خطّأنا حَماس فِي ثَلاث، سُوء تَقدير مَوقف عَام2007، أخطَاء مُتعددة أثنَاء حُكمِها، وإنجِرافها لتيّار ما يُسمّى الرّبيع العَربي، موقف أُتّخِذ على القَاعدة والخَلفية الحِزبية لا الوَطنية، مِن المُهم أن نذكُر أنّ كَثيرًا مِن قَادة حَماس ومُفكريها إعتَرَفوا بِتلك الأخطَاء وخاصّة الخَطأ الأوّل والثّاني والذي وَقع في مَصيدة ما يُخطط لِغزة سَواء إسرائيليًا او إقليميًا أو مِن قِبل تَيار جُغرافي ظَهرت غَطرسته وأحلَامه سُلوكيًا بشَهوة إنفصَال الضفّة عن غزّة ومِن ثمّ الدّفع بِغزة لأن تتّخذ قَرارات الإنفِصال وبدُون أن يُعلن هؤلاء عن نواياهُم إجرائيًا ولكِن قد تقُول الشّواهد الحَالية الآن مِن عقُوبات ومبدأ عبّاس "يا بنشيل او تشيلوا!" ذلك، وقد تكُون الرّواتب هِي الحَلقات شِبه النّهائيّة للدّفع بِغزة نَحو الإنفِصال. حَماس التي عَملت سَنوات حُكمها لتكرِيس أجهِزة سِيادية وكمٍ هَائل مِن المُوظفين وكَما تقُول لسَد مَناطق فَراغ تَركتها السّلطة ، فَكان خِيارها أن تكُون البَديل في أحسَن الأحوَال أو أن تكُون مِن المُكونات الأساسيّة للنّظام السّياسي الفِلسطيني وخَاصة دُخولها في الإنتِخابات وفوزِها السّاحق فِي التّشريعي، لَم تُخفي حَماس أنّها جُزء لا يتجزّأ مِن حَركة الإخوَان المُسلمين التي عوّل عَليها لإحدَاث تغيِير بَديل للدّولة الوَطنية مُنذ أحدَاث 2011م وتحطّمت أحلامُها بنفُوذ الدّولة العَميقة في مِصر ومُؤسساتها الوَطنية وخَاصة الجَيش وقُوى الأمن وصُمود النّظام السّوري وتعدّد فَصائل الإسلام السّياسي المُتناقضة مع بَعضها والتي يفُوق عَددها في سُوريا عن 50 فصيل وجَماعة، طَوال السّنوات تِلك عَملت حَماس كقوّة أمنية وطوّرتها وعَملت كقُوة عَسكرية وطوّرتها ولذلك أصبَحت مُعيق رئيسي لنَهج عبّاس التفاوضِي الذي حَرق جَميع الخِيارات الأُخرى وأبقَى خِيار التّفاوض وحلّ الدّولتين العَاجز بَل المُنتهي الآن، حَماس حَكمت غزّة ولكِن لفَصيلها في الأولويّة تَحت مَبدأ الإعداد والتّجهيز وأهملَت بشَكل كَبير مسؤُلياتها عَن كُل سُكان قِطاع غَزة وإرتكَزت عَلى تمويل السّلطة ورَواتبها لمُوظفيها التي أقعدَهم محمُود عبّاس فِي مَنازلهم واليَوم يعتَبرهم أسرى الرّاتب لتنفِيذ رَغباته وتوجّهاته الشّخصية بَعيد عَن المُؤسسات التي هي فِي حُكم التّهميش والإضعَاف والإستِضعَاف.
العَام المَاضي أصدَرت حَماس وثِيقتها التي تتبنّى بنُود مِن مِيثاق مُنظمة التّحرير وبنُود مِن أدبيّات فَتح مَع بنُود قَليلة ترجِع مَرجعيتها للإخوان وبالتّالي حَماس فَهمت سَواء عَلى سَبيل المُناورة أو المَرحليّة أو حَتمية المَرحلة وفَرضياتها بأن تتّجه نَحو الوَطنية كَفصيل ليسَ حِزبيًا بل فَصيل مِن أيقُونة حَركة التّحرّر الوَطني الفِلسطيني. أثناء سَنوات الإنقِسام العَشر عَملت حَماس كَما هِي رَغبة عبّاس والسّلطة لإدارة الإنقِسام لرَغبة لكلّ مِنهما أولاً رَغبة عَباس بأن لا يدخُل جِديًا ولِقاء فِي مُنتصف الطّريق مَع حَماس لِكي لا يفقِد وُجوده ومَا تفرِضه التزَاماته نَحو إسرَائيل والغَرب وأمّا حَماس إستثمَرت ذَلك لتُثبت بأنّها قُوة لا يُمكن تَجاوُزها فِي أيّ حَديث أو أي مُبادرات سَلام وخَاصة أنّ وَثيقتها قَبلت دَولة على أرَاضي 67م. فِي أكتُوبر مِن العَام المَاضي دَخلت الرّعاية المِصرية علَى المُصالحة بَعد أن كَان هُناك تفاهُمات إنسانية بين النّائب دَحلان والمَشهَرواي لفكفَكة أزمات غزّة وعَلى قَاعدة حَل اللّجنة الإدارية وإذا بِطلبات السّلطة يرتَفع منسُوبها فِي كُل لِقاء إلى المُطالبة بتسلِيم كُل شَيء فِي غَزة مِن الأمن والوِزارَات والسّلاح فِي حِين أنّ سِلاح المُقاومة غَير مطرُوح وهَذا مَا أفاد بِه الرّاعي المِصري بأن يكُون السّلاح ضِمن آليات حَل القَضية الفِلسطينية وتجدِيد النّظام السّياسي الفِلسطيني. وكَما قَال عَباس وإمّا أن تسلّم غزّة كُل ما لَديها وتَرفع الأعلام البَيضاء و لا مُصالحة ولا رَواتب ومَزيد مِن العُقوبات، ويا ليت مُفاوضي السّلطة استخدمُوا هذا الذّكاء وهَذه البَراعة فِي مُفاوضات أُوسلو الذي عبّر عَنها بيرز بأنّ الفِلسطينيين وقّعُوا عَلى شَيء لا يفهمُونه، وفِي مَقام آخر قَال أحد كِبار المُفاوضين الإسرائيليين عن المفاوضِين الفِلسطينيين أنهم أكثَر مِن الإسرائيليين حِرصًا على الوُصول للإتفاق فَكل شَيء نَطرحه مُوافق عَليه!. تُثبت الأحدَاث والسَيناريُوهات بأنّ مَن كَانت تَعتبره حَماس عَدوًا لَها وقَامت بِعملياتِها العَسكرية تَحت ذَريعة التّخلص مِنه "محمد دحلان" بأنّه الحَريص عَلى غَزة وعَلى قُواها وشَعبها كَما هُو حَريص عَلى الوُجود الفِلسطيني فِي الشّتات والقُدس والضّفة ولأنّ غَزة تُواجه المِحنة بِشكل مُباشر مِن حِصار إحتلالِي حِصار عَباس والسّلطة ، ومِن هُنا عَلى حَماس أن تعتَرف أنّها أخطَأت عِندما وَضَعت دَحلان فِي صَف أعدائِها وتَركت العَدو الرّئيسي والمُدمر وأدارَت مَعه الإنقسَام طُوال عَشر سَنوات، ولِكي لا يُفهم كَلامي بمُربعات أُخرى دَحلان حَريص عَلى الوِحدة الوَطنية ووِحدة مَا تبقّى مِن أرض الوَطن ودَفع بكُل إمكانيّاته مِن أجل الوُصول لمُصالحة حَقيقية وشَراكة فِعلية، وكَما قَال سَمير المَشهراوي توصّلوا إلى إتفاق وسنُصفّق لَكم وإن كَان البَعض يَعتقد أنه على حِسابنا، المُهم الآن وكَما أودّ أن أُشير أيضًا بِلقاء جَمعني وقِلة من المُفكرين مَع السّنوار بأنّ السِنوار تَجاوز مَفاهيم الحِزب والحِزبية وذَهب للخَندق الوَطني بمَفاهيم هَذا الخَندق ولُغته مُندفعًا نَحو المُصالحة وهَذا يُعتبر تصحِيحًا لمَسارات حَماس السّابقة والتَمسَت رُوح الأخوّة التي تَربط السّنوار مَع دَحلان ومَع كُل المُناضلين، ولكن مَاذا عَن إجراءات عَباس وتَهديده سأقتصِر القَول أنّ عَباس بِباطنيّته يُظهر شَيء ومُعاكس لَه بِالبَاطن فَهو لَيس ضِد حَماس ولأنّ حَماس جُزء مِن الشّعب الفِلسطيني بَل هُو يَستهدف غَزة وقُواها الوَطنية وتَركيبتِها الإجتمَاعية والثّقافية وهُو يَستهدف مُناضلي فَتح قَبل حَماس كَما إستهدفهُم في الضّفة ولذَلك تَهديدات عبّاس المُتوافقة مَع تهدِيدات ليبرمان تُجاه غزّة تدعُو لليقَظة والمُبادرة فالتمسّك بالحِبال الذّائبة لن يُفيد بل هُو إهدارٌ للوَقت لصَالح الآخَر المُدمر وعَليه وأمام مُبادرة ترامب وخُطوات عَباس التّصعيدية مُقابل مَسيرة العَودة التي تُمثل الكُل الوَطني عَلى غزّة أن تُبادر سِياسيًا مِن خِلال فِهم المُعادلة السّياسية الإقليمية والدّولية والأخذ بمُقتضيات المُعادلة الدّاخلية الفِلسطينية التي قد تدعُو إلى طَرح مَبدأ الفِدرالية للخَلاص مِن عَباس مَع المُحافظة عَلى وِحدة تُراب ما تبقّى مِن أرض الوَطن.
بقلم/ سميح خلف