عدة لجان رسمية وشعبية تم تشكيلها خلال السنوات الماضية من أجل وباسم القدس. وضمت معظم هذه اللجان شخصيات نحترمها ونكن لها كل التقدير. ومجالس هذه اللجان تجتمع بين فينة وأخرى، وتصدر بيانات ونداءات، وكذلك ادانات للاجراءات والمخططات والمشاريع الاسرائيلية التي تهدف الى المزيد من تهويد لمدينة القدس وما حولها.
وهذه اللجان تفتقر الى الميزانيات للقيام بمشاريع حيوية للحفاظ على الوجود العربي في المدينة، وتفتقر الى خطط استراتيجية فعّالة لمواجهة الاجراءات الاسرائيلية الفعلية المطبقة والمنفذة على أرض الواقع. ويشعر ابن القدس بأن هذه اللجان "اعلامية"، ولاظهار الاهتمام الرسمي بالقدس، ولكن على أرض الواقع لا تفعل شيئاً ملموساً، ولا تعزز الوجود العربي، بل بصورة غير مباشرة تشكل له عبئاً ثقيلاً في الحفاظ على وجوده، ومزيداً من المعاناة في مواجهة الاجراءات والقرارات والقوانين الاسرائيلية النافذة والمطبقة على أبناء المدينة العرب جميعاً!
عندما يتم الاعلان عن تشكيل لجنة لدعم القدس، وفي خارج القدس، واعضاؤها ليسوا من القدس جميعاً، تقوم اسرائيل بسلسلة اجراءات وقائية ضد هذه اللجنة من خلال منع فتح أي مكتب لها داخل مدينة القدس، وترصد فوراً المزيد من الأموال الاضافية لتنفيذ مشاريع استيطانية وغيرها لتعزيز الوجود اليهودي في المدينة، وكذلك القيام بسلسلة من المضايقات والمداهمات لتجار وأبناء المدينة رداً على تشكيل مثل هذه اللجنة التي هي اسمية وشكلية وليست فاعلة.
ولا بُدّ من الاعتراف والقول بكل شجاعة وجرأة ووضوح أن معظم هذه اللجان هي بالفعل لجنة واحدة، لأن العديد من الشخصيات هم أعضاء في كل هذه اللجان، ولذلك فالأفضل تشكيل لجنة واحدة فعّالة مع ميزانية مرصودة لتنفيذ خطة عمل واضحة وهادئة لا تحتاج الى دعاية. فأي لجنة تعلن أنها ستفعل الكثير، فهي لن تفعل شيئاً لأن العمل الهادئ والفعّال أفضل من بيانات وتصريحات لا تفيد بل تعيق النضال للحفاظ على الوجود العربي.
لقد سمعنا عن تخصيص عشرات الملايين من الدولارات للقيام بمشاريع في القدس، ولكن لا يلمس المواطن المقدسي بوجود دعم.. فقبل مجيء السلطة الوطنية الى الوطن، كانت القدس تعج بالمؤسسات العديدة، ولكن اليوم معظم هذه المؤسسات اغلقت بأمر من الاحتلال أو نتيجة تقصير في توفير الدعم لها.. وكذلك تقصيرنا تجاه القدس أدى الى دعم اجراءات التهويد وخاصة في مجالات عدة ومن أهمها التربية والصحة.
نرحّب بالاهتمام بالقدس، ونرحب بتشكيل لجان دعم حقيقية، ولكننا نرفض أن تكون "القدس" كتفاً يتسلق عليه الانتهازيون للحصول على أموال لا تصرف إلا على برامج تخدم فقط فئة ما، ولا تخدم أبناء القدس جميعا..
تحتاج القدس الى أفعال وليس الى أقوال، تحتاج الى خطط مدروسة ومشاريع حيوية، تحتاج الى الكثير من العمل. ولكن هل هناك من يلبي ولو جزءاً مما يحتاج اليه أبناؤها، وتحتاج اليه المدينة نفسها.
بقلم/ جاك خزمو