حماس بين الإنجاز والإخفاق في السلطة“

بقلم: عبد الكريم شبير

 لقد وصلتني رسالة من صديق يطلب منى الإجابة على بعص التساؤلات وهذه نص الرسالة:

أخي الحبيب تحياتي... برجاء الإجابة عن التساؤلات التالية: بعد أكثر من عشرة سنوات قضتها حركة حماس في صدارة مشهد الحكم والسياسة؛ ما الذي تراه إنجازاً وطنياً أو العكس؟ ولو جرت انتخابات جديدة، وجاءت الفرصة لحركة حماس لمعاودة الظهور في قيادة المشروع الوطني، فما الذي كنت ستسديه لها من نصائح وتوجيهات؟ دمتم.. رمضان كريم....

     إنَّ تلك التساؤلات جعلتني استرجع السنوات الصعبة التي مرت على شعبنا الفلسطيني الصابر والمرابط في غزة؛ حيث سطر فيها أعظم البطولات بالصمود والمقاومة لأعتى وأرهب جيش يمارس أخطر الجرائم ضد الأطفال والنساء والشيوخ من المدنيين العزل؛ المحمين بقوة القانون الدولي وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة، وقانون حقوق الانسان، ورغم ذلك واحتراماً لصديقي العزيز قمت بالرد على رسالته محاولاً إيجاز أهم ما تحقق من إنجازات وأهم ما حدث من إخفاقات لحركة حماس في مرحلة تولت فيها حُكم غزة خلال ما يزيد عن عشر سنوات كانت فيها موجودة في هرم السلطة بقطاع غزة العزيز.

 فكتبت الرد في هذه المقالة على عجالة؛ المتضمنة لمحورين، وأيضاً نصيحتي لهذه الحركة التي تعتبر جزء من مكونات الشعب الفلسطيني فيما لو قُدر لها الفوز في الانتخابات مرةً أخرى.

 أولاً: أهم الإنجازات التي حققتها حركة حماس لصالح سكان قطاع غزة وهي في هرم السلطة تمثلت في:

١- ضبط الأمن وإنهاء حالة الفلتان الأمني، والسيطرة على السلاح الغير قانوني والغير شرعي الذي كان منتشراً في القطاع.

2- الإفراج عن عدد من الأسرى والمعتقلين والرهائن من سجون الاحتلال الصهيوني عبر إبرام صفقة وفاء الأحرار "صفقة شاليط "؛ حيث تم الإفراج عما يزيد عن ألف أسير من سجون الاحتلال الصهيوني.

3-ضبط الحدود المصرية الفلسطينية والسياج الأمني، والسيطرة الفعلية عليهما بعدم السماح لأحد من الاقتراب منهما أو تجاوزهما.

ثانياً: أهم ما حدث من إخفاقات لحركة حماس أثناء وجودها في السلطة تمثلت في: -

1 تنفيذ شارع جكر الذي يُعتبر شارع إقليمي يربط قطاع غزة بالإقليم كشارع صلاح الدين، وشارع الرشيد؛ مع أن الشهيد ياسر عرفات (أبو عمار رحمه الله)؛ كان يرفض تنفيذه بالشكل الذي تم تنفيذه من قبل سلطة حماس؛ وكان أبو عمار يطالب الكيان الصهيوني بتنفيذه شرقي السياج الأمني وليس غربيه.

2- زيادة نسبة الفقر والبطالة والهجرة لخارج فلسطين بنسبة كبيرة لأسباب ليس مجالها الآن.

3- تحميل المواطن في قطاع غزة أعباءً والتزامات الدولة؛ فأُجبر الموطن على توفير أهم ضروريات الحياة؛ مثل الكهرباء والمياه والعلاج وخلافة من التزامات السلطة.

3- فرض الضرائب على المواطنين بدون سند قانوني لتوفير الرواتب لموظفيها؛ متجاهلة الوضع الاقتصادي المتدهور في القطاع، وعدم وجود دخل لنسبة كبيرة من المواطنين بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة، وبسبب وجود حماس في السلطة.

4- بسبب الانقسام والحصار وأزمة الكهرباء؛ تم تدمير الوضع الاقتصادي؛ فتضرر التجار ورجال الأعمال وأصحاب المصانع والمعامل وخلافه، واعتقال التجار بسبب رجوع الشكات المالية لعدم وجود رصيد.

5- بسبب الانقسام والحصار أصبحت الرواتب والتحويلات الطبية للمرضى من أخطر المشاكل وأعقدها على مواطني قطاع غزة.

6- الإعدامات الميدانية، والاعتقالات السياسية نتيجة الاختلاف الفصائلي أو السياسي بين حركتي فتح وحماس.

7- كثرة خرجي الجامعات، وعدم وجود وظائف، وعدم القدرة على بناء المؤسسات الوطنية بالشكل الدستوري والقانوني السليم.

 8-انتشار ظاهرة المخدرات والعقاقير المخدرة.

9 -الاعتداء على الأملاك والمرافق العامة؛ حيث قام بعض المواطنين بسرقة الأموال والأراضي الحكومية؛ مثل مرفق المطار، والتعديات على ممتلكات وأراضي الحكومة.

 10- ضرب المسيرة التعليمية بتحويل التعليم لمشاريع خاصة واستثمارية.

11- انتشار ظاهرة التسول؛ حيث الأطفال والنساء يتسولون بسبب الحروب الثلاثة التي شنها الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة، وما فعله الانقسام من مظاهر أدت إلى فقد العديد من وظائفهم ومدخراتهم وغير ذلك.

12-توقف المسيرة الديموقراطية، وعدم إجراء الانتخابات لمدد تزيد عن فترتين متتاليتين.

13- عدم قدرة حركة حماس على عمل وإنشاء علاقات إقليمية، ودولية مع العالم بسبب نهجها وتوجهاتها، وأيضاً بسبب صعودها المفاجئ للسلطة، وعدم جهوزيتها، وكذلك عدم وجود خطة لكيفية إدارة مؤسسات السلطة، وكيفية التعامل دبلوماسياً وسياسياً مع المجتمع المدني والمجتمع الدولي.

وأخير ان كان لي من نصيحة اقدمها لحركة حماس إن قُدر لها أن تفوز في الانتخابات القادمة أن لا تكون في الحكومة؛ وعليها أن تبقى في المعارضة، وتمارس دورها في الرقابة على الحكومة ومؤسساتها والتشريعات التي يصدرها المجلس التشريعي، وإقرار الموازنة التي تطلب الحكومة من المجلس التشريعي أن يتم التصويت عليها لإقرارها، وأن وجودها في  الحكومة أو المعارضة يُعتبر جزءاً من الشراكة السياسية، وبذلك تضمن حقها الدستوري والديمقراطي في المشاركة السياسية، وبذلك يكون من حقها دعم أي كتلة برلمانية في المجلس التشريعي أو في الحكومة، ومن حقها أن تعقد تحالفات مع القوى والكتل البرلمانية الأخرى داخل المجلس التشريعي، وبذلك تشرعن حقها بإنشاء علاقات إقليمية ودولية مع كل دول العالم والمنظمات الدولية بالعالم.

 

 بقلم/ د.عبد الكريم كامل شبير - الخبير في القانون الدولي