بعد أيام في 15 أبريل تلتئم القمة العربية في الدمام، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي يتسلم رئاسة القمة من جلالة الملك عبد الله ملك الأردن الشقيق، عيون العرب تتوجه إلى هذه القمة أن تكون في مستوى التحديات التي تواجه الأمة على كل الصعد، خصوصاً وأن الأوضاع العربية لازالت لا تَسُرُ الصديق، ولا تغيض العدى، أوضاع أبسط ما يمكن أن توصف بأنها مأساوية وغير معقولة، يتأمل المواطن العربي أن تمثل نقلة نوعية في العلاقات العربية العربية، وأن تتوصل إلى طرف الخيط الذي ينقل أمة العرب ودولها من المآسي والألام والأحزان وتكالب القوى عليها، إلى بداية طريق الخلاص والإنقاذ ووقف النزف الذي يستنزف الأمة ويثخنها جراحاً، في كافة البقع الملتهبة من سوريا إلى اليمن إلى ليبيا، إلى فلسطين قضية القضايا العربية، قضية كل عربي حر وشريف، قضية القدس، وقضية إحقاق الحقوق الفلسطينية التي لازالت تغيب، رغم الثبات والصمود الذي لا يقابله إلا الجحود والنكران، يتطلع الشعب الفلسطيني ومعه كل الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج أن تكون هذه القمة قمة الخلاص من الأوضاع المأساوية المتردية، أن تكون قمة التحدي والصمود في وجه المؤامرات التي تحاك ضد الأمة وقضاياها وعلى رأسها قضية فلسطين ومستقبل ومصير القدس الشريف، قمة مواجهة الإجراءات الإسرائيلية والأمريكية الهادفة إلى تهويد القدس ومصادرة هويتها العربية والإسلامية والمسيحية، بعد المواقف والقرارات التي إتخذتها إدارة الرئيس ترامب وعزمها على تنفيذ تلك القرارات وحسم مستقبل ومصير القدس من طرف واحد وإعتبارها عاصمة لكيان الإغتصاب الصهيوني ...!
يأمل المواطن العربي أن تكون هذه القمة قادرة على صياغة نظام المصلحة العربي الموحد الذي يحقق للدول العربية والأمة العربية ما تصبوا إليه من أمن ورفعة وتقدم وإزدهار ...
إن الرهان على المملكة العربية السعودية وقيادتها الحكيمة في إنجاح القمة وتحقيق الأهداف المتوخاة منها، رهان كبير، لما تحتله المملكة من مكانة عربية وإسلامية ودولية روحية وتاريخية وسياسية وإقتصادية، فهي دائماً الحاضنة الكبيرة لقضايا العرب والمسلمين وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والتي واكبها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز منذ أيام شبابه الأولى، وبذل كل جهد مخلص ومميز من أجلها في إستمرار دعم صمود الشعب الفلسطيني من أجل الإنتصار لعدالة قضيته، لذا يعول المواطن العربي وفي المقدمة المواطن الفلسطيني أن تتمكن هذه القمة من وضع السياسات والإجراءات الكفيلة بحماية القدس ودفع الولايات المتحدة ورئيسها للتراجع عن تلك القرارات والإجراءات التي تمس بمكانتها الفلسطينية والعربية والروحية، والتأكيد على عروبتها وإعتبارها عاصمة للدولة الفلسطينية، ودفعها للإعتراف بحق الشعب الفلسطيني في العودة إلى دياره حتى تنتهي معاناته المزمنة، وتسقط عن أبنائه صفة اللاجئين، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، كمدخل ثابت لإقرار السلام في المنطقة، وهزيمة الإرهاب بكل أشكاله ومصادره، ووضع حدٍ للتدخلات الخارجية الإقليمية والدولية في الشأن العربي.
إننا على ثقة أن الرياض تمتلك من المقومات ما لا تمتلكه غيرها من العواصم لإستعادة المكانة العربية المفقودة بين الأمم، والقادرة على إبلاغ الرسالة العربية الواحدة لكل الأطراف المعنية، الرياض التي تشهد عصراً متميزاً من التحولات الإقتصادية والثقافية والسياسية والعسكرية، باتت هي المؤهلة أن تكون عاصمة العرب وعاصمة القرار والرؤيا العربية الكفيلة ببناء النظام الخاص للمصالح الوطنية والقومية العربية، وإستعادة النظام العربي لحيويته ونشاطه ومكانته ودوره، لذا نقول أن قمة الدمام هي قمة التحديات الكبرى وقمة مصير القدس الشريف.
بقلم/ د. عبد الرحيم جاموس