يا دَرَكي يا إبن عمي همَك أكبر من همّي ..

بقلم: اماني القرم

بالنسبة لنا كفلسطينيين، نشعر دوما أن الأردن ومصر هما جناحي الحماية لفلسطين، وما يحدث في القدس أو غزة أو رام الله يُسمع في عمان والقاهرة والعكس صحيح ، فهذا التشابك التاريخي والجغرافي والعضوي يجعل المصير واحد والحرص واجب.. والتجاوز إلى ما أبعد من مصر والأردن نتيجته صفر مربع كما دلّت تجارب من حاولوا ومن سيحاول...

وعليه فإن ما يحدث من احتجاجات في هذا البلد الحبيب، هو أمر يهمنا كشعب فلسطيني ويعد مثار قلق وخوف على سلامة وأمن البلاد. آملين ألا تشهد هذه الاحتجاجات أية اختراقات من طابور خامس وسادس يهدف إلى إزاحتها عن هدفها الحقيقي وأخذ الأردن معها لا قدّر الله .. ولكنني في المقابل لا أملك إلا أن أكون منحازة دومًا للشعب ولمطالبه العادلة وهذا في المطلق، وضد أية قرارات يمكن أن تمس قوت الناس ولقمة عيشهم. والحقيقة أن هذه الاحتجاجات ليست وليدة لحظتها أو اندلعت جراء قرار واحد، فمنذ يناير الماضي والحلقة تزداد ضيقا على المواطن الأردني البسيط وتحديداً منذ قرار رفع الدعم عن الخبز وما تبعه من سلسلة قرارات أخرى تعد نتيجة حتمية للسياسة المالية التقشفية التي تتبعها الحكومة تنفيذاً لشروط القرض الذي حصلت عليه الأردن من صندوق النقد الدولي قبل ثلاث سنوات من أجل القيام بإصلاحات اقتصادية.

عادة ما تلجأ الدول إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي للحصول على سيولة نقدية لسد العجز في الفجوات المالية أو لدفع عجلة النمو وتحفيز الاقتصاد. والقرض بالمناسبة ليس وجبة مجانية بل له شروط محددة وملزمة للبلد المقترض مثل أي قرض بنكي يأخذه انسان عادي. فالحصول على أموال الصندوق يتطلب من البلد تحمل شروط معينة أبرزها تقليل النفقات الحكومية بمعنى اتباع الحكومة سياسة مالية تقشفية ترفع بها الدعم عن سلع أساسية، مع زيادة أو فرض ضرائب على سلع أخرى. مما يقود إلى زيادة في الأسعار تجعل المواطن البسيط لا يستطيع تحمل نفقات المعيشة، كما يمكن أن ينخفض مستوى الطبقة المتوسطة لتصبح فقيرة. ولتفادي الآثار السلبية لشروط قرض البنك يتوجب على الحكومات بناء شبكات أمن اجتماعي ومد جسور من الثقة والشفافية بينها وبين المواطنين. لا أن يشعر المواطن أنه يتحمل وحده فاتورة الإصلاح، فتجارب الدول النامية مع صندوق النقد الدولي ليست براقة.

وما زاد الطين بلة أن الأردن بحكم حساسية موقعه يتحمل تبعات سياسية لها أبعاد اقتصادية جراء أزمات إقليمية كالأزمة السورية، والتحالفات الجديدة في الخليج بعد أزمة قطر وما يترتب عليها من اختلاف الرؤى والنهج. ولذا فإن على الدول الخليجية تحمل جزء من أزمة الأردن الشقيق ودعمه أمام التحديات..

تحية للشعب الأردني ولحضاريته في احتجاجاته التي شعارها الوحدة بين المواطنين وهمومهم. ونسأل الله أن يحفظ الأردن ومصر وكل الدول العربية من أي سوء..

بقلم: د. أماني القرم

[email protected]