فيما لو سلمت حماس غزة ماذا سيتغير

بقلم: سميح خلف

من المسائل المعقدة بل الشائكة ما تطالب به السلطة بتمكين حكومتها وبسط سيادتها على قطاع غزة ويعني التمكين وكما تطرح السلطة ان يكون قرارها وسيادتها ومؤسساتها التنفيذية هي السلطة الوحيدة في القطاع وتعني ايضا العمق السياسي اي السياسة الخارجية والداخلية والامن والاقتصاد والاعلام والثقافة وكل شيء يتحرك او جامد على ارض القطاع، لم ترى السلطة وقيادة منظمة التحرير وفتح ان من واجبها الاعتماد على مفهوم ياسر عرفات" ابو عمار " عندما قال نحتكم لديموقراطية غابة البنادق ، وهي ما تحتكم اله حماس بشكل نسبي لا مطلق في اطروحتها ومشروعها للمقاومة مع الفصائل الاخرى ، السلطة تريد التمكين بمفهومها الخاص والاقليمي والدولي اي بمعنى البعد السياسي والبعد الامني وهو ما يهم السلطة الان ، وان كانت اوسلو قد اندثرت كاتفاقية ولكن بقيت كتاريخ والتزامات من جانب السلطة وهو من يحركها ويثبت وجودها في الضفة ، السيد عباس حاول بالطريقة الميكافيلية ان يثبت نظامه السياسي والامني بدبلجة ما يسمى مؤتمر سابع لحركة فتح في ظل انقسام عنيف في داخل حركة فتح منها الجديد ومنها القديم واكتفى باللون الواحد لعقد مؤتمره وكذلك ما يسمى انعقاد ما يسمى المجلس الوطني في رام الله في ظل انقسامات حادة في الساحة الفلسطينية لا تقتصر على حماس فقط بل على اكثر من فصيل وحزب ، ادعى لسيد عباس الشرعية من خلال هذين الفعلين كما ذكر في خطابه في الجمعية العامة ، بل لاشك ان الانظمة الاقليمية والدولية تفهم الكثير ان السيد عباس ونهجه السياسي لا يمثل الفلسطينيين وان اتفق الجميع على ان منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، وبالتالي ما زالت لها دور يجب ان تؤديه في الصراع والمشاريع السياسية المطروحة ، فمنظمة التحرير هي من وقعت اتفاقية اوسلو وهي التي تفاوض منذ عقود وان كانت منظمة التحرير بمؤسساتها فوجئت بالاتفاق التي قادته في المفاوضات مجموعة من القيادات .
السيد عباس يقول في الجمعية العامة وما قبل الجمعية العامة يجب ان تتسلم حكومته كل شيء والا والا والا ؟؟! وهنا نقل الصراع الى مؤسسة دولية في خلافية وتناحر فلسطيني فلسطيني اي بمعنى اخر قد يرغب محمود عباس بحرق كافة السفن ، والعقدة امام المنشار.؟
وبدون الاطالة فيما لوسلمت حماس غزة على صينية من ذهب وليست من فضة ولا من حديد ولا من خشب ..؟؟! ماذا يتغير على الواقع السياسي والامني للسلطة ، حديث نتنياهو واضح وشديد الوضوح عندما قال: امن اسرائيل من الضفة الغربية لنهر الاردن الى البحر المتوسط ماعدا غزة ، نتنياهو يتحدث بعيد عن الشعارات فهو يتحدث عن واقع احتلالي في الغور والضفة الغربية ، ويتحدث بخلفية امنية متشابكة ومتلاصقة مع بعض التوجهات في الضفة الغربية ويتحدث عن حوالي 120 الف عامل وتاجر ومقاول في حالة تشابك مع الاسرائيليين ، ويتحدث عن مشروع سياسي تنفذه اسرائيل وقوى دعائمه الرئيس ترامب وافتى بذلك دايتون وبلير بالحل الاقتصادي الامني منذ عقدين او اكثر من الزمن ، اما سفير امريكا في اسرائيل فريدمان فقال لا يمكن ان تكون هناك دولة على حساب امن اسرائيل ..، وهنا التقاطع بين تصريح نتنياهو وتصريح فريدمان .

لا نريد ان نسجل في هذا المقال عدد اللقاءات والاتفاقات منذ عام 2007 الى 2017 والتي ما زالت مستمرة بوساطة مصرية واحيانا قطرية لتنفيذ اي واحدا منها لانجاز مصالحة تعيد وحدة ما تبقى من ارض الوطن ووحدة النظام السياسي الفلسطيني والتي لم ترقى للنجاح والتنفيذ على ارض الواقع ، والتي اخرها الاختلاف هل التمكين قبل حكومة الوحدة ام بعدها وقضية سلاح المقاومة هل سيشملها التمكين او لا يشملها والداخلية والامن اما باقي الامور كالرواتب وسلطة الاراضي والقضاء فامرها يمكن ان ينجز بطريقة او اخرى ، وكما افادت بعض التقارير الاعلامية عن الوفود الموجودة في القاهرة ان حماس تنازلت عن شرطية حكومة الوحدة اولا ومن ثم التمكين والبت بعد ذلك في السلاح بعد الانتخابات في منظمة التحرير ،في حين ان الورقة المصرية الاولى كانت تتحدث بعدم التطرق لسلاح المقاومة الا في اطار الحل النهائي للصراع .

على العموم : سنتجاوز كل تلك التعقيدات ، ونقول فيما لوسلمت حماس كل غزة ، وهنا نتسأل مع يقيننا اذا تم تمكين حكومة التوافق سيتم المماطلة في اجراء اي انتخابات في وقت منظور .؟

اولا : الامن

1- هل فعلا تلك الحكومة حكومة التوافق قادرة على بسط سيطرتها الامنية على غزة في حين لم تستطيع السيطرة على الضفة امام زراعة المخدرات والرشوة والقتل والصراعات العشائرية وبيوت الدعارة والعصابات وهل السلطة قادرة على حماية نفسها او شعبها بدون التعاون الامني مع الاحتلال .
2- هل ستسمح حماس وقوى المقاومة بان تنشيء السلطة في غزة امن وطني وشرطة واجهزة بما يساوي 40 الف مسلح وهل ستسمح حماس بقوة تسليحية موازية لها كما لن تسمح السلطة بوجود سلاح حماس مهدد لها
3- هل ستتنازل السلطة او تجمد واجباتها الامنية تجاه اسرائيل في غزة .ظ في حين اي نشاط امني سيهدد فصائل المقاومة ..؟؟
ثانيا : سياسيا
1- لا يمكن البت في البرنامج السياسي او تغييره بدون انتخابات مجلس وطني ورئاسي وتشريعي وتحت شعار منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد ودخول كل الفصائل بدون اقصاء لاحد والانتخابات ليست في المنظور بواقع الاطروحات الاقليمية والدولية وواقع قوة الاحتلال .
2- النهج السياسي الذي يمثله الرئيس وهو المطالب بالتمكين على غزة نهج ثبت فشله ويرواح في قاع الفنجان في حين ان الاطروحات جميعها تتجه نحو غزة سواء اسرائيليا او اقليميا او من جانب اسرائيل باعتبار ان المشروع الاسرائيلي اكتمل في الضفة ولا حديث عنه الا في ظل روابط مدن ادارية امنية خدماتية اقتصادية ، وبالتالي بؤرة التصورات والفعل في غزة فهل السلطة والسيد عباس اومن سياتي بعده قادر على اعادة هوية النضال الفلسطيني لمربعها الصحيح بحيث لا يتم الاستفراد في الضفة بشكل كامل ..؟
3- مشروع المقاومة في غزة هل هو قادر بلورة مطالبه بعيدا عن برنامج منظمة التحرير والسلطة في حال التسليم وهل يمكن اعادة تجربة حزب الله مع الاختلاف في الحاضنة والجغرافيا والنظام السياسي والمذهبي في لبنان.؟؟

ثالثا : تنظيميا
1-دعم التيار الاصلاحي بقيادة دحلان كل الخطوات من اجل المصالحة ولعب دورا كبيرا في تقرب وجهات النظر بين حماس ومصر ولكن لم يستجيب عباس لكل الوساطات التي طالبت باعادة الوحدة الفتحاوية ولقاء فتحاوي بين ابو مازن ودحلان والغاء كافة القرارات التعسفية بحق قيادات وكوادر في فتح ، فيما لو تم التمكين ما موقف فتح عباس والسلطة من التيار الاصلاحي وهو تيار عريض وكبير في غزة وكل الساحات ، هل سيسمح لهم بحرية العمل ام سيلاحقون امنيا ، وفي هذه الحالة ستتوفر المناخات الصدامية التي لا يحمد عقباها وتهدد حالة الاستقرار الهشة اصلا في غزة في حالة تواجد تلك الحكومة علما بان دحلان ابدى عدم استعداده لان يكون شريكا في تدمير الوطن والمشروع الوطني في هذه المرحلة .
2- هل كما طرح الوزير السابق حسن عصفور لو قاد دحلان تيارا وطنيا كان سيحقق انتشارا اكبر وقوة اكبر فلسطينيا واقليميا من نضالاته من داخل فتح وتاكيد محمد دحلان والمشهراوي انهما لن يتركا موقعهما النضالي في فتح، هل سنشهد تشكيل حزب جديد معترف فيه من كل القوى الفلسطينية ؟،
3- هل الفصائل في غزة سيسمح لها بحرية الحركة وتمارس انشطتها ام سيطبق عليها الملاحقة والاعتقالات وغيره من بنود التنسيق الامني التي تصل الى حد تسليم بعض النشطاء
4- ام من مكونات المصالحة الشاملة يجب الضغط على محمود عباس ومن يحيط به انجاز المصالحة الفتحاوية لضرورتها لاستقرار غزة والضفة والساحات الخارجية .؟ وهي محاوله لاحقة لانجاز المصالحة بين فتح عباس وحماس .

رابعا : الايجابيات
1- فتح المعابر في حالة حدوث الاستقرار في غزة
2- ربما تشغيل 5000 عامل في اسرائيل وهذا انفراج يخفف البطالة ولكن له اعباء امنية
3- زيادة حركة التجارة وبعض المشاريع الانسانية وانفراج في الكهرباء والغاز ومشاريع المياه
4- اعادة اعمار مالم يتم اعماره من اثار الحرب
5- دخول الاسمنت والحديد في حالة الاستقرار الامني
6- اذا تم التوافق مع مفاتيح الفعل والقوة في غزة حماس والجهاد ربما يتم البت في بعض المشاريع الاستراتيجية كالميناء والمطار ومحطات الكهرباء.

بعد هذه الافاضة قلنا بفرضية لو سلمت حماس غزة ماذا سيتغير على الواقع السياسي والوطني ..؟؟ هل سنحصل على دولة على ضوء ما تقدم ..؟ ام هناك مخاطر وسلاح ذو حدين بالمصالحة ومن عدمها مالم يتغير برنامج منظمة التحرير ويتوقف عن اضحوكة حل الدولتين وتنفيذ قرارات المجلس المركزي والنبش من جديد على قرارات الشرعية الدولية وخلط الاوراق من جديد فامامنا الدولة الواحدة وامامنا الكونفداليات وامامنا مشروع القرار 194 وامامنا الاعتراف بالدولة الفلسطينية في عام 2012. وامامنا تشكيل جبهة وطنية موحدة على غرار جبهة التحرير الجزائرية ، وحركة التحرير الفيتنامية ،وامامنا تجربة ايرلندا وتجارب اخرى يمكن ان نستفيد منها .
سميح خلف