كنت منذ البدء مع كل معارض للنظام السياسي الفلسطيني في شقي الوطن لما شاب مسيرة هذا النظام من سقطات كان تحديها الأكبر ليس مع الإحتلال فقط بل مع الإحتلال أولا وأيضا أولا مع كيفية إدارة التداخل في البرنامج الوطني والبرنامج الإجتماعي وفي العمق منه كيفية تحويل الثورة والثوار إلى منظومة مدنية ديمقراطية ناجحة تدير شؤون الشعب الفلسطيني وتهتم بمشاكله الوطنية والإجتماعية والديمقراطية وبعد خمسة وعشرين عاما من نشوء السلطة الوطنية فشل هذا النظام السياسي بشقيه وكذلك الأحزاب والفصائل في نقل شعبنا خطوة إلى الأمام وتفاقمت تحدياته وإنسلبت الحريات وطغي الفساد المالي والإداري في مؤسساتنا التمثيلية والحزبية والأهلية وكذلك الفساد السياسي بتراجع قضيتنا الوطنية وتعرضها للتصفية وإمكانية تمربر الحلول المجحفة بحقوقنا الوطنية والإجتماعية والديمقراطية ووصلنا لحالة التذري وليس التشظي فكان الإنقسام وكانت العقوبات وكانت البطالة وتراجع الخدمات والظلم الإجتماعي مما أضعف الشعب والقضية وإمكانية التصدي الإحتلال بالشكل والمضمون المطلوب ولم ننجز تقرير المصير ولا إقامة الدولة الفلسطينية ولا تطوير النظام السياسي الفلسطيني ووصل بنا الحال في هذا النظام السياسي المترهل الذي أعتبره هو المسؤول الأول عن كل ما وصلنا إليه من حالة غريبة ومتهالكة لا تمت بصلة الطموحات شعب يرزح تحت الإحتلال ولا يعمل من أجل التحرر الوطني مثل أي ثورة في التاريخ وإن بقينا على هذا الحال فنحن ذاهبون إلى فقدان إمكانية البقاء على أرضنا الفلسطينية.
هناك في رام الله تكريس لفصل قطاع غزة عن الحالة الفلسطينية ودفعه نحو الهاوية على خلفية إستئصالية للمعارضين من داخل حركة فتح الحزب الحاكم في رام الله ومن المعارضين في منظمة التحرير وباقي الفصائل خارجها مثل حماس والجهاد الإسلامي ما أدى ويؤدي بالفعل لإنفراط عقد منظمة التحرير بعد مغادرة أحزاب وازنة مثل الجبهة الشعبية وقد يلحقها آخرين.
وفي الجانب الآخر في قطاع غزة هناك حالة من الضبابية يغلب عليها الإربكاك في شق طريق الخلاص والتصدي لنظام الحكم في رام الله لتصحيح النظام السياسي الذي قلنا أنه السبب الرئيس في أزمة الشعب الفلسطيني ولأنني مقتنع بإمكانية النهوض عبر تشكيل جبهة وطنية للإنقاذ أو جبهة إنقاذ وطني لتصحيح مسار النظام السياسي الفلسطيني وتغيير الحكام الفاسدين للشرعية وصولا لإنتخابات ديمقراطية تخرجنا من الأزمة وانتخاب قيادة جديدة للشعب الفلسطيني تتصدى لمخطط ترامب وللإحتلال وتنجز الاستقلال الوطني والتي طالما لم تبدأ ولم تتشكل جبهة الإنقاذ الوطني حتى الآن وذهب الجميع لما يكرس الفئوية وعقد المؤتمرات دون تشكل جبهة الإنقاذ وتستمر الحالة المشابهة للسابق والمناكفة التي ستستمر طويلا وهي تشكل حالة تشبه حالة رام الله كرد فعل لا يرقى لما تحتاجه قضيتنا ويحتاجه شعبنا في اللحظة السياسية الراهنة فإنني بكل الود والاحترام للجميع وبعلاقتي الجيدة والتي هي على مسافة واحدة هنا في غزة مع حماس والجهاد والجبهة الشعبية والتيار الإصلاحي بحركة فتح ومع احترامي لفصائل العمل الوطني جميعها لا أرى بما يفعلونه جميعا في رام الله وفي قطاع غزة ما ينقذ الحالة الوطنية ويضعها على طريق التحرر والاستقلال.
ومن هنا لن أشارك كمستقل ليس له إرتباط تنظيمي بأي حزب أو حركة أو فصيل بأي نشاط أو فعاليات قبل تشكيل جبهة إنقاذ وطني يكون بها الجميع على قدم المساواة نائين بأولوياتهم الحزبية عن محاولة الإنقاذ ولكي لا نشابه حالة رام الله وتصبح الحالة هي حالة ردود أفعال ومناكفات ومصالح حزبية وفئوية وتكريس الحصص والاستئصال والذاتية المفرطة التي دمرتنا .
وعليه فمن هو على استعداد لتشكيل جبهة إنقاذ وطني كخطوة أولى للعمل والتصدي لصفقة ترامب وتصحيح النظام السياسي وصولا للإنتخابات فأنا كمستقل سوف أشارك في جبهة الإنقاذ الوطني فقط وما لا فلا .
بقلم/ د. طلال الشريف