دماء الفلسطينيون .. صخرة في وجه المخططات (الإسرائيلية)

بقلم: غسان مصطفى الشامي

نزفت الدماء الفلسطينية الأسبوع الماضي بكثرة، وسيتواصل نزفها؛ وستستمر تضحياتنا من أجل تحرير أرضنا المباركة ومقدستنا، ومن أجل الوقوف في وجه المخططات الصهيونية الهادفة لتدمير القدس والمسجد الأقصى المبارك؛ وقد سطر أبناء فلسطين الأماجد من غزة إلى الضفة المحتلة إلى القدس أروع وأسمى آيات التحدي والصمود في وجه الآلة العسكرية ( الإسرائيلية).

لقد أثلج صدورنا الحشودات الهادرة في مسيرات العودة ووصول الشبان المنتفضين لثكنات الجيش على الحدود بل اقتلاع السياج والعبور إلى أرضنا المحتلة، وهم يتسلحون بالثورة والثبات والتحدي للآلة العسكرية الاسرائيلية.

لقد قدمت فلسطين الأسبوع الماضي تسعة شهداء، وقدمت  في يوم واحد ستة شهداء في غزة والضفة والقدس؛ والشهداء ليسو أرقام بل حكايات صمود وتحدي وفداء رسالتهم أن نزيف الدم الفلسطيني من غزة إلى الضفة إلى القدس هو جسر تحرير أرضنا المباركة من دنس المحتلين .

إن الدماء الفلسطينية التي نزفت هي وقود ومداد المرحلة السياسية القادمة، حيث ارتكبت سلطات الاحتلال الصهيوني مجازر بحق أبناء شعبنا الفلسطيني وقتلت الكثير من الشهداء من مسافة صفر .

ولكل شهيد من الشهداء حكاية تحدي ووفاء وقصة بطولية .. فقد اقتحمت سلطات الاحتلال الصهيوني الأسبوع الماضي منزل الأسير المحرر محمد الريماوي في بلدة بيت ريما في رام الله -  وقام جنود الاحتلال بالاعتداء عليه بالضرب المبرح والوحشي بشكل مباشر عليه أثناء نومه، وتمزيق ملابسه، واقتادو الأسير عاريا وفاقدا للوعي، وبعد عدة ساعات اتصل جهاز المخابرات الصهيوني بالارتباط الفلسطيني وابلغهم بوفاة الأسير المحرر الريماوي ؛ وفي السابع عشر من سبتمبر الماضي كان يوما بطوليا مشهودا من أيام فلسطين، حيث شهد تنفيذ عملية بطولية قام بها الشاب خليل يوسف جبارين ابن الساعة عشر ربيعا من قرية يطا بالقرب من الخليل - حيث قام  بطعن أحد المستوطنين الكبار يدعى ( آري فولد ) يبلغ من العمر 40 عاماً، من سكان مستوطنة ( عتصيون ) قرب بيت لحم جرت العملية بالقرب من  المجمع التجاري الإسرائيلي (إفرات ) على مفترق المستوطنة، وكان هذا المستوطن الأمريكي الجنسية يعمل في الأمن الخاص ومسؤول على حشد قطعان المستوطنين الصهاينة لاقتحامات المسجد الأقصى وملاحقة المرابطين وطرد المصلين من باحات الأقصى؛ لقد ضربت هذه العملية المنظومة  الأمنية للكيان عندما يستطع شاب فلسطين صغير السن من طعن مستوطن يحمل رتبة عسكرية بين قطعان المستوطنين بل له نشاط كبير في اقتحامات المسجد الأقصى، حيث إن وزير الدفاع الصهيوني (ليبرمان ) استشاط و جن جنونه عندما سمع عن العملية، وقرر خصم مستحقات الضرائب على السلطة ودفعها لعائلة المستوطن ( آري فولد ).

إن عملية الشاب المقدسي صغير السن خليل جبارين تؤكد على استمرار انتفاضة القدس ضد الصهاينة وقطعان المستوطنين؛ فقد استطاع تنفيذ العملية رغم المراقبة الأمنية الشديدة والتواجد الأمني في المنطقة وظل يقاوم جنود الاحتلال لفترة وجيزة إلى أن تم قتله من قبل الجنود .

إن هذه العملية البطولية مؤشر قوي على أننا ماضون في طريق الجهاد والمقاومة وأن الجيل الجديد أبناء الشعب الفلسطيني لم يستطع الاحتلال الصهيوني اختراقه والتأثير عليه، وها هم الجيل الفلسطيني الصغير ينفذون عمليات بطولية في قلب مدينة القدس المحتلة ويغيرون معادلة الرعب والقوة بالنسبة للدولة الاحتلال، بل ويغيرون موازين العملية السياسية برمتها بما يملكون من ردة فعل قوية مفادها أنه لا وجود للاحتلال على أرضنا الفلسطينية المباركة.

إن العملية البطولية الجريئة التي نفذها جبارين هم استمرار لسلسلة العمليات البطولية التي نفذها بالسابق أبناء القدس والمرابطين رفضا لجرائم العدو الصهيوني بحق القدس والمسجد الأقصى، ورسالة يبعث بها شباب القدس مفادها أن التقسيم الزماني والمكاني لن يتمر وأن مخططات تهويد القدس والمسجد الأقصى سيواجهها الفلسطينيين بالدم والسلاح.

إن أبناء شعبنا الفلسطيني صغارا وشبابا وشيبا ونساءً أدركوا المعادلة في مواصلة المقاومة ضد المحتل حتى تحرير آخر ذرة من تراب فلسطين، فقد فشلت كافة مشاريع التسوية والالتفاف على القضية الفلسطينية؛ ومنها ( أوسلو) فبعد خمس وعشرين عاما لم تحقق للشعب الفلسطيني أي شيء ولم يحصل شعبنا على دولة ولم يحصل على أرض ولم يحصل على سلام؛ لذا فإن المقاومة هي السبيل الوحيد للحصول على حقوقنا وتحرير أرضنا من دنس المحتلين الصهاينة .

إن الدماء الفلسطينية النازفة في غزة والضفة والقدس هي مداد مقاومة وتحدي في واجه المحتل الصهيوني للوقوف في وجه المؤامرات والمخططات الإسرائيلية الخبيثة التي تستهدف القدس والمسجد الأقصى وتستهدف قضية اللاجئين وحق العودة.

 وينتهز الكيان الصهيوني هذه الأيام الحالة العربية من التقهقر والتشرذم ليواصل جرائمه  بحق فلسطين ويواصل تهويد المقدسات ومخططات تدمير المسجد الأقصى، كما يشن العدو حربا مسعورة على حق العودة ويعمل على تنفيذ مخططات إنهاء( الاونروا ) وإسقاط حق العودة بما يخدم صفقة القرن الأمريكية .

إلى الملتقى ،،

مقال/ غسان الشامي