القصة بدأت بالإنقسام الجغرافي والإداري بين الضفة الغربية وغزة في 14/6/2007 وحكمت حماس غزة إلي الآن وتقلص حكم الرئيس عباس للضفة الغربية فقط مع الأخذ بعين الإعتبار التقليص المتواصل من قبل الإحتلال للسيادة والسيطرة المصادرة أصلا بحكم إتفاق أوسلو التي تستبيح حتي عاصمة أو مركز النظام في رام الله.
في المؤتمر السادس تغيرت خارطة فتح وأصبح نهج وإدارة وإرادة الرئيس عباس تتعمق شيئا فشيئا وبدأ يثبت أقدامه بتشكيل قيادة جديدة للحركة ليست في حالة موالاة كاملة للرئيس ولكنها بدأت بمجموعة مختلطة غلب عليها هيمنة الرئيس وكانت تلك هي الفترة الذهبية لحكم الرئيس عباس حتي العام 2011 وقبل إنطلاق الربيع العربي بقليل دب الخلاف بين الرئيس والقائد الألمع في هذه القيادة في تلك الفترة وهو النائب في المجلس التشريعي وعضو اللجنة المركزية في حينه السيد محمد دحلان وهناك كان الخطأ القاتل الذي وقع فيه أعضاء اللجنة المركزية أعلي هيئة تقود تنظيم فتح في ذاك الوقت وتلك هي التي أسست لأزمات الشعب الفلسطيني الآنية تماما مثلما أسست كتلة فتح في المجلس التشريعي الأول لمرحلة الإنقسام حين رفضت إقرار القانون النسبي الكامل لمصالح ذاتية وفئوية فتفاجأوا بفوز حماس بالأغلبية فكان الآنقسام.
هذه اللجنة المركزية/المؤتمر السادس ومن تبعتهااللجنة المركزية/المؤتمر السابع ومعهم قيادة الإنقلاب الحمساوي في عزة هم من أورثونا حالة الضياع التي يعيشها الشعب الفلسطيني.
اللجنة المركزية المنبثقة من المؤتمر السادس هي بضعفها وأخطائها من أسس لإستمرار أزمة فتح وأزمة النظام السياسي بمجمله التي نحن بصددها الآن حيث لم يدركوا سلوك الرئيس مع بدايات أخطائه الجسيمة وتوقيتها حين ساند غالبيتهم الرئيس عباس في خلافه مع النائب محمد دحلان إلا إثنين أو ثلاثة منهم وذلك بعدم إظهار مساندتهم العمياء أو تصديهم المطلوب للرئيس بشكل يشبه المساندين عميائيا ولكن هؤلاء لم تكن مواقفهم حازمة للدفاع عن زميلهم محمد دحلان والتصدي لتجاوزات الرئيس داخل حركة فتح وصيانة مهمات محكمتها الحركية وثمة عضو واحد فقط للحقيقة تحلي بالشجاعة وإعترض وحاول لكن الكثرة غلبت الشجاعة ومرت الأيام وإزدادت حدة الخلاف بين الرئيس والنائب دحلان التي مضي فيها الرئيس في غيه تجاه دحلان وأوعز بكل قوته لأعضاء اللجنة المركزية ومن يوالونه في هذا الخلاف بتلفيق وتزوير كل ما يستطيعوا من تهم للنائب دحلان واستعانوا بالقضاء ولكنهم فشلوا ولم يستطيعوا إدانة دحلان في أي قضية واتسعت شقة الخلاف وكبر حجم المؤيدين لدحلان وأصبحوا تيارا عريضا داخل حركة فتح حتي وصل غي الرئيس إلي التخلص مجددا ممن لا يرتاح لهم بعد إحكام قبضته علي فتح وعلي أجهزة ومؤسسات السلطة للوصول للمؤتمر السابع الذي طرزه علي مقاسه ومزاجه وحركة فتح تضعف وتتشرذم وديكتاتورية الرئيس تنتقل من داخل فتح لخارجها وبدأ يمارس القمع السياسي والأمني والاعلامي علي أحزاب منظمة التحرير وصلت لقذف مندوب الجبهة الشعبية في اللجنة التنفيذية بزجاجات المياه من قبل زبانية الرئيس وتلك المشاحنات اللفظية والعضلية والإعلامية التي بدأت تأخذ طريقها داخل البيت الوطني الفلسطيني وكشف الرئيس عن أنيابه الديكتاتورية بتحويل السلطة لسلطة بوليسية تتصرف بإستعلاء وبلطجة علي كل من يعارض أو بنتقد الرئيس أو من حوله وشرع الرئيس في إقرار وتطبيق ما أسماه قانون الجرائم الاليكترونية في رحلة قمع للنشطاء والكتاب والسياسيين من سجن واستدعاءات للتحقيق مع الكثيرين منهم متوجا بهذا القانون حكم الدولة البوليسية القامعة للحريات وأهمها حرية الرأي والتعبير وبعقد المؤتمر السابع في ظل قمع الحريات والإقصاء والاستئصال والإعتيال السياسي للمعارضين تحقق للرئيس ما أراد من الهيمنة والتحكم بدقائق لنطام السياسي والأموال ومنظمة التحرير إستطاع تمرير ما يريد في إجتماع المجلس الوطني الأخير بعد مضي عشرين عام علي موعد إنعقاده وحينها أنه يعقد بحجة تجديد الشرعيات التي انطلت علي الجميع ما عدا الجبهة الشعبية التي اتخذت موقفا جريئا ومعارضا لسياسات الرئيس عباس ورفضت حضور المؤتمر الوطني المزور والذي أنتج مهزلة كبري أسموها العضويات الجديدة للمجلس الوطني والمزكزي واللجنة التنفيذية المشروخة الجديدة والمزورة والمصممة علي مزاج ومقاس الرئيس وهنا النقطة الأخطر في تاريخ منطمة التحرير حين ظهر أثر الإحتلال بوضوح في التنسيق مع الرئيس لتشكيل المنظمة من جديد وقبل وبعد إنعقاد المجلس الوطني المزور حنث عباس بوعوده لتطبيق قرارات المجلس المركزي مرتين وهي قرارات هامة ومصيرية حيث منع الرئيس تنفيذها واتضحت الصورة أكثر بأن الرئيس غير ذاهب لتجديد الشرعيات، بل هو ذاهب لإحكام السلطة البوليسية والتفرد وإستمرار عقابه لأهل غزة بحجة الضغط علي حماس حين دمر الأسر التي تعتاش علي رواتب موظفي الأجهزة الأمنية في غزة وكذلك الموظفين المدنيين الفتحاويين مما أضعف حركة فتح واستمر في السيطرة علي كل مقاليد السلطة والمنظمة وحركة فتح وأصبح النظام السياسي نظام الفرد الواحد القمعي غير القابل للإستماع لوجهات النظر المتحكم في كل السلطات وتحول الرئيس لوحش كاسر يضرب بعصا السلطة كل من يقف في طريقه من فتح والاحزاب ومنظمة التحرير والمواطنين وهو يتحول لنيرون لحرق فلسطين وكأي ديكتاتور عبر التاريخ مضي الرئيس عباس في الطريق المعروف لدي الدارسين والخبراء والسياسيين والمثقفين بأن هناك نهاية لهذا المسار وإن تأخر الوقت طويلا.
أراد الرئيس عقد المجلس المركزي من جديد في هذه الأثناء فاصطدم بالغالبية العظمي ممن شكل بهم المجلس الوطني والمركز ي الذي لم ينفذ قرارته وخاصة إستمرار فرض العقوبات علي قطاع غزة واستمرار العلاقة التي رفضها المجلس المركزي مع الاحتلال وكان لهذا التشكيل الجديد للأعضاء والتنظيمات قرارات حازمة بشأنها والتي أفشلها الرئيس فكانت الضربة القاسية للنظام هذه الأثناء بأن رفضت الجبهة الديمقراطية والمبادرة الوطنية وقد يتبعهما آخرين لتصبح منظمة التحرير جوفاء من إسمها ومضمونها ومكوناتها حين يغادرها أكبر تنظيمين بعد حركة فتح في هذا الإئتلاف الذي كون المنظمة وعليه بات مصير المنظمة التي بإسمها يحكم عباس وبإرادتها تم التوقيع علي إنشاء السلطة في أوسلو أيضا علي المحك.
في سياق ذلك مرت السنون والجميع من الداخل ومن الخارج يحاولون إنجاز مصالحة فتحاوية ومصالحة وطنبة وبعناد الرئيس لم يتحقق أي منها حتي جاءت صفقة القرن وتغيرت كثير من المعطيات التي وضعت كل الشعب الفلسطيني في مأزق سلطة واحزاب وجمهور ورئيس لا يدرك معني قوة الوحدة الوطنية والوحدة الفتحاوية وأحرن الرئيس وتكتك لتخريب كل محاولات حل الأزمة الفلسطينية وها هو الشعب الفلسطيني يدفع أثمان باهظة نتيجة سلوك وادارة الرئيس عباس حتي جاءت لطمة الفصائل بعدم موافقتها علي حضور المجلس المركزي فماذا سيفعل الرئيس وكيف سيتصرف والنظام السياسي بمجمله إلي أين؟ هل تنهار السلطة والنظام في رام الله؟ وما مصير منظمة التحرير؟.. سؤال يحتاج إجابة.
والإجابة هي: هذا إنقسام فلسطيني جديد بعد المركزي في م.ت.ف ومباشرة نقول نحن في إنقسام منذ ما يزيد عن عشر سنوات أخل بكل المنظومة الفلسطينية ومهد الطريق للتجرؤ على الحقوق الفلسطينية بقرارات ترامب والتصفية للقضية عبر صفقة القرن أخشى ما أخشاه في قراءة سريعة للبيئة الفلسطينية التي يعقد فيها المجلس المركزي الفلسطيني في هذه الظروف الحساسة جدا وهذا التضارب في المواقف وصعوبة إدارة الأزمة المعضلة الحالية ان تتشطي م. ت. ف أو تنتهي أو تزاح.
هناك موقف بعدم دعوة حماس والجهاد لحضور الإجتماع وأيضا أحزاب منظمة التحرير تتغير مواقفها ولهجتها وتعبئتها بشكل أكثر حدة من السابق وتأخذ طابع الحذر من المطروح في صفقة القرن وعدم الموافقة على الخنوع لنمطية الإدارة وديكتاتورية الرئيس في داخل الخارطة السياسية الفلسطينية ومؤسسات السلطة وعليه قد تصطدم أيضا قوي وأحزاب م.ت.ف مع الرئيس وسيؤدي ذلك لإنقسام جديد ولكن هذه المرة داخل المنظمة وسيكون مصير م.ت.ف على المحك وقد يكون هناك إنفراط لعقد هذه المنظمة الحدث الذي سيكون الأخطر في الساحة الفلسطينية وتأتي خطورة ذلك أن هذه المؤسسة التي إحتضنت النضال الوطني منذ إنطلاق الثورة الفلسطينية حين ترى بأن القيادات الحالية على مدى عقدين من الزمن كانت دون مستوى التعاطي وإدارة ملفات أقل صعوبة من ملف مصادرة القدس وتصفية القضية الجاري العمل به من أميريكا وإسرائيل وبعض العرب وهنا تكمن الخطورة أيضا وتأثيرات اللحظة السياسية الآنية والوضع العربي التعيس.
عامل آخر أكثر خطورة على إجتماع المجلس المركزي اليوم أن الشعب الفلسطيني ومنذ عقدين من الزمن أيضا غير معجب بأداء سلطته وأحزابه وقادته وتتبلور في ذهن الكثيرين من شعبنا فكرة بأنه يجب طي صفحة الخارطة السياسية الفلسطينية الآنية والتي لم تحرز إنجاز الأهداف الوطنية لبدء صفحة جديدة تكون قيادته أكثر إلتصاقا وعلى تماس معنوي وتعبوي ومجسد في إدارة أفضل لهموم الشعب بعد أن عاني الأمرين من الحكام والقادة وشعر الشعب بالمرارة عميقا وبعزلة عن هذه القيادة وعدم الإهتمام بقضاياه الحياتية والوطنية وفساد تلك السلطة والأحزاب يكاد يزكم الأنوف فيما سبق ولذلك تجد شعبنا له مبادرات دائما ومنذ فترة ليست قليلة تخالف مواقف قياداته وأقرب مثال لذلك إنتفاضة القدس منذ عامين.
إذا نحن على باب إنقسام جديد قد يطيح بمنظمة التحرير وقد يؤدي لإنقسام خطير قد تصل مفاعيله لحرب أهلية أو فوضى عارمة تطيح بكل النظام السياسي وتشتبك مع الاحتلال في إنتفاضة نوعية تستخدم فيها آلة القتل والتصفيات والفوضى الأكبر عنفا في تاريخ الشعب الفلسطيني.
المحزن في هذه الحالة أن أزمة جديدة ستستمر لسنوات سيدخلها الشعب الفلسطيني مرغما رغم أن نتائجها قد تعيق وتمنع تصفية القضية الفلسطينية لعدم وجود قيادة معترف بها من الشعب ومن الآخرين رغم الثمن الكبير الذي سيدفعه الفلسطينيين.
* قد يفرض الواقع نفسه على الحالة الفلسطينية سواء بقي الرئيس أو غاب وأن تتداعى قوى الأغلبية العددية الآن الممثلة في حماس والجهاد والجبهة الشعبية والديمقراطية والمبادرة الوطنية والتيار الإصلاحي في فتح وينضم لهم من لا يشارك من فصائل أخرى ومستقلين ويشكلون جبهة إنقاذ وطني للشعب الفلسطيني لتصحيح النظام السياسي الفلسطيني دون المس بمكانة منظمة التحرير وقد يذهبون لأبعد من ذلك بتشكيل مجالس تمثيلية.
* مجالس تمثيلية موازية ل م.ث.ف للتصارع على الشرعية وخاصة وهم يشكلون أغلبية في الضفة الغربية وقطاع غزة وهم يملكون السيطرة على نصف الوطن كما يسيطر الفتحاويون العباسيون على النصف الآخر وقد يقيم هؤلاء الرافضين علاقات مع دول عربية ويصبح للجامعة العربية رأي إذا لم يصل الفلسطينيون لحلول إصلاحية لإنقاذ الشعب الفلسطيني وقضيته.
** ناهيك عن خلافات واستقطابات وتسلح المستورثين الفتحاويين لخلافة الرئيس الذين قد يذهبوا لأبعد مما هو متوقع ليطيحوا بما تبقي للشعب الفلسطيني خاصة في الضفة الغربية من تمسك بالبقاء في أرضهم إذا ما اندلعت وتطورت الحالة لصراع مسلح علي السلطة.
د. طلال الشريف