إلى الأخوة الذين عقدوا مؤتمرا ضد اتفاق أوسلو ...
قد اتفق معكم أن اتفاق أوسلو سيئ السمعة والصيت، ولم يلبِ الحقوق الفلسطينية كاملة، إلا أنه حمل ايجابيات وسلبيات، وبعد 25 عاما من التمرغ في امتيازات أوسلو تذكرتم السلبيات حين ضاقت منافذ أوسلو، وتذكرتم أنه دمر القضية الفلسطينية، في حين أنكم تدركون جيدا أن أوسلو لم يدمر القضية، بل نحن بأيدينا دمرنا القضية والمشروع الوطني بالانقسام.
إن اتفاق أوسلو هو الذي أقام أول سلطة وطنية فلسطينية على الأراضي الفلسطينية، هذه السلطة هي التي أقامت المؤسسات المدنية والعسكرية للشعب الفلسطيني، وتم توظيف أكثر من 100 ألف موظف في هذه المؤسسات ساهموا في انتعاش الاقتصاد الفلسطيني، وما زال بعضكم ينعم بالرتب العسكرية والمناصب العليا التي حصلتم عليها بفضل اتفاق أوسلو.
اتفاق أوسلو هو الذي جرت بناء على نصوصه أول انتخابات تشريعية في عام 1996، وانتخابات تشريعية ثانية في عام 2006، ما زالت المؤسسات التشريعية قائمة وتتنعمون بامتيازاتها، وتستمدون منها شرعياتكم.
اتفاق أوسلو هو الذي منح الفلسطينيين جواز سفر تعترف به أكثر من مائة دولة، بدلا من وثيقة سفر لا تعترف بها الدولة التي صدرتها، وبهذا الجواز سافرت وتجولتم في أنحاء العالم العربي والإسلامي، وحصلتم على الدعم والمساندة.
اتفاق أوسلو هو الذي أصبح بموجبه للفلسطينيين سيادة من مطار دولي، وممر آمن، والشروع في بناء الميناء، وحين دمرنا بأيدينا رموز السيادة أصبحنا نبحث عن هذه الرموز في أروقة المفاوضات السرية والعلنية من أجل المصالح التي تضررت.
اتفاق أوسلو يعني السلطة الوطنية الفلسطينية، فإذا تم إلغاء الاتفاق تلقائيا سيتم إلغاء السلطة، وأنتم تدركون جيدا أن هذا الاتفاق وثيقة دولية وقعت عليها منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، ولا يمكن إلغاؤها إلا بموافقة الطرفين، وإن كانت إسرائيل تراجعت عن العمل أو تنفيذ اتفاق أوسلو، فهذا نوع من العربدة الإسرائيلية يدعمها الانحياز الأمريكي السافر ضد الحقوق الفلسطينية.
وإذا كانت ذاكرة الأجيال الجديدة لا تعي ذلك، وأنتم تعتمدون على ذاكرتها، فما زالت ذاكرتنا حية، وذاكرتكم أيضا حية، حين كانت قياداتكم تتسابق في العودة إلى الوطن بموجب اتفاق أوسلو، والكثير منهم أصبحوا وزراء وأعضاء مجلس تشريعي، وقيادات الصف الثاني يحملون رتب عسكرية ومتفرغون لقيادة أحزابهم، وعناصركم كنتم تقاتلون من أجل توظيفهم في سلطة أوسلو، ومما أثار استغرابي انخراط قوى اليسار في هذا المؤتمر، من حقهم الاعتراض على اتفاق أوسلو، ولكن في يوم من الأيام كنتم قادة الساحة، ولا أقبل لكم اليوم أن تكونوا تابعين وتقادون كالثور في الساقية، وأنتم أعضاء في منظمة التحرير التي وقعت الاتفاق، سواء اتفقتم معه أو اختلفتم عليه، فهذا حقكم ضمن الديمقراطية الفلسطينية، وما الخلافات الآنية إلا زوبعة في فنجان، سرعان ما تتلاشى مثل غيرها كثير، عليكم أن تدركوا جديدا أن اتفاق أوسلو لا قيمة له أمام وحدتنا الوطنية، فلا تساهموا في حرف البوصلة، مشكلتنا ليست اتفاق أوسلو، إنما الانقسام، فلا تكونوا عونا في ترسيخ الانقسام.
ولا أريد أن أدخل في تفاصيل، فقط إشارات تعبر بدلالاتها عن المقصود، حينما كان الرئيس الشهيد ياسر عرفات يصل إلى نقطة اتفاق مع الإسرائيليين، تكون في اليوم التالي عملية كبرى في تل أبيب أو القدس، مما يفشل الاتفاق، وهكذا دواليك، وكان الشعار تحرير فلسطين، وبعد سنوات أصبح التحرير على أراضي 67 بالوثيقة الجديدة، لهذا لم يحقق اتفاق أوسلو ما تم التوقيع عليه.
تعالوا نتحدث بصراحة كقوى وطنية وإسلامية شاركت في المؤتمر، وقالت ما لم يقله مالك في اتفاق أوسلو، وجعلتموه بقرة مقدسة، لا يا قادة اتفاق أوسلو ليس بقرة مقدسة، صفقة القرن هي التي ستذبح البقرة المقدسة كبديل لهذا الاتفاق، وأنتم تدركون جيدا أن قطاع غزة هو جوهر الاتفاق، وما حدث في عام 2005 من انسحاب من قطاع غزة هو تمهيد لما وصلنا إليه من واقع سياسي يؤهل لمرحلة جديدة عنوانها قطاع غزة، لذلك كان حرص قيادتنا الشرعية على العمل بكل قوة لكي تعود غزة إلى حضن الشرعية لإدراكها أن القادم من مشاريع يدفع باتجاه الانفراد بقطاع غزة، هل تدركون ذلك، أم بعد فوات الأوان سوف تدركون؟ وسوف نأتي بعد عشر سنوات لكي ننتقد ما وصلنا إليه بأيدينا، ونعلق فشلنا على شماعة غيرنا، من حقكم رفض اتفاق أوسلو، ولكن عليكم أن تجهزوا أنفسكم كقوى وطنية وإسلامية شاركت في المؤتمر إلى اتفاق أوسلو بصيغة جديدة، ما دمتم مصرون على عدم إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية التي هي صمام الأمان لكل الحلول الانفرادية.
ويبقى السؤال هل تدمير اتفاق أوسلو ويعني تدمير السلطة الوطنية، هو بداية الطريق لخلق البديل وتشكيل سلطة جديدة صمن إطار صفقة القرن؟.
إن غدا لناظره قريب.
بقلم/ ناهـض زقــوت