انه مأزق غزة لجميع الأطراف ، لم يكن في حسابات الزمن و الوقت انتباها لقرار شارون الإنسحاب من غزة ، لماذا و في هذا الوقت بالذات ، اهو لاشتداد عمليات المقاومة ؟ او وجود المستوطنين في تكتل سكاني فلسطيني معزول ؟ ، ولو كان هذا صحيحا أليست مستوطنات الضفة في الخليل و مناطق اخرى في القدس هي موجودة في محيط و عمق تكتل سكاني فلسطيني ، ربما كل هذه الاسئلة التي كانت تحتاج الى اجابة من الطرف الفلسطيني اكثر من الحاجة لاجابة من الطرف الاسرائيلي ، وسؤال اضافي هنا هل فعلا لأن غزة في التوراة هي الارض الملعونة و المغضوب عليها من اسرائيل ؟!
شارون الذي عاند كثير من القوى الاسرائيلية و أصر على الانسحاب لم يفشل اوسلو فقط بل افشل برنامج منظمة التحرير الذي اعتمدته منذ منتصف السبعينات بحل الدولتين و القبول بدولة فلسطينية على حدود 67 ضمن اتفاق سلام و اعتراف كامل بالدولة الاسرائيلية ، شارون بخلفية دينية و خلفية سياسية ايضا و امنية انسحب من غزة ليس بقواه العقلية و الفكرية فقط بل بقوى فكرية صهيونية مساعدة ، اعتمد في ذلك على ارضية صلبة من تفهم القاعدة الثقافية الفلسطينية التي لم تفلح منظمة التحرير في توحيدها و توحيد فكرها و كذلك حركة فتح بكل ادبياتها و الميثاق وشموليته ، فهناك اختلاف في الثقافات بين الضفة و غزة اضفتها سنوات من اختلاف الأنظمة في الضفة و غزة بالاضافة الى العامل المصلحي و الاقتصادي الجغرافي ، هي تلك البذرة التي لعب عليها شارون في الانسحاب من غزة و تأسيس مبدأ الانقسام الفلسطيني الفلسطيني ، وان لم يظهر في القاعدة الشعبية فإنما كانت النخب في الفصئل هي المعبرة عن صحة تخيل شارون لمبدأ الانقسام الفلسطيني الفلسطيني بين الضفة و غزة .
اعتقد ان شارون و كثير من القيادات الاسرائيلية قد ايقنوا ضمن توجهاتهم التوراتية و الديموغرافية بأن الضفة بشكل او بأخر ستؤول للضم او بسلطات ادارية محلية فلسطينية تخضع امنيا و اقتصاديا لاسرائيل و مناخات الاقليم المجاور ، اما غزة التي هي تسبب مأزق للجميع الان لم تخرج عن الحسابات الاسرائيلية في صحة ووجهة نظر شارون و التي استوعبتها الادارة الامريكية بالضغط على محمود عباس لاجراء انتخابات تشريعية كان امرها محسوبا بالحسابات الامنية بأن فتح ستخسر معركة الانتخابات ، ففتح اعتبرت اوسلو نصرا و كانت مرحلة توزيع الغنائم و الثروة لمستويات قيادات فتح و كثثير من قيادات فتح تعاملت بمنطق جغرافي الا ان تلك القيادات قد حققت حلمها الذي فكرت فيه دائما و هي خارج الوطن بأن تستولي على القرار الحركي و قرار منظمة التحرير علما بأن اتفاق اوسلو كان مقترحا فقط غزة اولا و اضيفت اريحة على اعتبار ان الضفة الغربية لها برنامج منفصل عن برنامج غزة ، تأسس الانقسام في داخل حركة فتح و بشكل غير معلن و ان ظهر جليا في نتائج الانتخابات بين فتح و حماس ككل .
حماس فصيل حديث بنى تجربته على التجربة الفلسطينية و على اخطاؤها و اين اخطأت و اين اصابت ، و ان كانت حماس الان تتعرض لنفس الضغوط و التجاذبات الاقليمية و الدولية التي تعرضت لها منظمة التحرير و حركة فتح مع اختلاف ان حركة حماس تنظيم صارم قوي لن يسمح بالفئوية الجغرافية او التنافس بداخلها كما حدث في حركة فتح و الذي كانت نتيجته اختراقات اقليمية و دولية اثرت على البرنامج السياسي و على السلوك في داخل حركة فتح و منظمة التحرير .
اليوم تتكرر لقاءات المصالحة في القاهرة و القاهرة معنية لعدة اعتبارات لاحتواء التناقضات الفلسطينية الفلسطينية سواءا في داخل حركة فتح او بين فتح و حماس و خاصة ان التاريخ لا يمكن ان يعود للخلف ، ربما لقاءات القاهرة تختلف عن اللقاءات السابقة و تختلف عن اي حوارات حدثت سابقا لتحقيق المصالحة الفلسطينية الفلسطينية ، فهذه المرة و بعد انقسام دام اكثر من 11 عاما اسست فيه حماس اجهزة سيادية و قوى عسكرية و امنية لا يستهان بها و في الطرف الاخر اعتمدت فتح و مسؤوليتها عن السلطة في المدرسة الامريكية مدرسة دايتون لانشاء مدرسة امنية و عقيدة امنية وضع لها برنامج ثقافي مؤسساتي للحفاظ على السلطة ضمن البرنامج السياسي الذي افقه سلطة اوسلو ، و برغم ان الطرف الاسرائيلي لم ينفذ بندا واحدا منها خلاف للتعاون الامني ، وتجد السلطة نفسها و كما صرح قادة اسرائيل بأن ضمانة استمرار السلطة هو تنفيذا لمبدأ الامن و قمع النشطاء و اي فكر في التحول الى حركة تحرر وطني ، هذه نقاط اساسية تعمل عليها السلطة بأجهزتها ، اما في غزة مرة اخرى و ان كانت حماس فرع او تتبع للاخوان المسلمين و تتعرض لهجمة كبية منذ فوزها بالانتخابات التشريعية التي اسس لها شارون و الادارة الامريكية و هم يعلمون ان حماس ستفوز و ستحاصر غزة و ستخرج السلطة ضمن برنامج محدد لم يكن بعيدا عن محمود عباس و الجغرافيين في الضفة الذين وجدو تحقيق الانا في هذا الانقسام في 2007 ، فغزة تحكمها حماس و حماس خاضت ثلاثة حروب و الاسرائيليين يقولون بأن الحل العسكري مع حماس لن يجدي ولو كانت عملية كبرى و الاقرب التفاهمات مع حماس و هذا يعني ان حماس قوة سياسية اصبحت بديلا لمنظمة التحرير و تعمل بشكل مركزي بعد ان فقدت السلطة كل اوراقها و اوراق قوتها و اصبحت السلطة في الخط الزمني محكوم بالمخطط الاسرائيلي في الضفة و هذا سينتج حلا طبيعيا بشكل تلقائي مع خطوات الحصار الى فك ازمات غزة الانسانية التي تتبناها الان الامم المتحدة و اسرائيل و امريكا و الروس و دول الاقليم .
التحرك المصري تجاه المصالحة و ان كانت رغبة مصرية فقد عملت مصر على اخذ مصادر الدعم من عناصر القوة و اطرافها في الازمة كما قلت امريكا و اسرائيل و روسيا و دول اقليمية
اذا غزة هي مركزية الفعل و العمل للمستقبل السياسي و الامني القادم و ان اخذ في بدايته الحل الانساني ضمن مشاريع محددة التي ستكون حماس طرفا رئيسيا فيه بل في المستقبل القريب ستكون كل فئات الشعبا فلسطيني في غزة معنية بالمشاركة في الحل السياسي القادم .
ما تتضمنه الضغوط على اطراف الانقسام يقع في مربع ان الازمة الفلسطينية و القضية الفلسطينية يجب ان تحل ضمن معايير المتغيرات الاقليمية المحيطة بقلسطين و من هنا قضية اللاجئين يتم تذويبها و قضية الحقوق و قضية الدولة ذات السيادة فالمطلوب الان تبقى هوية السلطة كما هي مرحليا و ان كانت الانتخابات التشريعية و الرئاسية لن تنهي الازمة و لكن مرحليا قد يكون هذا الشعار مطروحا لتذويب بعض الخلافات مع ضمانات لحماس ان تكون شريك فعلي و مؤثر بحكم فاعليتها في قطاع غزة و هذا لن تتنازل عنه حماس و لن تدير مصر ظهرها له مصر بحاجة لقوى حماس الامنية و الانضباطية و" كما قال الرئيس السيسي ان بالامكان ان يكون هناك حل سياسي في المنطقة ليس ضد مصالح اسرائيل الامنية و لكن غزة ليست هي كل فتح و حماس" وهناك قوى اخرى و منظمات مجتمع مدني و قوى مستقلة في غزة سيكون لها الشريك ايضا في اي حل ، اذا نحن مقبلين على حل سياسي يتوافق مع اطروحة المصالحة و غزة لها النصيب الاكبر في المؤثر و التأثير .
سميح خلف