واصلت المقاومة الفلسطينية ترسيخ معادلتها في ميدان الإشتباك مع الإحتلال الصهيوني , القصف بالقصف والدم بالدم , في الإعترافات الصهيونية قُتل ضابط صهيوني برصاص قنص شرق قطاع غزة , مع إستمرار مسيرات العودة وكسر الحصار , بحضور جماهيري واسع في جمعتها السابعة عشر " لن تمر المؤامرة على حقوق اللاجئين " , وتساقطت البلالين الحارقة بلا توقف على مستوطنات غلاف غزة ,تصاعدت في الوقت ذاته لهجة التهديد الصهيونية , والتلويح بالحرب الشاملة وإحتلال غزة ,وقادة الإحتلال الأكثر قناعة بصعوبة التوجه نحو هذا الخيار, بل إستحالة تحقيق ذلك لكلفته العالية وخسائره الفادحة.
تمسك المقاومة بمعادلة القصف بالقصف والدم بالدم , أكدته ميدانياً عبر قنص الضابط الصهيوني المحصن بالدرع الواقي الذي إخترقته رصاص قناص بارع , لتصل الرصاصة إلى مركز صنع القرار الصهيوني " الكابنيت " مفادها أن المقاومة في غزة لا تتحدث في الفراغ ولا تلقي شعارات جوفاء , بل تصنع معادلات الردع وتوزان الرعب برصاصها وصواريخها بالشكل والطريق التي تحقق المصالح الفلسطينية العليا وتحفظ دماء شعبنا الفلسطيني وتردع التغول الصهيوني على قطاع غزة .
الضابط الصهيوني الذي قتل على حدود غزة , كان يقف هناك ببزته العسكرية منذ أكثر من 100 يوم , يوجه رصاصات جنوده إلى صدور ورؤوس الأطفال والنساء والشبان بلا أدنى شفقة , لم يكن في نزهة عائلية عندما باغتته رصاصات القنص , بل كان يتلذذ في قطف الأرواح البرئية للفلسطينيين, الذين خرجوا في مسيرات العودة وكسر الحصار السلمية , مات هذا القاتل برصاصة أوقفت حقده , وقطعت أوامره التي يصدرها بالقتل للأطفال والشبان , وكما يقول المثل الجزاء من جنس العمل .
لقد أدارت قيادة المقاومة في قطاع غزة المعركة مع العدو الصهيوني , بكل إقتدار ومسؤولية عالية وحنكة وخبرة ميدانية ونظرة فاحصة للأحداث والتطورات , فلقد زاوجت بين العمل العسكري وما بين الحراك الشعبي السلمي , وحافظت على أدوات كل وسيلة ووظفتها بما يخدم أهداف شعبنا , فهي تدير مسيرات العودة وكسر الحصار بأدواتها الشعبية , وتكسب في ذلك مساحات تأييد وتعاطف لصالح القضية الفلسطينية , حيث عاد الإعتبار لها كقضية تحرر وطني يسعى أصحابها للعودة إلى ديارهم التي هجروا منها , وفي المشهد الآخر لم تخرس البندقية ولم تُعطل , بل كان لها بيانها الصريح ولغتها الفصيحة , التي رسخت معادلة القصف بالقصف فعندما كانت أصوات القصف تدوي في غزة , كانت تتبعها فوراً صفارات الرعب في مستوطنات غلاف غزة , يقول أحد المستوطنين " أصبحنا ندخل الملاجئ 20 مرة في اليوم الواحد " كما أن وزير الحرب الصهيوني ليبرمان عندما يتحدث في زيارته لمستوطنة "إسديروت" عن تآكل قوة الردع الصهيونية , وهذا يفيد بإنتصار معادلة المقاومة في ميدان المواجهة مع الإحتلال .
خلال أسبوع واحد جرى التفاهم برعاية مصرية وأممية لوقف إطلاق النار مرتين, بين جيش الإحتلال الصهيوني و المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة, على قاعدة الهدوء مقابل الهدوء أو القصف بالقصف , دون أي إلتزامات أو أثمان سياسية من الجانب الفلسطيني , بقيت قواعد الإشتباك كما حرصت المقاومة على ترسيخها , وهي بذلك تؤكد على حقيقة تآكل قوة الردع الصهيونية , وهذه الحالة تقلق كثيراً أقطاب حكومة " نتانياهو ليبرمان " , بما تشكل هذه الحالة من مادة دسمة للمزاودات الصهيونية الداخلية في إطار الصراع السياسي والتنافس الإنتخابي , لذا في إعتقادي أن هذه التفاهمات هشة , وستعمد حكومة الإحتلال على تفجيرها والتنصل منها, في حالة تمكنها من صيد ثمين يرفع أسمهما أمام الجمهور الصهيوني , أو توفرت لها الظروف الملائمة لإستكمال عدوانها على قطاع غزة تحت غطاء الدعم الأمريكي والصمت الدولي والتخاذل العربي .
المؤامرة تزداد على قضيتنا وتستهدف وجودنا وطمس هويتنا الفلسطينية , ولازالت غزة بمقاومتها قلعة الصمود والتمسك بالحق الفلسطيني , فما أحوجنا إلى تلاقي الضفة الأبية بجماهيرها ومقاومتها لإشعال الإنتفاضة الشعبية , وأن تمتد مسيرات العودة إلى كافة الأماكن التي يتواجد فيها شعبنا في الداخل والشتات ليكتمل رفع الراية الوطنية , مع أهمية تعزيز الوحدة الفلسطينية على قاعدة الشراكة الوطنية مع تبني برنامجاً وطنياً موحداً يحمي حقوقنا ويرفع راية المقاومة في مواجهة الإحتلال الصهيوني من أجل إنتزاع حقنا في الحرية وكنس الإحتلال عن أرضنا الفلسطينية .
بقلم/ جبريل عوده