أضع بين يديكم موضوع خطير وحساس، وحبيس جدران الغربة، لعدة أسباب منها:
(1) صعوبة البوح به بسبب الخوف من البطش والتنكيل.
(2) لعدم وجود الضحية في بيئة مساندة من الأهل.
(3) وأيضا لطغيان الشأن الداخلي على الشأن الخارجي.
(4) وأخيرا لتبعية لجان التحقيق للمنظومة الرسمية التي هي طرفاً في الموضوع.
سيادة اللواء ماجد فرج، ما يفعله بعض عناصر الأمن في الخارج يقع في دوائر مسئوليتك كوزير للمخابرات الفلسطينية، وكما أننا وجهنا أغلظ النقد لعناصر الأمن لحماس في غزة لأهانتهم و لسوء تعامل بعضهم مع الناس ومع ذوي الهيئات والقامات بدلاً من أن يقيلوا عثراتهم، فإننا أيضا نوجه النقد لبعض عناصر الأمن في السفارات مدركين سعة صدركم. وقناعة منا بأن "ما لا يدرك كله لا يترك جله" برغم مأساوية الحال الذي نحياه، وأننا باستطاعتنا التغيير معاً، وذلك للرقي بمجتمعنا في الداخل والخارج، واثقين بايجابية تفاعلكم سيادة اللواء مع هذا الموضوع، وهذا الموضوع نعرضه في نقاط منها:
■ فبينما ينشغل الفلسطينيون في الداخل بمواجهة التحديات العديدة وأبرزها الانتهاكات اليومية في الضفة الغربية والحصار المفروض على غزة والتطلع للسفر عبر معبر رفح الذي يفتح 20 يوماً في السنة فقط، باستثناء فتحه هذا الشهر المبارك، ومواجهة الخطة الأمريكية، ونقل القدس وشطب حق اللاجئين، الخ.. تأتيني شكاوى عديدة من فلسطينيي الخارج وأبناء الجاليات الفلسطينية، حيث يتعرضون لمعاملة قاسية وخشنة وأسلوب قمعي وتهديد لأمنهم الشخصي ومستقبل استقرارهم، ويتعرضون للابتزاز، وأتحفظ هذه المرة عن ذكر الأسماء وإذا كان هذا الحال من بني جلدتنا، فكيف سنلوم أنظمة العالم العربي الشقيق على تعامله الخشن معنا في الخارج ؟
■ انخرط كثير من رجال الأمن بالعمل في التجارة وذلك لتعاطف بعض الدول مع القضية الفلسطينية، ومنحهم تسهيلات إستثنائية عديدة للفلسطينيين، ومن ثمة لحصانتهم وتمتعهم بالإعفاء من الضرائب والجمارك الخ.. ومنهم من أصبح منفصم ومشتت الولاء بعد أن حصل على جنسية البلد المضيف، واستغلوا مناصبهم وتمثيلهم لتمرير مصالحهم الشخصية. وتوثقت علاقات هؤلاء مع التجار المحليين على حساب علاقاتهم بأفراد الجالية الفلسطينية، فكيف سيتفرغون لخدمة أبناء الوطن؟
■ بعض عناصر أمن سفارة لنا في أسيا اقرضوا السفير هناك كثير من الأموال عندما إحتاجها للعب القمار، وصاروا لاحقاً يستغلونه ويبتزونه لتحقيق ما يريدون، ومات السفير مديوناً حسب شهادات وأقوال بعضاً من أهلهِ، وهذه أساليب غير أخلاقية، لا ادري أهدافها!
■ يتعرض بعض أبناء الجالية الفلسطينية إلى عمليات ابتزاز أحياناً عندما يريدون تجديد جوازاتهم أو استخراج أوراق ثبوتية، بالطلب منهم معلومات أثناء عمليات التحقيق في غرف السفارات، والبعض يهددهم بسحب منحهم الدراسية! وللأسف يتم إمداد هذه المعلومات إلى أمن البلدان المضيفة. فهل هذا الإجراء سليم وقانوني ووطني؟ لا اعلم أي جدوى لهذا الإجراء!
■ بعض رجال الأمن يعملون في التهريب ويلحقون الأضرار باقتصاد البلد المضيف، إضافة إلى تركهم للأبواب مشرعة أمام من يطبع مع مؤسسات إسرائيلية لهم معها علاقات وطيدة، مما يلحق الأذى بالبلد المضيف وبالقضية الفلسطينية معاً.
■ تعرض الكثير من أبناء الجالية للضرب بالأيدي من قبل بعض رجال الأمن، ومنهم أصدقاء في قبرص اليونانية والباكستان وبعض دول أوروبا ولم تتم المحاسبة، واغلب التحقيقات تمت تسويتها ودياً مما جرأ الكثير على تكرار الأخطاء والتجاوزات.
■ بينما اعرف كثير من النماذج الراقية لعناصر الأمن الذين تربطني بهم علاقات طيبة، فهناك عناصر أخرى منفلتة عابثة، تعمل على توتير العلاقات بين أفراد الجاليات الفلسطينية في الخارج وبين السفارات، وتزداد الهوة بين الطرفين حتى إن الجاليات بدأت تشكل مؤسسات موازية، بمعزل عن السفارات، وطفا على السطح حجم الصدام في برامج ونشاطات الطرفين، مما يشوه الصورة الفلسطينية في الخارج. بل وردتني كثير من الشكاوى بأن بعض العناصر تستغل حاجة بعض أفراد الجالية ويبيعون جوازات السفر مقابل مبالغ كبيرة.
لقد قامت مؤسساتنا الفلسطينية في الداخل والخارج بعدما دفع الشعب الفلسطيني أثماناً باهظة من دمه وماله ووقته ومستقبل أبناءه في سجون الاعتقالات الإسرائيلية، فكان على هذه المؤسسات أدوار ومهام عديدة على رأسها حماية الفلسطينيين ودعمهم وتوفير الأمن وبناء الإنسان الفلسطيني ليستطيع مقاومة الاحتلال والتصدي لمشاريعه.
سيادة اللواء، إن كنت تعلم بهذه التجاوزات فتلك مصيبة، وأن كنت لا تعلم، فاني أزيح هذا العبء الثقيل عن كاهلي، و أضعه بين أيديكم، و أرجو التكرم بالنظر لهذه النقاط الهامة، لأنها تمس حياة وأمن وكرامة كل فلسطيني في الخارج، واعرف بأنه يتم حجب عنك كثير من هذه الروايات، لذلك تجشمت معاناة الكتابة في هذه العناصر الخطيرة، وأتحمل كامل المسئولية عن كل ما كتبته. والحل باختصار يكمن في تشكيل لجنة من 5 شخصيات وطنية محترمة، (سأرشح لك أسمائهم في مقالي القادم)، يتبعون لمؤسسات مختلفة، ليست من ضمنها وزارة الخارجية، تسافر وتتابع مع الجاليات وتضع تقريرها لحضرتكم كل شهر أو ربع عام عن مختلف السفارات وأمنها، من اجل رأب الصدع وإزالة الاحتقان بين الجاليات وبين رجال أمن السفارات بمحاسبة المخطئين منهم.
فلسطين- غزة
فهمي شراب