جلد الذات , ومفاتيح القدس

بقلم: أشرف صالح

قالوا أجدادنا وأسلافنا المحترمين , من ليس له ماضي ليس له حاضر . فإذا فصلنا الماضي عن الحاضر سنكون كالأموات بلا قبور نعيش من أجل إستنشاق الهواء فقط . عندما ذهب  عمر بن الخطاب رضي الله عنه خليفة أبو بكر الصديق وأمير المؤمنين الى مدينة القدس ليستلم مفاتيحها من أباطرة وقساوسة الروم المسيحيين , كان يركب الدابة وبرفقته غلام صغير يتناوبون عليها لطول المسافة ... إلخ . وقبل ذلك كان يصعد الفاروق عمر على منبر رسول الله ويطلب من الناس أن يردوه عن خطأه إذا أخطأ . وطلب منهم أيضا أن يقوموه بسيوفهم إذا إنحرف عن شريعة الله . ورغم شجاعته وقوته كان يبكي خوفا من زل أو خطأ قد يبعده عن رحمة الله .

هذا هو جلد الذات الذي يفصلنا عن القدس والذي لا نعرف منه إلا كونه مصطلح . جلد الذات الذي لا نعرف قيمته الغالية والثمينة , من منا يجلد ذاته من منا يعترف بالخطأ من منا يقول الحقيقة من منا يتحمل أراء الآخرين من منا يفصل بين الحق والباطل من منا يرى اخطاء نفسه من منا يتنازل للآخر من منا يندم على خطيئة من منا يحاسب نفسه ؟ لا أحد ..

هناك نظرية فعالة وسائدة بين صفوفنا كشعب وقيادة وهي "نظرية المآمرة" نستخدمها في كل مناسبة . نستخدمها في الحرب والحراك والفعاليات والحصار والنكبات وحتى في مناسباتنا السعيدة , نستخدمها في كل محطات حياتنا . مصر تتآمر علينا والسعودية تتآمر علينا والأردن والأمارات والكويت والسودان وجرز القمر , العالم بأسره يتآمر علينا ونحن الأنبياء المعصومين من الخطأ , نجلد الآخرين ولا نجلد ذاتنا , وننسى أننا من رواد المتآمرين على بعضنا البعض , ننسى أننا ننهش لحم بعضنا في وسائل الإعلام وعلى صفحات التواصل الإجتماعي .

يا من تنادون بتحرير الأرض يا من تبحثون عن مفاتيح القدس يجب أن تجلدون ذاتكم كما فعل عمر .

إن جلد الذات ظاهرة صحية تنقي الإنسان من الأخطاء وتعود به الى طريق الصواب والحلقات المفقودة . إن جلد الذات افضل بكثير من المجاملات الكاذبة والصور المزيفة التي تغذي الإستمرار بالخطأ .

لا أحد يحتاج أن يجلد ذاته بقدر حاجتنا نحن كفلسطينيين لأننا أصحاب أرض مسلوبة , ومن يريد إرجاع أرضه يجب أن يكون خاليا من الأخطاء متقبلا للآخرين وواسع الصدر .

 فنحن كفلسطينيين أخطائنا كثيرة وتحتاج صفحات كثيرة لذكرها , فيجب أن نجلد ذاتنا ونطهر أنفسنا من الأخطاء قبل أن نتهم الآخرين بالتآمر علينا ,  ونعلق أخطائنا على شماعة الآخرين .

الإعتراف بالخطأ شجاعة , وإستلام مفاتيح القدس شجاعة , إذا من سيستلم مفاتيح القدس يجب أن يعترف بخطأه أولا لأنه دون الإعتراف بالخطأ لا يوجد صواب .

بقلم/ أشرف صالح