اتخاذ القرار

بقلم: صلاح صبحية

لاتخاذ القرار إرادتان، إرادة اتخاذ القرار، وإرادة تنفيذ القرار، فليس مهما أن نملك إرادة اتخاذ القرار، لأن الأهم هو إرادة تنفيذ القرار .
فإذا ما أخذنا القضية الفلسطينية بكل أبعادها الوطنية والعربية والدولية، فإننا نجد مئات القرارات التي اتخذت بشأنها، ولكن دون تنفيذ أي واحد منها.
فالقرارات المتخذة في الأمم المتحدة، سواء في الجمعية العامة أو مجلس الأمن، فإن أي قرار من تلك القرارات لم ينفذ، وخاصة إذا كان القرار يتعلق بأمن الاحتلال وسلامته، فأقدم القرارات الدولية هما قرار التقسيم 181 وقرار عودة اللاجئين 194، فقد مر على هذين القرارين سبعون عاما دون أن ينفذا، رغم الشرط الدولي لقبول كيان الاحتلال عضوا في الأمم المتحدة أن يجدد قبوله بهما كل عام، وقد جدد الاحتلال قبوله لهذين القرارين أكثر من مائة مرة، إذا العبرة ليس في اتخاذ القرار، إنما العبرة في إرادة تنفيذ القرار.
وكم من قرار اتخذ بشأن الاستيطان، وكم من قرار اتخذ بشأن القدس، وكم من قرار اتخذ بحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره، وكم قرار اتخذ بشأن جدار الفصل العنصوي، ولكن كل تلك القرارات بقيت دون تنفيذ.
وفي شأن العديد من القرارات الدولية فإن الجانب الفلسطيني وعلى مدى سبعين عاما من النكبة يتحمل المسؤولية في عدم تنفيذها، لأنه المعني في التنفيذ، فلم يسعى الفلسطينيون لتنفيذ القرار 194 ويمارسوا حقهم بالعودة إلى ديارهم وممتلكاتهم عند صدور القرار لأنهم افتقدوا إرادتهم في ذلك، حيث ربطوا مصيرهم بإرادة الحكام العرب، وآثروا الانتظار في مخيمات اللاجئين وما زالوا ينتظرون منذ سبعين عاما.
كما إن القيادة الفلسطينية اليوم لم تعمل على تنفيذ أي من القرارات، على سبيل المثال القرار 67/19 تاريخ 2012/11/29 الذي قبلت فيه دولة فلسطين عضوا مراقبا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبقي الوضع الفلسطيني على ما هو عليه حتى يومنا هذا، فرغم موافقة 138 دولة على هذا القرار، فإن القيادة الفلسطينية لم تحوله إلى واقع ملموس فهي فاقدة لإرادة التنفيذ، حيث كان الأمر يتطلب منها وما زال الانتقال من مرحلة السلطة إلى مرحلة الدولة تحت الاحتلال، وإن تتحول بذلك مؤسسات السلطة لتصبح مؤسسات الدولة تحت الاحتلال، حيث يبدو أن القيادة الفلسطينية لا تملك إرادة الانعتاق من اتفاق أوسلو وملاحقه بقدر ما هي متمسكة به من خلال رؤية الرئيس الفلسطيني محمود عباس التي قدمها لكل من مجلس الأمن والقمة العربية والمجلس الوطني، رغم اعتراف الرئيس الفلسطيني عدة مرات بإن السلطة الفلسطينية دون سلطة على الأرض.
كما أن قرارات المجلس المركزي في دورتي اجتماعه عامي 2015 و 2018 وهي قرارات فلسطينية اتخذت في إطار مؤسسة فلسطينية لم تجد طريقها للتنفيذ، كما هي قرارات اللجنة التحضيرية التي اجتمعت في كانون الثاني 2017 التي لم تنفذ أيضا.
وأبناء شعبنا في قطاع غزة يعانون اليوم من عدم تنفيذ قرار الرئيس الفلسطيني بإعادة صرف الرواتب للعاملين في غزة ، فمن يملك إرادة تنفيذ قرار الصرف، هل هو ملك إرادة فلسطينية بشخص الرئيس أم من هي الجهة التي تملك هذه الإرادة.
فالقضية والمشكلة ليست بإرادة اتخاذ القرار وإنما المشكلة بإرادة تنفيذ القرار.

صلاح صبحية 2018/5/10