حوار مع السلفيين , هذا العنوان لا يغادر ذاكرتي منذ ظهر في وسائل الإعلام , وعلى لسان أحد القياديين في حركة فتح , عندما كانت المصالحة وصلت الى ذروتها وإقتربت من التحقيق النهائي قبل عدة شهور , وقبل عملية تفجير موكب رئيس الوزراء رامي الحمدالله , ورئيس جهاز المخابرات الفلسطينية ماجد فرج , وفي خضم المصالحة طلب أحد قيادات حركة فتح جميع الأطراف للحوار مع التيار السلفي في قطاع غزة , وذلك بعد إتمام المصالحة وعودة الأمور لشكلها الطبيعي برضاء كل الأطراف , وجاء هذا الطلب بناء على حسه الأمني والعالي المستوى وقوة بصيرته , وأيضا نظرته للمستقبل ومعالجة جميع المشاكل والتي من الممكن أن تظهر بعد إنجاز المصالحة .
لا زلت أحترم هذا القيادي رغم أنني لم أذكر إسمه , لأنه يدرك تماما أن التيار السلفي في غزة سيكون له تأثيرا على أرض الواقع , وتغيير بعض المعادلات من خلال ممارساته بكل أنواعها , وبناء على هذا التقدير طلب من جميع الاطراف المعنية أن تفتح حوار مع التيار السلفي في غزة , وفي رأيي أن هذا الطلب سليم ويخلوا من الشوائب , لأنه وفي حال المصالحة ستكون كل الفصائل متفقة وخاصة بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية , بإستثناء التيار السلفي في غزة بالتحديد , فهو يعمل بأيديولوجية مختلفة تماما عن باقي الفصائل الفلسطينية , وله توجهات ستكون خطيرة إذا ما تم إحتوائها من خلال حوار شامل يهدف الى توحيد البوصلة وجعل أهداف التيار السلفي وباقي الفصائل في إتجاه واحد .
من المعروف أن التيار السلفي في فلسطين وفي غزة خاصة ينقسم الى عدة توجهات , فمنها السلفية السياسية والسلفية الدعوية والسلفية الجهادية وهي الأخطر والأكثر تأثيرا , كونها ترتبط بالقاعدة وداعش وغيرها من التنظيمات الجهادية الموجودة في سيناء والخارج أيضا .
عندما نتحدث عن تقسيمات التيار السلفي في العالم وتوجهاته , وخاصة في فلسطين قد نحتاج الى مجموعة من المقالات , ولكننا بصدد علاقة التيار السلفي بالأحزاب الفلسطينية وتأثيره على القضية , فمن الواضح جدا أن التيار السلفي في واد وباقي الأحزاب الفلسطينية في واد آخر , وذلك لأسباب كثيرة قد تحتاج الى شرح طويل , ولكن إذا ما تم إحتواء أفكار هذا التيار السلفي بكل إتجاهاته ستكون هناك مشكلة حقيقية في عملية الإنسجام بينه وبين باقي الأحزاب الفلسطينية .
أرى أنه يجب الأخذ بكلام القيادي في حركة فتح والذي أوصى بالحوار مع التيار السلفي في غزة , وذلك لأساب كثيرة ومنها الدينية والسياسية والأمنية أيضا , ومن أهم الدوافع التي تقود للحوار تتعلق بالإقليم قبل الداخل , لأن التيار السلفي في الداخل له إرتباط وثيق بين التيار السلفي في العالم , وخاصة السلفية الجهادية والتي ترتبط مباشرة مع داعش والقاعدة وغيرها من الجهاديين في العالم وعلى رأسها سيناء .
بغض النظر عن صحة وعدم صحة توجهات التيار السلفي , فهو الآن أصبح فاعلا في المجتمع السياسي وله قوة في تغيير المعادلات على أرض الواقع , وخاصة بعد إنهيار الإخوان المسلمين في بعض الدول وعلى راسها مصر , ومن الطبيعي أن يكون هذا التفاعل له إمتداد في فلسطين وبالتحديد قطاع غزة , وأرى أن توصية الحوار مع السلفيين من جميع الأحزاب والقوي هي صحية بإمتياز ويجب العمل بها , وستكون أرض خصبة لتثبيت المصالحة في حال تمت , وستصب أيضا في توحيد الأفكار الحزبية الفلسطينية لتكون لها هدف موحد وفاعل .
أشرف صالح
كاتب صحفي ومحلل سياسي
فلسطين – غزة