عندما أبرمت الولايات المتحدة الأمريكية إتفاق نووي مع إيران بالشراكة مع الدول الخمس الكبرى , كان ذلك قبل سنوات قليلة في عهد الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية أوباما , وذلك لأن أوباما كان يميل للسلام أكثر من غيره , وكانت له سياسة قريبة من العرب والمسلمين كونه من أصول أفريقية , محاولا منه كسب علاقة جيدة مع أعداء الولايات المتحدة من شأنها تحسين صورته كرئيس مميز من أصول أفريقية , ووصل به الحال أنه قال للعرب بأنه من أصول عربية , ومن هذا المنطلق دخلت إيران في ميزان القوى والمنافسة مع الدول الخمس الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية .
ولكن مع ترامب الوضع إختلف لأن هذا بالطبع لا يرضي غروره وسياسة القوة التي يتبعها , فمنذ إستلم الحكم قرر أن يتبع سياسة القوة والعربدة بشكل علني وبدون أي مقدمات , حتى وصل به الحال أن ينسحب بشكل فردي من إتفاق نووي مع إيران , والأخطر في الموضوع أن هذا الإتفاق يجمع بين مجموعة من الدول وتحت إشراف مجلس الأمن الدولي , وكأنه يرمي بإرادة هذه الدول عرض الحائط وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي أيضا .
لماذا إنسحب ترامب من الإتفاق ؟ برأيي أن هناك ثلاث نقاط أساسية أدت الى الإنسحاب وهما , سوريا والموساد والأهم من ذلك شخصية ترامب نفسها .
سوريا : إن التحالف السوري الإيراني الروسي الصيني بالإضافة الى حزب الله كان له دورا هاما في إنسحاب ترامب من الإتفاق , لأن التحالف بحد ذاته كان يعني العداوة للولايات المتحدة وحلفاءها , وبالطبع هذا يستدعي أن تكون إيران في مواجهة مع الولايات المتحدة على أرض سوريا وهذا يتطلب منها أن تتحرك بحرية في النشاط النووي بالتوازي مع إتفاقية سارية المفعول , فأصبح هناك لبس أو تناقض واضح في الموضوع , فأدرك ترامب أنه ليس من الممكن أن تحافظ إيران على إتفاقها مع الولايات المتحدة في ظل صراع بينهما يتمثل في التحالفات , فأراد ترامب أن يسبق في فك الإرتباط بينه وبين إيران , ويكون بذلك هدفه إضعاف إيران من خلال فرض العقوبات وأيضا إضعاف سوريا كطرف في التحالف .
الموساد : لقد سمعنا عبر وسائل الإعلام بأن الموساد حصل على وثائق مهمه من إيران بطريقته الخاصة وقدمها للولايات المتحدة , وهذه الوثائق تختص في الملف النووي الإيراني وتحمل معلومات بأن إيران كثفت نشاطها النووي خارج نطاق الإتفاق , وأنها تستعد لزيادة قدرتها النووية إستعدادا لدخول معركة مصيرية على أرض سوريا ومن ثم تنطلق الى العالم إستكمالا لمشروع طموحها النووي , وهذا ما زاد القلق لدى ترامب وأصبح أحد أسباب إنسحابة من الإتفاق النووي .
شخصية ترامب : شخصية ترامب الهجومية والتي تستخدم سياسة القوة باتت واضحة للجميع , وخلقت تغيرات كثيرة في الشرق الأوسط , بداية من نقل السفارة الأمريكية الى تل أبيب , وحتى إنسحابها بشكل مفاجئ من الإتفاق النووي مع إيران , وهذه الشخصية لعبة دورا هاما في تغيير سياسات الولايات المتحدة الأمريكية .
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه , كيف إستطاع ترامب أن ينسحب من إتفاقية دولية لها شركاء كثر وتحت إشراف مجلس الأمن , فحسب القوانين الدولية والتي تنص على معاقبة كل من يخترق الإتفاقيات من طرفه تلزم الجميع لإحترام الإتفاقيات الموقعة , فهل بالفعل قدم ترامب وثائق تثبت إدانه إيران قبل عملية الإنسحاب , أم هي عملية عربدة سياسية إستخدمها ترامب ضاربا مجلس الأمن بعرض الحائط . أنا برأيي أن الأخيرة هي التي إستخدمها ترامب , لأننا ومن خلال متابعتنا لوسائل الإعلام لم نقرأ أي وثائق قدمها ترامب بشكل رسمي تثبت تورط إيران بالخروج عن الإتفاق النووي .
بقلم/ أشرف صالح