نعم فلسطين هي القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية، شاء من شاء وأبى من أبى، كانت وستبقى القضية المركزية محلَّ الإهتمام لكل العرب، رغم إدراكنا لما يمرُّ فيه العالم العربي من تحديات جسام ومن تشظي لم يسبق له مثيل، لكن جميع هذه التحديات لن تسقط القضية الفلسطينية أم القضايا العربية ولن تطويها مهما غطى دخان الحريق العربي الذي لازال يغطي الكثير من سماء الدول العربية، ومهما تصاعدت التحديات الإقليمية والدولية للدول العربية كافة، تبقى فلسطين تحتل مركز الصدارة والإهتمام حتى يحقق الشعب الفلسطيني مبتغاه، ويستعيد كامل حقوقه المشروعة وفي مقدمتها حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس ...
نعم عقدت القمة العربية في دورتها (29) قمة الظهران قمة القدس، قمة السعودية فلسطين ...
وأسقط في يدِ المرجفين والمراهنين على تغييب فلسطين وقضيتها مِنَ إهتمامات الأشقاء، منذ اللحظة الأولى لإفتتاح القمة، فلم أفاجئ بما إستهل به كلمته الهامة والهادفة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حين قال إن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية والأولى للعرب والمسلمين، مؤكداً ذلك بشكل واضح وصريح، وأن المملكة العربية السعودية تؤكد دائماً على هذا الموقف الثابت، وليس وليدة اليوم في نصرة الشعب الفلسطيني، بل منذ بداياتها الأولى كانت المملكة ولازالت تمثل حاضنة أساسية للكفاح والصمود الفلسطيني، الذي يستحق كل دعم ومساندة ومؤازرة معنوية ومادية، لقد جاءت نتائج القمة على عكس ما روج له المثبطون والمرجفون أنها ستكون قمة التطبيع مع العدو الصهيوني، والتخلي عن القدس وعن قضية فلسطين، وكان الحسم في الموقف السعودي والعربي عندما أطلق خادم الحرمين الشريفين على القمة تسمية (قمة القدس) ليمثل الرد العملي والفعلي على المشككين في صلابة الموقف العربي عموماً، والموقف السعودي خصوصاً، من مواقف الإدارة الأمريكية (بشأن القدس) ومن إجراءات العدو الصهيوني الهادفة إلى طمس هوية القدس العربية والسعي لتهويدها، لقد أقرن خادم الحرمين الشريفين القول بالعمل حين أعلن عن تبرع المملكة بمبلغ 200 مليون دولار منها 150 مليون لدعم الأوقاف في فلسطين و 50 مليون لدعم وكالة الغوث، التي تسعى الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لإلغاءها تمهيداً لشطب قضية اللاجئين، والتأكيد على دعم موازنة السلطة الفلسطينية بمبلغ 20 مليون دولار شهرياً دعماً لصمود الشعب الفلسطيني ودعم مؤسساته الوطنية ...
بالفعل فقد جاءت قرارات القمة العربية (قمة القدس) داعمة ومعبرة عن الموقف الفلسطيني الشعبي والرسمي في التأكيد على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني ورفض كافة الإجراءات والمواقف التي يهدف البعض تسويقها للنيل من حقوق الشعب الفلسطيني، كما أكدت على دعم الرؤيا الفلسطينية التي أعلنها الرئيس أبو مازن أمام مجلس الأمن الدولي بالدعوة إلى إطار مؤتمر دولي بديلاً عن الإنفراد الأمريكي لرعاية المفاوضات ... إلى آخره من تفصيلات الموقف الفلسطيني الذي صمد في وجه كافة التحديات التي إستهدفت صموده من جهة وإستهدفت حقوقه الوطنية من جهة أخرى وخصوصاً فيما يتعلق بالقدس واللاجئين والمستوطنات ... وبقية عناصر الصراع.
إن مواقف خادم الحرمين الشريفين وقرارات قمة القدس مثلت وستمثل خطة خارطة طريق في دعم ومؤازرة الشعب الفلسطيني وقيادته، ليس للسعودية فقط وإنما لجميع الدول العربية شعبياً ورسمياً، مؤكدة أن المساندة والدعم ليس فقط بالشعارات وعبر الصحف والإذاعات وإنما بالسياسات وبالمواقف العملية المعنوية والمادية الداعمة والمؤيدة للحقوق الثابتة، حتى ينال الشعب الفلسطيني كافة حقوقه، مؤكداً أن كافة التحديات الأخرى التي تواجهها المملكة وبقية الأشقاء لن تشغلها عن القدس وفلسطين، وإعتبارهما قضية مركزية أولى للعرب والمسلمين دائماً.
فكل الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ضمير الأمة ورئيس قمة القدس، والمحافظ على ثوابتها، رغم كل التحديات التي تمرُّ بها الأمة، فلن تتوارى (قضية القدس وفلسطين) خلف الدخان المتصاعد والضغوط من هنا وهناك، وستبقى قضية العرب والمسلمين الأولى حتى يأذن الله بنصره المبين.
بقلم/ د. عبد الرحيم جاموس