في التاسع عشر من ابريل الحالي صوت البرلمان الاوروبي بأغلبية ساحقه ٥٢٤ صوت ،مع معارضة ٣٠ عضواً فقط، وامتناع ٩٢ عضواً عن التصويت على مشروع قرار يحمل حركه حماس مسؤولية تصعيد وتوتر الأوضاع على الحدود، وذلك خلال الأسابيع القليلة الماضية، ويعتبر مشروع القرار ان قطاع غزه اصبح مقر ومركز المنظمات الارهابية، وبطريقه جانبية عبر القرار عن أسفه ازاء مقتل الأبرياء على أيدي جنود الاحتلال الإسرائيلي، وذلك خلال مسيرات العوده التي تم تنظيمها في الأسابيع الماضي.
والاسوء من ذلك أن قرار المشروع اعترف وبشكل ما برر هذه الجريمة بقوله "أن اسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها"، رغم انها اغتالت وبدم بارد 30 شاب وجرح آلاف من ابناء شعبنا بقطاع غزة.
ونفس قرار المشروع يصنف حماس كمنظمة ارهابية ويدرجها على لائحة المنظمات الارهابية، ويطالب القرار بفك الحصار عن غزه، كما يطالبها بتسليم جثث بعض الجنود الاسرائيلين، الذين سقطوا في الحرب الأخيرة التي شنتها اسرائيل على غزه، كما يطالب الحركة بإعادة بعض الجنود اللذين تم سجنهم خلال تلك الحرب.
والاسخر من ذلك لا يشير مشروع القرار الاوروبي الى وجود شعب كامل تحت الاحتلال منذ ٥٠ عاما، ولا يشير الى الظروف الحياتية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال ،كما لا يشير ايضا الى ٧٥٠٠ أسير فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال، وعدد كبير منهم منذ عشرات السنوات.
اسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها كما أشار مشروع القرار والذي لا يشير بكلمة واحده الى ٨٥ قرار اممي من مجلس الأمن لصالح فلسطين، ولا يطالب اسرائيل بتطبيق حتى واحد من هذه القرارات الاممية.
بمشروع القرار هذا كشفت اوروبا عن وجهها الحقيقي وموقفها فيما يخص الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في مرحلة نحن في امس الحاجة الى تضامن دولي، والى تحالفات اقليمية من أجل المطالبة في تطبيق الشرعية الدولية والقرارات الاممية، وخاصة بعد تدمير الجبهة الداخلية العربية وبعد انحياز امربكا الى اسرائيل.
هذا الموقف الاوروبي يعتبر طعنة في ظهرنا نحن الفلسطينيون، لان اوروبا وموقفها مهم جداً لنا ولقضيتنا وهي القوة الاقليمية الوحيدة التي يمكن ان تكون مؤثرة وفعالة لإحياء عملية السلام وضمان حقوق الشعب الفلسطيني .
اما على الساحة الفلسطينية اعتقد ان مشروع القرار هذا كشف وبطريقة شفافه، وواضحة ضعف وهش الدبلوماسية الفلسطينية في اوروبا، في هذه الحقبة التاريخية والحساسة التي تعيشها قضيتنا لذلك حان الاوان لإعادة النظر في دور ومهام السفارات والقنصليات الفلسطينية في اوروبا، حيث يجب تفعيلها وأحياءها عن طريق انخراط كوادر فلسطينية جديدة خبيرة في المؤسسات الاوروبية وفي المجتمع المدني الاوروبي.
و كما يجب تفعيل الجاليات الفلسطينية في جميع دول الاتحاد الاوروبي لكي تقوم بدورها كحلقة وصل بين سفاراتنا في اوروبا، والمجتمع المدني الاوروبي، عكس ذلك سنرى في الايام والأسابيع القادمة قرارات اكثر ظلما بحقنا.
فالمجلس الوطني الفلسطيني المزعم عقده في نهاية هذا الشهر يجب عليه ان يشمل بين أعضاءه ممثلين عن الجاليات الفلسطينية في اوروبا، خبراء وكوادر فلسطينية تعيش منذ عقود في اوروبا مندمجة في المؤسسات والمجتمع المدني الاوروبي ، هذه فرصة جيده ، كلي امل وتفاؤل في ان مؤسساتنا الوطنية وصناع القرار في منظمة التحرير في أنهم سوف يستغلوا هذه الفرصة لضخ دم شبابي جديد واندماج كوادر فلسطينية جديدة على أساس الخبرات والتحصيل العلمي، وليس على أساس تنظيمي او على أساس المحسوبية.
بقلم/ د.ميلاد بصير