القدس .. الوهم والسراب في مفاوضات أوسلو

بقلم: غسان مصطفى الشامي

لم يعد أي كلام أو فعل لفريق  مفاوضات أوسلو ( البؤساء) ؛ هذا الفريق الذي بيع عليه الوهم  السراب الكبير تحت مسمى دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس ؛ حيث  أعلنها الرئيس الأمريكي الأرعن ( ترامب)  الأسبوع الماضي  - في رسالة للمفاوض الفلسطيني -  أن القدس قد تم إزالتها  عن طاولة المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني و ( الإسرائيلي) ؛ وهذا الإعلان الخطير يعد بمثابة ضربة  أمريكية كبيرة لجهود سبعة وعشرين عاما من المفاوضات والجري  وراء سراب المباحثات السياسية،  والوعود الأمريكية بدولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها  القدس .

ويشدد كاتب المقال  على أنه بعد حديث الرئيس الأمريكي ( ترامب) في موضع القدس  لم يعد يجدي نفعا التعويل أو الرهان على مسارات التفاوض والخطوط والقنوات التفاوضية بين الاحتلال وسلطة أوسلو في الحصول على حقوق شعبنا الفلسطيني، ولم يتبق من مواضيع سياسية فلسطينية هامة على طاولة المفاوضات بعد الإعلان الأمريكي إزالة قضية القدس؛ لذا فإن ما جرى في المفاوضات يعد كذب كبير ووهم وسراب كبير ، وأكذوبة  نجح الصهاينة وصناع القرار الأمريكي في تمريرها على المفاوض الفلسطيني وفريق عباس وزمرته البائسة.

لقد كان الهدف الصهيوني الأمريكي من المفاوضات مع الفلسطينيين  هو وقف انتفاضة الشعب الفلسطيني ووقف ثورته ضد الاحتلال الصهيوني ، وسرقة المزيد من أرضنا الفلسطيني وبناء المستوطنات عليها.

لقد جاء إعلان الرئيس ( ترامب ) تتويج للأوهام والأكاذيب التي تسوقها الإدارة الأمريكية منذ أكثر من عشرين عاما بخصوص المفاوضات على القدس بحيث تكون عاصمة الدولة الفلسطينية ( المنصوص عليها ) في اتفاقات المفاوضات بين فريق أوسلو وبين الكيان الصهيوني .

ويشدد كاتب المقال على أن المفاوضات كانت أكذوبة كبيرة على شعبنا  منذ بداياتها منذ مفاوضات ( مدريد ) عام 1991م ومرورا بمفاوضات أوسلو عام 1993م  حيث أنه في  نهاية المطاف وعد المجتمع الدولي الرئيس الراحل أبو عمار بدولة فلسطينية مستقلة عام 1999م ولم يتحقق الوعد ولم يحصل الرئيس الراحل أبو عمار علي أي شيء منها، بل إن الكيان الصهيوني لم يسلم لسلطة أوسلو المناطق المتفق عليها ضمن الاتفاقية والمصنفة ( ج ) حيث إن المستوطنات الصهيونية أكلت الأخضر واليابس في الضفة وأيضا غزة لم تسلم بالكامل وقد كان هناك عدد من المستوطنات وانسحب بفعل صواريخ المقاومة عام 2005م  .

لقد استطاع الصهاينة والأمريكيان تأجيل الحديث في موضع القدس على طاولة المفاوضات وتأخيره وبذلك بهدف استكمال مشاريع الاستيطان والتهويد حيث كان وكان لهذا التأجيل نتائجه كارثية على القدس والمسجد الأقصى  القدس  حيث قام الصهاينة بتوظيف هذا التأجيل زمانيا وسياسيا، وبدأت تسابق الزمن في تهويد و ( أسرلة) المدينة وإغراقها بالمستوطنات والإمعان في سياسة فرض الأمر الواقع وتغيير الحقائق والمعالم على الأرض، وبدأت بشن حرب لا هوادة فيها على الوجود المادي والمعنوي للمقدسيين.

اذاً تكشفت المؤامرة مثل عين الشمس ونجح الصهاينة والأمريكان والأوربيين في بيع الوهم والسراب للمفاوض الفلسطيني واستطاعوا خلال سبع وعشرين عام إحكام السيطرة على الأرض الفلسطيني وإحاطة الضفة الغربية بآلاف الوحدات الاستيطانية وتكثيف مشاريع تهويد القدس حتى استكمال مخططات القدس 2020 وهو ما يعمل عليه الصهاينة بكل شراسة وسط  العمل على إشغال العالم والفلسطينيين على مدار الساعة  بالمشروع الأمريكي الجديد للمنطقة ( صفقة القرن ) .

لقد أهدى الرئيس ( ترامب ) الصهاينة هدايا كثير وثمينة لليهود والإسرائيليين مقابل مواصلة دعم اللوبي اليهودي لهم وقد حقق ما لم يقدم أي رئيس أمريكي عن فعله للصهاينة عندما قام بنقل السفارة الأمريكية من ( تل أبيب ) إلى القدس المحتلة ودعا كافة الدول الحذو حذو الولايات المتحدة، وها هو ( ترامب ) يواصل المنح والهدايا للصهاينة بتصريحات إزالة القدس عن طاولة المفاوضات ولن موضوع القدس محسوم بالنسبة لأمريكيان سلفا..

إن تصريحات ( ترامب )  تعبر عن النوايا الأمريكية بخصوص القدس ودعم مشاريع التهويد والتدمير للقدس والمسجد الأقصى ويجب على العرب والمسلمون التحرك من أجل إنقاذ المسجد الأقصى من التدمير والتخريب خاصة أن الصهاينة يعملون هذه الأيام على تنفيذ مخططات  التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك.

إن قضية القدس هي القضية الأساسية والكبرى في صراعنا مع الاحتلال الصهيوني، وهي من الثوابت ويعد التنازل عن ذرة تراب فيها خيانة كبيرة للشعب والأرض والهوية وهي لا تخضع للتفاوض أو الحديث عنها مع الكيان الصهيوني بل هي ملك خالص للعرب المسلمين ولا يجود أية أثر لليهود الصهاينة فيها ..

لقد تكالب الأمريكان والصهاينة والملحدين والفجار على القدس من أجل تهويدها وتدميرها وبنو العرب في ملذاتها وشهواتهم غارقون همها الكبير الحفاظ على الكرسي والحكم من السقوط والتدنيس، ونسأل الله أن يحفظ القدس والمسجد الأقصى من شرورهم ومكائدهم وأن يبعث للأقصى من يحررها من دنس المحتلين الصهاينة.

إلى الملتقى ،،

بقلم/ غسان الشامي