في الوقت الذي نجد فيه المثقف والباحث والأكاديمي الفلسطيني مهمش , الى درجة أنه يقضي وقته باحثا عن كابونة أو ينتظر شك الشئون الإجتماعية , يائسا من أي فرصة عمل , مستثنيا من صناعة القرار السياسي , أو حتى إبداء رأيه , نجد أن المثقف والباحث والأكاديمي الإسرائيلي متمثلا بمراكز الأبحاث , يخطط ليلا نهارا , ومشاركا في صناعة القرار , منافسا للسياسيين في وضع الخطط والإستراتيجيات .
إن الباحث الإسرائيلي ليس مجرد محلل سياسي يقول رأيه عبر مقال , أومن خلال مداخلة عبر وسائل الإعلام كما يحدث عندنا , بل هو شريكا معتمدا للسياسيين في صناعة أهم وأخطر القرارات .
وكما شاهدنا ما نشره معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب , دراسة بعنوان "خطة إستراتيجية للحلبة الإسرائيلية الفلسطينية" , عبر وسائل الإعلام , في إشارة الى أن يهودا والسامرة "الضفة الغربية" لها أهمية كبيرة في رسم معالم إسرائيل , نظرا لأهميتها الجغرافية والعقدية بالنسبة لمستقبل إسرائيل .
فالدراسة تشير الى أن تكون الضفة الغربية تحت سيطرة السلطة بشكل كامل , بحيث يكون تواجد اليهود في إسرائيل بشكل مكثف , وغير مطعم بالفلسطينيين , ومعزولا ثقافيا وإجتماعيا وأمنيا وسياسيا ودينيا , حتى تتخلص إسرائيل من الواقع الديمغرافي والذي سيشكل خطر طبيعي على مستقبل اليهود , وهذا بالطبع يؤكد لنا أن إسرائيل دولة دينية بإمتياز , ولا تؤمن بالتعايش بين الأديان والثقافات ومفاهيم الديمقراطية , بالإضافة الى ذلك أن إسرائيل تريد أن تصنع واقعا يجبر الفلسطينيين للتعاطي معه , على إعتبار أنه سيكون حلا مؤقتا , أو حتى أرض خصبة لحلول قادمة .
إن الدراسة تحمل تفاصيل كثيرة ومعقدة قد تحتاج الى خبراء متخصصين في كثير من المجالات لشرحها , ولكنها واضحة في بعض النقاط والتي ترسم المعالم بالنسبة لمستقبل إسرائيل , فإستثناء غزة واضح من حيث الأهداف , وهي أن تكون غزة دولة مستقلة عن يهودا والسامرة , وسيتم التعامل معها دوليا كدولة متمردة وخارجة عن القانون , كونها تحتوي على منظمات إرهابية بحسب زعمهم .
وتتزامن هذه الدراسة مع صراع يدون بين وزير الجيش أفيغدور ليبرمان زعيم حزب إسرائيل بيتنا، ووزير التعليم نفتالي بينيت زعيم حزب البيت اليهودي, وكلاهما يتنافس على توجيه ضربات لغزة .
أعتقد أنه ما بين الدراسات والتنافس والمخططات التي تدار في إسرائيل , وبين الواقع الفلسطيني المحطم بسبب الإنقسام وغيره من الأمراض التي أصابة الجسم الفلسطيني , هناك مسافة طويلة جدا , فاليهود يتنافسون على خدمة إسرائيل وسحق الفلسطينيين , ونحن نتنافس على تقسيم الصلاحيات فيما بيننا .
أشرف صالح
كاتب صحفي ومحلل سياسي