هل ظلت الممثل الشرعي والوحيد؟

بقلم: فايز أبو شمالة

ما صارت منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني إلا بعد أن أضحى المجلس الوطني الفلسطيني يضم بين جناحيه كافة القوى السياسية الفلسطينية؛ من تنظيمات وكفاءات وفعاليات ومؤسسات وتجمعات ونقابات في الوطن والشتات، ودون أن تتمثل كافة التنظيمات والقوى في المجلس الوطني، فلا يحق لمنظمة التحرير أن تدعي أنها الممثل الشرعي والوحيد، فالشرعية الوحيدة قرينة بالشمولية، وتمثيل كل أطياف الشعب، والتي عبرت عنها شعارات منظمة التحرير وقت التأسيس والتي تمثلت في ثلاث عبارات، وهي:

1ـ وحدة وطنية 2ـ تعبئة قومية 3ـ تحرير.

وطالما اعتقل تنظيم حركة فتح، بالتحالف مع بعض التنظيمات إرادة المجلس الوطني الفلسطيني، وضيقوا الخناق على بقية القوى السياسة أمثال حركة حماس وحركة الجهاد ولجان المقاومة وبقية الحركات العاملة ميدانياً، وأغلقوا دونها الأبواب إلا بوابة اتفاقية أوسلو، التي صار الاعتراف بها شرطاً للتمثيل في منظمة التحرير، والذي يعني انتفاء صفة الممثل الشرعي والوحيد عن المنظمة، وذلك لانتفاء شرط الوحدة الوطنية، وهي المقوم الرئيس لوحدانية تمثيل الشعب الفلسطيني.

إن انتفاء شرط الوحدة الوطنية عن جلسة المجلس الوطني الفلسطيني في رام الله يعني اطلاق يد القوى السياسية غير الممثلة في المجلس الوطني للتشكيك في منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد، وهذا حق من حقوقها، يدفعها  للبحث عن كيانها، وتحقيق ذاتها، وذلك من خلال المبادرة إلى خلق جسم تنظيمي يوازي المجلس الوطني، يضم كل الفعاليات والقوى الرافضة لاتفاقية أوسلو، ويحظى بالدعم الشعبي الذي يمكنه من استرداد منظمة التحرير الفلسطينية المختطفة، منظمة تحرير تتمسك بالميثاق الوطني قبل التعديل، وترفض الاعتراف بدولة الكيان الصهيوني، وتعتمد كافة أشكال المقاومة الشعبية منها والمسلحة، وتتواصل مع كافة تجمعات الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، وتطعن لدى جامعة الدول العربية والبرلمانات العربية والمنظمات الدولية في وحدانية تمثيل منظمة التحرير المختطفة لكافة أطياف الشعب الفلسطيني.

وللتاريخ كلمة في هذا المجال:

لقد أعلنت حركة فتح عن انطلاقتها 1/1/1965، بعد ستة أشهر وأربعة أيام من عقد جلسة المجلس الوطني الفلسطيني الأولى التي عقدت في القدس بتاريخ 28/5/1964، وبعد ستة أشهر وأربعة أيام من الإعلان عن ميلاد منظمة التحرير الفلسطينية، تم الإعلان عن ميلاد حركة فتح، وفي هذا تأكيد على أن حركة فتح لم تكن تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، وجاء انطلاق حركة فتح بعد انطلاق منظمة التحرير تأكيداً للطعن بوحدانية تمثيل المنظمة للشعب الفلسطيني، لأن حركة فتح في ذلك الوقت كانت ترى بنفسها الممثل لطموحات الشعب من خلال البندقية التي رفعتها في الميدان، وللتأكيد على ذلك، استخفت حركة فتح اختصار م. ت. ف. واستبدلته باختصار ت. ت. ت. والذي يعني: تقزيم وتوريط وتدمير للقضية الفلسطينية، كما فاضت الذاكرة في صفحة الدكتور أسعد جودة.

وتؤكد وثائق منظمة التحرير الفلسطينية: إن حركة فتح لم تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني إلا بعد أن تمكنت منها، واستحوذت عليها، وذلك بعد أن تحالفت مع بقية التنظيمات الفلسطينية المقاتلة، التي فرضت نفسها من خلال البندقية، التي صارت صاحبة الكلمة العليا في اللجنة التنفيذية للمنظمة، وهي صاحبة القرار.

ما سبق يؤكد أن منظمة التحرير الفلسطينية عروس لا تتزين إلا لمن حمل السلاح، وسار على درب المقاومة، ولعلع رشاشه في صدر الأعداء، ودون ذلك لن يتمكن أي تنظيم من فرض نفسه على القرار الفلسطيني ما لم يفرض نفسه في الميدان مقاوماً، لأن المقاومة هي مزاج شعبنا، والمقاومة منطلق الوطنية، ولا قيمة لأي انتماء أو شعارات أو مقولات أو مقالات أو خطابات بلا جذور تتشعب في أرض المقاومة، وبكافة أشكالها، بما في ذلك الصواريخ والعبوات الناسفة.

 

د. فايز أبو شمالة