إن الإتفاق الأخير التي عقدته روسيا مع إسرائيل بشأن التفاهمات على تقسيم أدوار الصراع على أرض سوريا , يؤكد لنا أن طموح روسيا في سوريا مختلف تماما عن طموح إيران وحزب الله , ومن السهل جدا أن هذا التحالف ينتهي بأقرب وقت ممكن , وقد ظهرت ملامح ضعف هذا التحالف قبل أسابيع تقريبا , عندما ضربت إسرائيل القواعد الإيرانية في سوريا وروسيا لم تحرك ساكنا , فكانت هذه بداية التراجع في الموقف الروسي تجاه حلفاء بشار في سوريا .
وأهم ما جاء في الإتفاق هو أن تترك روسيا الحرية الكاملة لإسرائيل لضرب إيران على أرض سوريا متى شاءت , وهذا يعني أن روسيا باعت إيران لإسرائيل وحلفائها , وبالتأكيد أن هذه الصفقة لها ثمن كبير وأسباب كثيرة .
بالأمس كانت روسيا ضمن منظومة الدفاع عن بشار الأسد , وكان هذا الدفاع يتمثل في الدعم بالأسلحة النوعية والذخائر والطائرات والدبابات والخبراء العسكريين وما شابه , واليوم نجد روسيا ضمن إتفاق مع إسرائيل يتيح للثانية أن تضرب إيران على أرض سوريا متى شاءت دون أن تتدخل روسيا , وربما غدا نجد روسيا ضمن الحلف المكون لضرب بشار الأسد ,
وفي هذا الملف قد نجد السؤال واحد , لماذا روسيا باعت إيران لإسرائيل ؟ الإجابات على هذا السؤال كثيرة وهي بالأصل تتعلق بطموح روسيا المختلف عن باقي الدول المتحالفة لحماية بشار الأسد .
أولا : روسيا لم تدخل في التحالف للدفاع عن نظام بشار الأسد لنفس الأسباب التي دخلتها إيران وحزب الله , فهناك فرق لأن إيران وحزب الله يدافعون عن بشار لأسباب عقدية وهي الفرقة الشيعية العلوية التي تجمعهم سويا وتحت راية مشروع واحد وهو المد الشيعي في المنطقة , وبالطبع روسيا ليس لها علاقة في هذا التحالف العقدي , وتحكمها مصالح خاصة بها وحدها و طموحها كدولة عظمى ولها نفوذها , ومن السهل جدا أن تترك روسيا هذا التحالف المبنى على المصلحة المادية لتتجه لمن هو فيه منفعة أكثر لها .
ثانيا : في الفترة الأخيرة شعرت روسيا بأن من الممكن أن إيران تسرق الأضواء لصالحها على الساحة السوريه , وأن تكون إيران هي المتحدث الرسمي بإسم سوريا وكل الأنظار تتجه الى إيران , وهذا بالطبع لا يرضي طموح روسيا فجميعنا نعلم أن روسيا أرادت أن تكون هي المتحدث الرسمي بإسم سوريا , وهي من تحكم وتتحكم في مستقبل ومصير سوريا , ولكن ظهور إيران بقوة على الساحة السورية قد لفت الأنذار من المسرح الروسي الى المسرح الإيراني , وقلل من فرصة إيران لتكون هي وكيلة سوريا في المنطقة , وبالطبع هذا أدى الى تراجع روسيا في موقفها وجعلها تبحث عن ما هو الأكثر فائدة لطموحها في المنطقة .
ثالثا : روسيا دولة دائمة في مجلس الأمن ولها نفوذها في القانون الدولي , وهي من صناع القرارات في العالم , وكونها دخلت في منافسة سياسية مع الولايات المتحدة على أرض سوريا فهذا لا يعني أن تتخلى روسيا عن نفوذها في مجلس الأمن , وأن تتخلى عن منظومة صناعة القرار التي تتمتع بها من أجل سوريا , فمن الواضح أن دخول روسيا في ملعب الدفاع عن بشار كان لمجرد عرض العضلات فقط , وأعتقد أنه سيكون بشكل مؤقت , ومن الممكن أن نشاهد إنسحاب روسيا من سوريا بشكل تدريجي لا يلفت النظر .
رابعا : علينا أن نعلم جيدا أن اللوبي اليهودي يلعب من تحت الطاولة , وله نفوذه الخفية في العالم , وبالتأكيد روسيا وقعت في شباك اللوبي اليهودي كما وقعت الولايات المتحدة وبريطانيا من قبلها , فمن المعروف أن اللوبي اليهودي يعمل ليلا ونهارا لتحقيق طموحات إسرائيل في أي مكان في العالم , فما لا تستطيع ان تحققه إسرائيل كحكومة في العلن , قد يحققه اللوبي اليهودي في الظلام , وهذا الإتفاق بين روسيا وإسرائيل بالإضافة الى الأسباب التي ذكرتها لا يخرج من مطبخ اللوبي اليهودي .
برأيي أن روسيا ستنسحب من المشهد السوري في الايام القادمة بشكل تدريجي وغير ملفت للنظر , والسبب الرئيسي وبغض النظر عن باقي الأسباب , هو أن إيران إستطاعت أن تسرق دور النجومية من روسيا على المسرح السوري .
الكاتب الصحفي : أشرف صالح
غزة – فلسطين