{الحبُّ متعته أنْ تَنْجَرِحَ مِنْ وَجَعِ اللّذّة!}
(1)
أناديها: ارتعشي عليّْ
وكوني كلّ شيء فيّْ
واكتبي سطرين في جسدي على وثيرٍ عسجديّ
فكلّ ما في الكون يغدو هائما بين يديّْ
(2)
هوت عواصفها
تهاوت مثل عاصمة فتحت مساربها
وأجرت في بهاء اللّيل نهريْها
وأروت شفتيّْ
(3)
ما بين ملابسٍ شفّافة نشوى
وبين أصابعي عدوى عدوّ شرسٍ
حرَري الأعضاء من غُرَزِ الخيوطْ
واغزلي جسدي قطعتين صغيرتينِ:
واحدةً لزرّ الوردْ
وأخرى هاربةً لطير الصّدرْ
وغطّيني بشعركِ اللّيليّْ
أستحمّ بلونِ زهرْ
(4)
تعالِي استعمري لغتي
وغنّي لي أغانيَ حبّْ
تعالَيْ
واسكبي هذا الرّحيق على ليلٍ وقطعة نردْ
تعاليْ
وازرعي نهديكِ في صدري بحق الرّبّْ
تعاليْ
والبسي عُريي بعمق القلبْ
تعاليْ
أستلذَّ بحدّك الماسيّ كي أحظى بعنفِ الرّدْ
تعاليْ
فالهوى يشفى على ثغرٍ تعمّد بالتحام الحدِّ تحت الحدّْ
(5)
انعجني فيّ بعنفْ
واتركي اللّطف لأصحاب الصّورْ
وانثري شبق الضّرامِ على هذا الجسدْ
وارتحلي كلّ مساء في مساماتي
ألفُ عامٍ ليس تكفي كي أعيد بناء ذاتي
أيّتها اللّذةُ انهمري عليَّ
وحلّليني
فكّي من يديَ الضّعيفةِ كلّ قَيْدْ
حرّري هذا الضّبابَ من الكثافةِ
واغسليني
واعتلي برجي المغمّس بالنّدى
وانتصبي مثل ضوء باذخٍ يُهدى
بعَرْف النّدّ
أحبٌكِ أيّتها المذوبة في دمي كدفقةِ شهدْ
(6)
قليلُكِ النّهــرُ يـجري في
شــراييني
فهــاتِ كـــأسَكِ رشفاتٍ
تُــــروّيني
لا أطلبُ الكلّ يكفي الرّوحَ
دفءُ يدٍ
فاللهُ يعلــم شوقَ الكــــــافِ
للنّـــونِ
(7)
هيّئي لي فراش اللّذة الكبرى
أصارعُ موج بحركْ
أستغيث رائحةَ المجون على مجونكْ
أركبُ قارباً من صنع سحر يدكْ
إلى عمق المحيطِ اللّولبيّ على مشارف حبّتين من ثمركْ
أسبحُ في الشّبقِ اللّانهائيّْ
وأرمي كلّ أوجاعي لأسماك البحار الجائعةْ
كلّما عاينتُ أرضَ النّهر والمجرى
استعدتُ عميق دفئكْ
(8)
نهداكِ يأتلقان مثل ضوء الفرقدِ
ويختمران نهر حياةْ
وزهرة ثغركِ الوردِيّ
زغاريدٌ بعزف الآهْ
فكرة تصحو بألفيْ رغبةٍ
تلملمني كما زبد المياهْ
(9)
مثل النّهار جديدةٌ
مثل السَّماء مديدةٌ
مثل الرّياح عنيدةٌ
مثل الملاك بهيّةٌ
مثل الغزال شريدةٌ
مثل الضّياء نقيّةٌ
مثل المعاني الغامضاتِ شهيّةٌ
هي كلّما حكّ اشتياقي شهوتي
طارت حماماً وامتقعتُ بأنّتي
(10)
قبل أن ينبتَ عمري في متاهات التّعرّي
لم أكن أدري
كنتُ مشغولاً أغنّي:
"لستُ أدري، لستُ أدري"
جئتِ نصّاً فلسفيٍّاً شارحاً عقلي وصدري
صرتُ أدري "أنّني بالفعل أدري"
أَوَتدري يا الحبيبةُ أنّكِ الوحيُ؟
أتدري؟
(11)
حالة منّي كأنّكَ بعضي
لا، فإنّكَ أنتَ إنّي
مجبولةٌ خُصلُ الشَّعر على إصبعيكَ
كجملةِ شِعري!
منذورةٌ غيمتي في الرّبيع على قافيتينْ
ولحنُ نايكَ فَنّي
مصقولةٌ تلك المسافةُ بيننا
فكأنّه
بل إنّه لا شيء بيني وبيني
فيكَ منّي ليلتان طويلتان
بل طول دهرٍ
وفرحُ كأسٍ يغنّي
(12)
وأنا المجرّد منّي
المعاد ترتيبه على وهنٍ كأنّي
حفنة من شظايا
ورشفة من خمر دنِّ
(13)
سأكون نهر إيقاعٍ فأجري المياه على صدرها
في تربة لحمها الفضيّ أغمسُ قافية القصيدة
أجتازها
حاملا مائي المقدّسْ
أعجنُ الطّين بالطّينِ
أتلو على مسامعها المزاميرْ
"داود" يأتي هنا ليغنّي لها مقطعين من لغة "الزّبور"
سأكونُ كما السّكونْ
واقفا مثل عصفور على خصلة شَعرها الذّهبيّ
وتنتهي لغتي إلى حرفينِ
يبتلّان في ماء الذّهولْ
أصبحُ الشّاعرَ النّهرَ هناكْ
وتكتملُ الحقيقةْ…!
(14)
أحبّك أيّتها الخضراءُ
مثلُ الشَّجرةْ
الممنوحةُ ألقاب اللّغات الخُضرِ
في عناوين الكتبْ
الممزوجةُ من مجاز ومطرْ
أسطورة على ضفافِ الأنبياءِ
جرياً في نَهَر!
أيّتها الصّورةُ الأيقونةُ الحرْفيّة اللّا تُعرّف في اختبارات الصّورْ
أيّتها الأثيرة كالصّباح الحلو يُغرق صورتي
لغتي
فيضُ القمرْ
أيّتها العصفورةُ النّاعمة الرّوح
والملمسُ الضّوءْ
تعلّقُ لون ريشتها عليّ
غيما وأشعارا وظلّا من شجرْ
(15)
أحتاج لأكثركْ
أحتاج دفء يدكْ
أحتاج بحراً هائجاً كيما يغرغرني الموجُ بعمق شهيتكْ
أحتاج ليلاً كاملاً
كي تنبت الأشجارُ أوراقاً على ضفافِ رهافتكْ
أحتاجُ ضوءاً هارباً من زرقة الأفلاكْ
لأشاهد الأسماءَ تتلى في اكتمال محارتكْ
أحتاج سمرتك الشّهيّة في دمي
كأساً لذيذاً في طقوس غوايتكْ
أحتاجني وتراً ونايْ
أحتاج أكثر أكثركْ!
(16)
هكذا
رفعتْ مقامَ قافيتي على كراسي العرشْ
"واستبدّتْ مرّةً واحدةً"
فكنتُ عرّافا غنائيّاً جميل الطّيْشْ
فراس حج محمد/ فلسطين
تموز/ 2018