(الكونفدرالية) وضياع أرض فلسطين

بقلم: غسان مصطفى الشامي

تخرج علينا الإدارة الأمريكية بين الفينة والأخرى بمخططات جديدة،  ومقترحات تعرضها هنا وهناك تسير ضمن المخطط الأمريكي للمنطقة ألا وهو ( صفقة القرن )، و ينص المقترح الأمريكي على الشكل الجديد للدولة الفلسطينية وهو عبارة عن مقترح  لتشكيل ( كونفدرالية ) بين الضفة الغربية المحتلة والمملكة الأردنية الهاشمية باستثناء قطاع غزة.

ويشدد كاتب السطور على أن فكرة ( الكونفدرالية ) فكرة خبيثة وخطيرة تستهدف أرض فلسطين وإنهاء القضية الفلسطينية، وهي فكرة قديمة منذ ثمانينات القرن الماضي بهدف تمكين العدو الصهيوني من السيطرة الكاملة على أرض فلسطين وطردها أهلها وتهويد مقدساتها .  

والخطير في موضوع ( الكونفدرالية ) قبول السلطة الفلسطينية والرئيس عباس مناقشة المقترح الأمريكي بشأن ( الكونفدرالية ) مع الأردن لكنه اشترط انضمام (إسرائيل ) إليه، حيث تحدثت مصادر إعلامية أن رئيس سلطة أوسلو عباس قال خلال لقائه وفدا ( إسرائيليا ) ضم ما يطلق عليهم ( نشطاء سلام)  وأعضاء من الكنيست الصهيوني – أن  صهر الرئيس الأمريكي وكبير مستشاريه (جاريد كوشنر)  طرح موضوع ( الكونفدرالية) على الرئيس أبو مازن، فيما تحدثت  ( هاغيت عوفران ) من منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية أن مسئولين أميركيين يعملون على وضع خطة للسلام بين ( الإسرائيليين )  و( الفلسطينيين)، وقد تم طرح الفكرة على الرئيس عباس الاتحاد الكونفدرالي مع الأردن ؛ ونقلت ( عوفران) عن الرئيس عباس قوله :  إنه أبلغ المسؤولين الأميركيين بأنه سيكون مهتما فقط إذا كانت ( إسرائيل)  أيضا جزء من الاتحاد الكونفدرالي.

إن فكرة الاتحاد الكونفدرالي بين الضفة الغربية المحتلة والمملكة الهاشمية الأردنية فكرة قديمة جديدة ويسوق لها الكثير ممن لا يرغبون برؤية  دولة فلسطينية مستقلة على أي جزء من أرض فلسطين التاريخية حتى ولو كانت منزوعة السلاح أو مقسمة إلى ( كانتونات) منفصلة أو بأية صيغة يمكن أن تسمى دولة .

ويشدد كاتب المقال على أن مقترح ( الاتحاد الكونفدرالي ) هي فكرة غربية أمريكية إسرائيلية بهدف إنهاء القضية الفلسطينية وإنهاء حقوق الشعب الفلسطيني وحقوق الملايين من اللاجئين، وربما ظروف الضعف والذل والهوان والتشرذم العربي جعلت من المسؤولين الأمريكان معادة طرح الفكرة على الفلسطينيين والأردنيين وذلك من أجل التسويق لها بين الدول الكبرى والمجتمع الأولى من أجل تثبيت الاعتراف بالاتحاد الكونفدرالي وإنهاء شيء اسمه القضية الفلسطينية وإنهاء عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( الأونروا) وإحراق الأرشيف الفلسطيني الأممي وإنهاء حق عودة اللاجئين على ديارهم التي هجروها تحت القتل وتهديد السلاح في نكبة عام 1948م .

ويزين الأمريكان والمسئولين الغربية مقترح ( الاتحاد الكونفدرالي ) أنه يمنح الفلسطينيين الكثير من المزايا – بحسب ما نقلته وسائل إعلام عربية _  فإن سيساعد الفلسطينيين في السعي إلى نيل الاعتراف الدولي،- لأن فيدرالية مع وضع دولة غير مكتمل لا يمكن تصوره ببساطة-، وبحسب صحيفة العربي الجديد فإن  ( الاتحاد الكونفدرالي )  على الأقل ضمنيا لا يمنع إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة و ليس هناك نفور مبدئي من المخطط من كافة الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية  حيث نقلت صحيفة ( جيروساليم بوست) العبرية  إن ( إسرائيل ) تتصور دولة تدير شؤونها الداخلية إلى حد كبير دون أن تتمتع بأي تمثيل دولي؛ وقد دعا ( اليمين الإسرائيلي) بالسابق إلى إقامة  ( كونفدرالية) فلسطينية أردنية كوسيلة لتفادي منح وضعية الدولة الكاملة للفلسطينيين في الوقت الراهن، وهي مناورة جديدة للكيان الصهيوني بهدف رفع الحمل عن نفسه من تحمل مسؤولية الفلسطينيين كدولة محتلة لأرضهم.

ويرى كاتب المقال على أن  الأمريكان يفكرون كل يوم في أفكار ومشاريع جديد من أجل إنهاء القضية الفلسطينية فقد تم طرح مشاريع الوطن البديل وتم إعداد خطط كثيرة ومشاورات ثم تم وضع اتفاق أوسلو – وهو عبارة عن محادثات تسوية بين الفلسطينيين و ( الإسرائيليين ) وتم وعد الفلسطينيين بدولة ولكن لم يتحقق الوعد، ثم مشاريع حل الدولتين؛  و ربما هذا الحل يكون آخر الحلول بعد انتهاء زمن سلطة ( أوسلو) الذين لم يحصلوا على حلمهم بتحقيق دولة كاملة السيادة على أرض فلسطينية.

هناك أكثر من خمسة مليون فلسطيني مابين فلسطيني الداخل وفلسطيني الضفة و قطاع غزة غير اللاجئين في الخارج -  لن يستطيع أحد  اقتلاعهم من أرضهم هذا غير أن عددهم يزداد بنسبة كبيرة تثير قلق الصهاينة وأذنابهم لذلك لتحلم ( إسرائيل) وعملائها في المنطقة  بإنهاء القضية الفلسطينية وحق العودة وقضية اللاجئين المقلقة لهم

إن مشروع ( الاتحاد الكونفدرالي ) بين الضفة المحتلة والمملكة الأردنية الهاشمية دون قطاع غزة هو من المشاريع الأمريكية الغربية الإسرائيلية الخبيثة والخطيرة التي تستهدف مواصلة سرق أرض فلسطين  وتهويد مقدساتها، وتستهدف الهوية والكيان الفلسطينية وتستهدف بالأساس وتمكين الصهاينة على هذه الأرض المقدسة وهدم المسجد الأقصى المبارك وإقامة الهيكل المزعوم .

إلى الملتقى ،،

بقلم/ غسان الشامي