ما زلنا نعيش هموما جاثمة على صدر الوطن الحبيب فلسطين، ما جعل صدورنا مثقلة بالاهات والالام والهموم، فما من فرصة الا تبعتها غصة، وما من خطوة الى الامام الا وتبعتها خطوات للوراء، وهنا الاسباب غدت معروفة للقاصي والداني، وتلك الهموم قد ترجمناها تاره من خلال كلمات وتحليلات عسى ان تلاقي صدى على ارض الواقع، من باب الاحساس بالمسؤولية الوطنية تجاه وطن جريح يأن من كثره جروحة واهاته وانقسامه، ومن خلال تامل عميق حيث الموت والتهويد والقتل والاغتيالات لارضنا وشعبنا الجريح ووطننا الحبيب الذي يعيش فينا مهما اختلفنا مع بعضنا البعض فيبقى وطننا شئنا ام ابينا هو عمل وانتماء وهو بما تقدم له وليس بما تاخذ منه.
ان ثقافة الترقيع والتبديل وايجاد الحلول الوهمية هي منظومة يبدع بها ممن لا ينتمي لهذا الوطن الغالي ممن يعتبر نفسه مسؤولا عنه وشعبه، فيتخذون هؤلاء بهذا الشعار شماعة يتعكزون عليها في وسائل اعلامهم، وبالتالي اسسوا تلك الثقافة التي تشبه الى حد كبير بفكرة الملكة ماري انطونيت ابان ثورة الشعب الفرنسي في قصرها في فرساي ففي وقتها قمت بتنميق كلماتها مقترحة على شعبها الفرنسي بان ياكل البسكويت بدل الخبز، وتناست وقتها هذه الملكة المدلله ان المشكلة تكمن في الخامه التي يصنع منها البسكويت والخبز الا وهو الطحين، وكان ما كان بعد تلك الحادثة التي اسست لمسار اخر من تاريخ ورؤيا برمتها.
ان الوطن هو عمل وانتماء لمن يحب وطنه، والكل يعبر عن حبه للوطن بطريقته الخاصة وكيف ما يراها مناسبه، فالوطن هو شعور بالانتماء وهو ما يشعرك بالراحة والامان والاطمئنان والحنين والكرامة، وهناك من يبدع ويطور وينمي ويقدم من اجل وطنه، ومنهم من يهدم الوطن بافكاره وافعاله الدنيئة والمسمومة وعقليته المتخلفه، وهذا بالنسبة له هو الانتماء، اما الوطنية التي يتنادى بها البعض ممن يعتبرون انفسهم مسؤولين عن هذا الوطن من خلال رفع الشعارات والاحتفالات والاغاني الحماسية ويعتبرون الوطن كعكة كما يسميها بعضهم يتقاسمون بها.
عندما ننظر الى هذا الوطن المليئ بالخيرات الا وارتد الينا البصر حسيرا من هول ما يكنزه هذا الواقع من مفارقات وتناقضات ومضادات يستحيل التعايش معها، ويصبح التفاؤل معها ضربا من الجنون، ويمسي الحلم بيننا كابوسا يقض مضاجع الفارين من عالم الحقيقة والمكتوين بنيرانه، ويؤرق بال الباحثين عن لحظة راحة، فلماذا جعل ممن يعتبرون انفسهم مسؤولين عنا الحاضر ماضي يملؤة رصاص يقتل مستقبلا يبني المجهول، ولماذا جعلوا العصور والازمنة والايام والحياه عندنا مكتئبة، اليس من حقنا ان يكون وطننا تملؤه الكرامة والديمقراطية والحرية والحداثة وتلحق والنظام والعدل والقانون، وغير ذلك من مرتكزات الحياه العصرية.
لن يجدي الترقيع والتوهيم وحب الوطن الكاذب، فلن تحل مشاكل الوطن وجماهيره، ولم ولن نصنع مستقبل مشرق لاطفالنا، ولن نصنع الابتسامة لامهاتنا وابائنا وشبابنا وبناتنا، ولن نرى نور الله على ربوع وطننا، ولن تخلع القدس والضفة والقطاع ترانيمها المحزنة، ولن نعانق تباشير الفجر الفلسطيني الصاجق الوضاء، ولن نجتمع ونحن مفرقين ومنقسمين، ما دمنا ارتضينا الظلم وبررنا الاخطاء المهلكة للبعض من المهلكين.
*آخر الكلام
ان النوايا وحدها لا تصنع المستقبل، وان الازمات لا يمكن حلها ومواجهتها بالتمنيات.
بقلم/ رامي الغف*