للمرة الثانية في غضون أسبوع، يهدد نتانياهو بشن حرب عدوانية على قطاع غزة، ومن المفارقات الغربية أن نتانياهو يربط بين شن العدوان وبين الأوضاع الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة، مع التأكيد على أن المسؤول عن الأوضاع المعيشية الصعبة هو محمود عباس، ألذي يرفض أي فك للحصار عن قطاع غزة!.
فما الأهداف التي يسعى نتانياهو إلى تحقيقها من خلال تهديداته لأهل غزة:
الأول: يريد نتانياهو أن يحمل عباس مسؤولية معاناة سكان قطاع غزة، ليبرئ بذلك حكومته من جريمة العقاب الجماعي للمدنيين في غزة.
الثاني: ردع الجماهير في قطاع غزة من مواصلة الدعم والمشاركة في مسيرات العودة، والتي ستؤدي إلى مواجهة شاملة، وعدوان عسكري إسرائيلي يهدف إلى كسر شوكة المقاومة، والمسؤول عن هذه الحرب وما ينجم عنها هو محمود عباس الذي يتعمد التضييق على حياة السكان.
الثالث: لفت أنظار المجتمع الإسرائيلي إلى أحداث غزة بعيداً عن أحداث الضفة الغربية التي فاجأت الجميع بعمل مقاوم بطولي ضد المستوطنين الصهاينة، وهذا العمل المقاوم يدلل على انكسار الردع الإسرائيلي، ويدلل على جرأة المقاومة الفلسطينية وإبداعاتها.
الرابع: أراد نتانياهو بهذا التهديد أن يغلق باب المزايدات الحزبية، والتي ستتخذ من التصعيد الكلامي ضد غزة طريقاً لكسب أصوات اليمين المتنامي داخل المجتمع الإسرائيلي
نتانياهو الذي أبلغ المجلس الوزاري المصغر بأن إسرائيل تستعد لعملية عسكرية في قطاع غزة، كما أوردت الخبر القناة الثانية الإسرائيلية، نتانياهو هذا يبرر الحرب على غزة بتفاقم الأزمات الإنسانية والاقتصادية في قطاع غزة، وما سينجم عنها من تصعيد عسكري، بمعنى آخر، فإن نتانياهو يربط بين الحرب على غزة والأسباب اقتصادية لدى الطرف الذي سيعتدي عليه.
فهل حقاً يتوجع نتانياهو لأوضاع الناس المعيشية في قطاع غزة، ويحذر من انفجارها في وجه حكومته، وهو القادر على حل هذا المأساة الإنسانية في غضون أربع وعشرين ساعة، من خلال الاستجابة لمطالب أهل غزة بالحرية وفك الحصار؟
أم أن نتانياهو يريد أن يرسل رسائله إلى المجتمع الإسرائيلي قبل موعد الانتخابات، بأن أوضاع غزة المعيشية بحاجة إلى حل سياسي بعيداً عن عمل عسكري، لن تحصد منه إسرائيل أي مكاسب سياسية.
بغض النظر عن رؤية نتانياهو لكيفية التعامل مع أهل غزة، وتلويحه بحرب مجهولة النتائج بهدف تحيق تهدئة معلومة النتائج، فقد جاء حديث وزير التعليم نفتالي بينت لاحقاً لكلام نتانياهو، وجاء نافياً لاستعداده للحرب حين قال:
نحن بحاجة لتصحيح جذري وسريع لسياستنا الأمنية، بهدف تعزيز الردع، ففي الأشهر الأخيرة، يتسلل بشكل يومي عشرات الفلسطينيين من غزة إلى داخل حدودنا، وحتى يومنا هذا، يزرعون العبوات الناسفة، ويعودون إلى غزة بسلام، لو كان الأمر لي، لقمت بعمل مختلف، كنت سأعطي الأوامر لقتلهم جميعهم.
حديث الوزير نفتالي بينت يؤكد على عدم استعداد الجيش الإسرائيلي لشن حرب عدوانية ضد غزة، لأن بينت من أنصار هذه الحرب، ولو كان يعلم بها بصفته وزير في المجلس الوزاري المصغر لما لجأ إلى أسلوب المزايدات الكلامية، ولكن الوزير بينت يعرف جيداً أن رئيس وزرائه نتانياهو يهدد أمام وسائل الإعلام فقط، لذلك حاول أن يتقدم عليه خطوة في التهديد، وهذا يشير إلى أن مسيرات العودة قد أصبحت تشكل معضلة سياسية وأخلاقية وأمنية تعجز الحكومة الإسرائيلية عن حلها، وهذا يشير أيضاً إلى أن المقاومة الفلسطينية قد نجحت في فرض معادلة جديدة في المنطقة، تقوم على توازن الرعب، وكسر ميزان الردع الذي يسعى إليه نفتالي بينت.
د. فايز أبو شمالة