باطنية عباس المستمرة

بقلم: سميح خلف

أكبَر "خَازوق" أكله الشّعب الفِلسطيني عِندما قام ثُلث الشّعب الفِلسطيني بالتّصويت له لِرئاسة السّلطة الفِلسطينية، محمُود عبّاس معرُوف بباطنيّته وسُلوكياته المُتناقضة منذُ عدة عقُود، أي منذُ السّبعينات من القَرن المَاضي، والمُعيب جدًا والخَطأ الكبير لِماذا سَكت أعضَاء اللجنة المَركزية عَليه عِندما كَان ضَعيفًا يتسوّل عِند عُضو اللجنة المَركزية هَذا وذَاك، وخُصوصًا عِند الأقوِياء أبو إيَاد وأبُو جِهاد وكَمال النجّار، مَعذرة إن كُنت قد غيّرت أبجديّاتي الهَادئة في هَذا المَقال، فالتحدّيات كَبيرة والمَصائب أكبر، إذا مَا استمرّ هذا الرّجل في قِيادة السّلطة ومُنظمة التّحرير الفِلسطينية، هذا الرّجل الذي ينقلنا مِن هاوية إلى هَاوية ومِن تمزّق إلى تمزّق آخر، تحتَ دراماتيكا لقِي من يُشجعه عَليها ويُهلل له ويُصفق له، الضّفة الغربية بأحرَارها ومُناضليها وثُوارها والتّاريخ يَشهد لها قد أحبَطها تمامًا وعبر الأنفُس التي كَانت تُمثل الحَالة المَرضية في حركة فَتح سابقًا ومنذُ عُقود هي نَفس الفِئة تِلك التِي كُنا نتوجّس مِنها رَيبة مِن سُلوكها وانفِراداتها بمُغامراتها وهي كَثيرة، وكَولساتها للسّيطرة على القَرار الحَركي وعلى مُنظمة التّحرير، كَانت تِلك الفِئة تعَمل بشَكل عُنصري ولُوبي فِي دَاخل حَركة فتح حَتى في المُؤسسات الحَركية وفي مُؤسسات مُنظمة التّحرير، عَرفات الذي كَان يَعرف قذارتِهم وقال أنه سيمُر بهم المَرحلة، قد عبَروا به ومرّوا مِن خِلاله لينفُثوا غِلهم في وجه غزّة وأبنَاء غَزة وأهلِ غزَة، هي عادتُهم المفضُوحة التي يعرِفها كلّ من انتمَى لهَذه الحَركة من بِداياتها، لا نُريد أن نتحدّث عَن هَذه المَواضيع الآن فالحَديث يطُول، ولكن باطنيّة عبّاس التي يتمسّح بها بالوطنيّة، ويتحدّث بشكلٍ مُعاكس لما يُضمر فِي نَفسه وما يُخطط له مِن تفتِيت للنّسيج الوَطني سَواء فِي دَاخل الضّفة أو في خَنق غزّة وقتل قُواها الوَطنية والحيّة، عبّاس كَان يُمكن أن يُنهي الإنقِسام مِن بِداياته، ولكن هَذا السّلوك السّيكولوجي المدرُوس مِن مَراكز قد يكُون عَباس استَعان بها لِكي يقتل الضّفة وغزّة معًا، ببرنامِجين مُختلفين.
عَباس في كِلمته الأخِيرة أمَام اللجنة المَركزية التي يتحدّث فِيها عن صَفقة القَرن، وهُو ينفّذ ويُطبق مَا هُو مطلُوب مِنه وإن كَانت الشّعارات هِي الوُقود الذي يستمِر فِيه أمَام مَن لدَيهم العَاطفة أكثَر مِن اللازم، يقُول عبّاس أن قضيّة اللاجئين والقُدس ليسَت على الطّاولة، نعَم هيِ ليسَت على الطّاولة فمحمُود عباس قد أهمَل القُدس عَبر سَنوات حُكمه وبِلا مُوازنة أو دَعم لبنيتها التّحتية أو دَعم المُقاومة التي تُدافع عن القُدس، بل وَصَل الحَال بِعباس ومِن خِلال التّعاون الأمنِي أن يُرسل قُواه الأمنية في المَنطقة C وفي المُخيمات الفِلسطينية فِي القُدس لتنفّذ بَعض البَرامج الأمنيَة المُتعاونة مَع إسرَائيل ضِد النّشطاء.
عبّاس الذي يتحدّث عَن البَرنامج الوَطني، ما هُو برنَامجك الوَطني يا سَيد عباس، بَعد كلّ ما تفعلُه من عمليات وسُلوكيات إنفصِالية قد تتفِق مع أُطروحات لِيبرمان اليوم، حَماس خَصم سِياسي وليس عدوًا، وأي خَسارة أو ضَربة لغزّة الجَميع يخسَر فِيها، ولأنّ أبنَاء حَماس هُم من المُكون الأسَاسي للشّعب الفِلسطيني في داخِل غزة.
عَباس يتمسّح بحَركة فتح "وانتصَارها" في النّقابات "التنظيمَات الشّعبية"، ويقُول أنّ الفَضل في هَذا النّصر لزباينَته مُحددًا أسمَاءهم، ولكن يا سَيد عبّاس النّصر أتى لحَركة فتح وإن كَان هَذا ليس نصرًا بل واجبًا وطنيًا من خِلال التّنافس الشّريف في السّاحة الفِلسطينية بين قُواها المُختلفة، النّصر أتَى لأن شُرفاء حَركة فَتح لم يرتضُوا يومًا أن يضعفُوا حَركة فتح كما تُضعفها أنت، فوضعُوا قُواهم كَاملة مِن أجل الفَوز بِتلك الإنتخَابات، أمّا من سمّيتهم أنّهم هُم من أسّسوا لهَذا النّصر، فإمّا أنتَ تُخادع أو تُصدق مَن يخدعُوك، التيّار الإصلاحي لحَركة فَتح وضَع قُواه كَاملًا مِن أجل تِلك الإنتخَابات ولِذلك كَان النّصر لأنّ فَتح مُوحدة بِكل قُواها، ولكِن فتح لن تقبَل أن تتمسّح بِها ولأنّ فَتح تَعرف طَريقها خَارج طُموحاتك وخَارج سُلوكياتك، وإن كَان بعضُهم لا يفهم الآن، ولكِن نعتقِد أنّه سيفهَم في المُستقبل القَريب مَعنى تِلك الخُطورة التي تقُود مِن خِلالها حَركة فتح، أخيرًا أعتذِر للقُراء على شِدة هذه الكِلمات ولكِن هَذا هو الوَاقع، وأريدُ أن أضِيف فَقط لكِي نخرُج من مَوال عبّاس هذا المَوال المُؤلم والتّراجيدي والمُؤثر في السّاحة الفِلسطينية، أعِيد وأُكرر، يجِب تَحديد مُعسكر الأصدِقاء ومُعسكر الأعدَاء لكي نُنقذ الحَالة الوَطنية، وبدُون ذلك سنبقَى نتأرجَح بين الخَطأ واليقين فِي حِين أن الخَطأ واضِح والخَطيئة واضِحة وعليكُم أن تختارُوا يا شَعب فِلسطين.

بقلم/ سميح خلف