في سياق الهجمة الشرسة من قبل الولايات المتحدة ودولة الإحتلال منذ تسعة أشهر، وبالتحديد منذ 6/12/2017 يوم القرار والخطاب والتوقيع من الرئيس ترامب علي أول خطوات تطبيق صفقة العصر، تلقت القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ضربات هزت ثوابتها وفاقمت مشكلاتها ومعاناتها، وعمقت جرح الصدر الغائر الذي بدأ في العام 1948 عام النكبة الفلسطينية، لنرى في هذه الأشهر القليلة الماضية النكبة النهائية لشعب تآمر عليه العالم القديم والجديد والأخ والصديق، كما تآمر عليه بعض أبنائه بجهلهم، وبعلمهم.
طوال تسعة أشهر “صهيوأمريكية” لم نكد ننام سويعات من ليل كئيب، حتي نصحو على ضربة تحت الحزام بدأوها بتغييب القدس شرقيها وغربيها، ومنحها عاصمة لدولة الإحتلال.. وبدأوا إجراءات نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس العاصمة الموحدة كما يطيب للاحتلال أن يطلق عليها.
نحن ننفعل ونهدد ونتهم ونتخاصم كما السجين أو المختطف الذي ليس له باليد حيلة، ولا نكاد نأخذ أنفاسنا حتي يعاجلنا ترامب بضربة أخرى تحت الحزام أقوى من الضربة الأولى، بقرارات تجفيف “الأونروا”.. ومازالت عملية التجفيف مستمرة حتى اللحظة في رحلة تعذيب قاسية تضيف لفقر شعبنا فقراء جددا، وتضيف لغلبنا غلبا أعظم، فيأخذنا الدوار ونترنح داخل الحلبة نتقلب يمينا ويسارا، عل العرب والإقليم والعالم يأخذ بيد فقرائنا المظلومين وقضيتنا المختطفة، ولكن الحقيقية ضربتان تحت الحزام توجع حد الصدمة، والغياب عن الوعي وتتفاقم خلافاتنا المتفاقمة أصلا بإنقسامنا وجهلنا، لنصحو من جديد على تفتيت منظمة التحرير البيت المعنوي والإداري لنضال وتاريخ ووحدة الفلسطينيين، وهذه المرة ليست من ترامب مباشرة بل بالطلب والتوصيل “ديليفري” لبيت ترامب ومركز الصهيونية العالمية في تل أبيب، لتقام الأفراح والليالي الملاح، فقد نجح الفلسطينيون في كبح جماح نضالاتهم وأضاعوا التاريخ والدماء الذكية التي سالت على تراب فلسطين، وأصبحوا “متعهدين ديليفري”.. فيزداد صلف ترامب ويتطاول علينا وعلى قضيتنا أكثر، ونحن الفلسطينيون منهمكون في مصالحنا الذاتية والحزبية، ونحن سكارى وما نحن بسكارى، بل نحن مجرمون حين تركنا تلك الفئات لتعبر تاريخنا من هؤلاء الحكام ليطيحوا بوحدتنا ومستقبلنا وتقرير مصيرنا.
ما إن يعود الفلسطيني بوعيه لحظات ويستجمع قوته على الوقوف في الحلبة، حتى تأتيه الضربة القاضية من صفقة العصر، إنه التوطين لتنتهي مقومات القضية بتذويب الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده ولجوئه.
التوطين يطل برأسه القبيح هذه المرة من خلال صفقة وجريمة مكتملة الأركان لكل ما تبقي من القضية الفلسطينية، يشهدها ويشاهدها العالم والأقليم والعرب والفلسطينيون أنفسهم دون حراك، ودون عمل يوازي حجم هذه الهجمة غير المسبوقة في التاريخ لمصادرة أرض ودولة وعاصمة ومقدسات ومساعدات لشعب فقير، ليس بحكم الموارد ولكن بحكم النكبة وقيادات فاشلة جاهلة فاسدة أدارت الصراع منذ بدء المشروع الصهيوني.
هذه الهجمة غير المسبوقة لعملية توطين للاجئين الفلسطينيين في دول اللجوء تتواتر الأخبار والتفاصيل والأموال عنها في عملية تذويب تطل بتفاصيلها لشعب في شعوب أخرى، شعب له مقومات وتاريخ وتراث وحضور وعلامات وصفات وكواشين إمتلاك الأرض مثل كل شعوب المنطقة.
فأين أنتم يا منظمة التحرير؟.. هل هذا هو التحرير؟
وأين أنتم يا قادة الإنقسام؟.. هل ما زلتم تتلاعبون بالكلمات على قبور شهدائنا وأنات المعوزين من شعبنا دون رحمة حتى ضاعت القدس وجففت الأونروا وبدأ التوطين..؟
أين أنت يا فتح ؟
أين أنت يا حماس ؟
أين أنت يا جهاد؟
أين أنت يا الجبهة الشعبية؟
أين أنت يا الجبهة الديمقراطية؟
أين أنت يا حزب الشعب؟
أين أنت يا جبهة النضال؟
أين أنت يا الجبهة العربية؟
أين أنت يا فدا ؟
أين أنت يا الجبهة العربية الفلسطينية؟
أين أنت يا المبادرة الوطنية؟
أين أنتم كلكم وماذا لديكم وماذا أعددتم وماذا ستفعلون؟
هل مازلتم تبحثون عن التمثيل؟ أم مازلتم تنتظرون صياغة بيان الشجب لتوقعوا كممثلين للشعب الفلسطيني؟
وأين أنت أيها القائد المظفر؟
هل ستقولون مثلي لا التوطين؟ لا لا هذا ليس عملكم . فماذا ستفعلون؟
بقلم/ د. طلال الشريف