كل ممثلين الفصائل الفلسطينية والتي كانت مجتمعة بالقاهرة من أجل هدنة , خرجوا الى وسائل الأعلام بتصريحات متشابهة , ومن أهمها أن حوارات الهدنة ترتكز على ما تم الإتفاق عليه عام 2014 في القاهرة , وهي إستكمال البنود التي تم التوقيع عليها ولم يتم تنفيذها من الجانب الإسرائيلي , ومن الجانب الآخر وسائل الإعلام العبرية تهاجم نتنياهوا واصفة له بالضعف والتنازل بسبب رغبته بالهدنة , هذا على أساس أن نتنياهوا سيقدم الكثير للجانب الفلسطيني , إن هجوم وسائل الإعلام والرأي العام الإسرائيلي على نتنياهوا , هو رسالة لنا وتمهيدا بأن نتنياهوا عندما يقدم لكم الفتات فإنه يقدم لكم الكثير , فلا تطمحوا بأكثر من ذلك .
ومضى أربعة سنوات دون أن تلتزم إسرائيل بتطبيق البنود المتفق عليها , ورغم ذلك تمسكت الفصائل وعلى رأسها حماس بالحفاظ على أمن إسرائيل , ورغم الإختراقات التي كانت تقوم بها إسرائيل بشكل متكرر , إلا أن الفصائل كانت تلتزم الصمت , بإستثناء بعض الفصائل الخارجة عن الصف الفلسطيني كالتيار السلفي وما شابه , حتى جاءت مسيرات العودة لتحرك المياه الساكنة من جديد , ورغم أن هدفها الأساسي هو تصدير أزمات داخليه , ولكنها أحدثت تغيير ملموس على الأرض , بعد نوم عميق للفصائل على وسادة هدنة 2014.
علينا أن نعلم جيدا شكل الهدنة التي تريدها إسرائيل , وماذا تخطط إسرائيل من وراء كلمة هدنة ؟
بوضوح
لا يعيق إسرائيل أن تعطينا كل مطالبنا والتي هي بالأصل لا تساوي دماء شهدائنا وجرحانا , وحرية أسرانا وغيرها من تضحيات الشعب الفلسطيني , ولكنها تطمع أن تحصل على أكثر من ذلك , فإسرائيل تريد أن ترسخ مفهوم الهدنة في أدبيات فصائل المقاومة , حتى تصبح مطلب إستراتيجي ويتطور فيما بعد الى سلام متجدد , وهذا سيكون أخطر من السلام التقليدي , لأن السلام المتجدد "الهدن المتكررة" لا يمتاز بنقطة بداية وإنجاز , بل هو مجرد صمت متبادل بين طرفين , بحيث إسرائيل تحصل على أمن مجاني , وفي المقابل غزة تحصل على الغذاء والدواء .
هل نجحت إسرائيل بالحصول على الهدنة التي تريدها؟
نعم , في الاربعة سنوات الماضية نجحت إسرائيل بالحصول على ما تريد , والأسباب عندنا كثيرة وعلى رأسها الإنقسام الأسود , وأيضا رغبة حركة حماس بنوع من الإستقرار الأمني في غزة بهدف ترتيب أوراقها السياسية مع الإقليم , مما أدى الى تفردها بالقرار , دون باقي الفصائل .
وبالفعل من خلال الأربعة سنوات كانت الأحداث لا تزيد عن يومين , ومن ثم تعود الهدنة تتجدد بفضل التدخل الفوري لمصر بهدف وقف إطلاق النار .
ولكن في العام الأخير كان للفصائل وعلى رأسها الجهاد الإسلامي , تحركات أدت الى التشويش على إستقلالية حماس بالقرار , مما أجبر حماس بالتناغم مع باقي الفصائل , وهذا ما أكدته حماس في أول إجتماع مع الفصائل في غزة , بحضور صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي العام لحركة حماس , حينما قالت أن الهدنة ستكون بإجماع وطني وليس بإنفراد حماس بالقرار.
بعد تراكم ملفات الهدنة الى ما بعد العيد , برأيي أن الهدنة لم تتحقق بصفة رسمية وموقعة , لأن إسرائيل لم تعطي شيئا بسهولة , وخاصة بند الميناء , ولكن الهدنة ستتحقق عبر تفاهم كما كان في السابق , بمعنى؟ لو ما تم التوقيع على هدنة رسمية بإشراف دولي , فهل سنعود من القاهرة الى غزة لنطلق صواريخ ونفتح باب الحرب ؟ بالطبع لا , وسنعود الى غزة لنسمتر في التفاهمات التي لا زالت سارية منذ عام 2014 , الغذاء والدواء لغزة عبر معبر كرم أبو سالم , مقابل أمن إسرائيل.
بقلم/ أشرف صالح