلسطيني وإسراره على إسترداد أرضه . وهي تفتح صفحة جديدة من صفحات المقاومة الشعبية في تاريخ فلسطين . حيث تتميز هذه الذكرى بالزحف الجماهيري نحو مناطق التماس والحدود مع العدو تعبيرا عن التحالف الشعبي والإصرار والشجاعة على حق العودة للبلاد المغتصبة . وهي تسبب حالة هوس أمني واضحة في إسرائيل بسبب عدم تخيلهم لشكل الحشود والكتل البشرية التي ستكون على مقربة منهم .
وقد نستنتج من خلال هذه المسيرة المميزة ظاهرة في غاية الأهمية وهي تصب في مصلحة الفلسطينيين شعبا وقيادتا وهي .
أن التجهيزات المتواصلة لمسيرة العودة أحدثت قلق كبير في صفوف الإسرائيليين على المستوى السياسي والأمني والعسكري . لأن هذه التجهيزات ستحشد كتل بشرية هائلة لم يتعودوا عليها الإسرائيليين من قبل . ولم تكن في الحسبان لأنها بالنسبة لهم عبارة عن تحالف وتكاتف شعبي ضخم سيتوجه على الحدود للتعبير عن بسالة وشجاعة الشعب الفلسطيني . وهذه الكتل البشرية بحد ذاتها ستغير من قواعد الأمن الذي يرتكز عليها الأمن الإسرائيلي . لأن الأمن في إسرائيل يرتكز على أن الفلسطينيين على خلاف دائم فيما بينهم وأنهم يعملون بشكل فردي لأنهم متفرقين . ولقد أثبتت مسيرة العودة فشل القاعدة الأمنية في إسرائيل والتي ترتكز على فرقة وشتات الشعب . وقد أحدثت زلزال كبير في صفوف الأمن لديهم . وصدرت بعض المقترحات للتصدي لهذه المسيرة من أعلى مستوى قيادي في إسرائيل . وعبرت هذه المقترحات عن حالة خوف وذعر من تداعيات مسيرة العودة . وكانت التصريحات الإسرائيلية شديدة اللهجة مثل دعوة المدنيين اليهود من سكان غلاف غزة لحمل السلاح للتصدي لمسيرة العودة . وأيضا نشر مئات من جنود القناصة على الحدود وأيضا إعلان حالة الطوارئ القسوى بين صفوف الجيش على الحدود والسماح لهم بإطلاق النار الفوري في حالة الإلتحام مع الفلسطينيين . وغيرها من التصريحات على جميع المستويات والتي تعبر عن حالة الفزع في صفوف اليهود .
وما لفت نظري أيضا هو ظهور أفيخاي أدرعي الناطق بإسم الجيش الإسرائيلي في مقطع فيديو قام بنشره على وسائل الإعلام يخاطب فيه الفلسطينيين لعدم مشاركتهم في مسيرة العودة . وقد إستخدم في هذا الفيديو بعض الفتاوى من بعض العلماء بتحريم التظاهرات الشعبية . وأيضا إرتكز في الفيديو على آية في القرآن الكريم وهي "ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة" وقال إن من يقترب من الحدود سيلقي بنفسه إلى الهلاك على حد تعبيره .
وجود الكتل البشرية والتحالف الفلسطيني على الحدود سيشكل صدمة حقيقية لإسرائيل ولكنه لا يعني أنه في حالة الإلتحام مع الجيش أنه سيكون لصالحنا . فمن الأفضل أن مسيرة العودة تأخذ طابع التعبير بشكل سلمي وممنهج وذات مسئولية عالية مصحوبة بالحذر الشديد وذلك لحماية الناس من آلة الدمار الإسرائيلية ومكر المتربصين بنا
وأنا أعتقد أن الفصائل والقوى الوطنية ستمنع الناس من الإلتحام مع الجيش على الحدود خوفا من تداعيات خطيرة وحرصا على أرواحهم . وأن مسيرة العودة ستحمل الطابع السلمي لأنها ستستمر حوالي شهر ونص وتتوزع على خمسة نقاط حدودية تشمل جميع المحافظات . وستكون تجمعات وكتل بشرية سلمية ونظامية معبرة عن الوحدة الوطنية والشعبية . وأيضا معبرة عن إصرار شعبنا على العودة لأراضيهم المغتصبة .
الكاتب الصحفي : أشرف صالح
