تطبيع عربي مع اسرائيل بلا سلام مع الفلسطينيين..!

بقلم: هاني العقاد

مازالت إسرائيل تمارس الاحتلال وترتكب الجرائم ,من قتل وتدمير وهدم بيوت الفلسطينيين وتهويد مقدساتهم وضم اراضيهم واستيطانها واعتقال وتعذيب من يعترض على تلك السياسة ويقاومها , ومازالت اسرائيل تحتل الارض الفلسطينية وتعبث بالمقدسات الاسلامية والمسيحية ومازالت تتنكر للحقوق الفلسطينية التاريخية والشرعية التي اقرتها كافة القوانين الدولية وقرارات الامم المتحدة ,ولا زالت اسرائيل تدير ظهرها لكل المساعي التي يمكن ان تقود لحل الصراع على اساس حل الدولتين واحلال الامن والاستقرار والسلام الشامل في الاقليم , لا بل وانكرت مبدأ حل الدولتين القائم على اساس الارض مقابل السلام وانكرت أي مرجعيات لهذا الحل ولم تقدم أي بديل سوي الحلول الاقتصادية والانسانية التي جاءت ضمن صفقة القرن التي اهدت القدس عاصمة لإسرائيل وازاحتها وقضية اللاجئين عن جدول أي مفاوضات نهائية على ان يدفع العرب فاتورة الصفقة ويقدموا الاموال اللازمة لتحقيق هذا الحل الذي يرفضه الفلسطينيين ولن يقبل به احد حتى لو استمر النضال من اجل المشروع الوطني مائة عام اخري .

لم يطبع العرب اليوم فقط ,ولم تنشأ علاقات اسرائيلية عربية في الحرام اليوم فقط بل ان التاريخ يشهد ان العرب من شرقهم الى غربهم ومن شمالهم الى جنوبهم تربطهم عرقات محرمة مع قادة وحكام اسرائيل الا البعض الذي مازال يحتفظ بطهارة يديه ولم يدنسها في مصافحة قتلة اطفال فلسطين واعتقال نسائهم والتنكيل بهم في المعتقلات وهدم بيوتهم وتدنيس اقصاهم وكنائسهم , بعض هذه العلاقات كانت ومازالت في السر وبعضها يتم الاعلان عنه في حينه كالتي حدثت هذه الايام في قطر والامارات وعمان . اليوم هرول العرب الى التطبيع العلني وممارسة هذا التطبيع على فراش الشعوب وبأوضاع مختلفة واشكال عديده وبالمجان ودون ستر ودون تواري عن عيون الاعلام ودون خجل او خشية من حر او غيور على شرف الامة العربية الذي لم يعد منه سوي اسمه . هرول العرب الى التطبيع وبناء علاقات محرمة دون تحقيق سلام عادل للفلسطينيين ,ودون حاجة الى ذلك ودون قرار عربي جامع وكل اجري اتصالات بدولة الاحتلال وزارها ودعا قادتها لزيارة بلاده تتم دون قرار عربي جامع و بعيدا عن توجها جامعة الدول العربية منهكين بذلك كل قرارات القمم العربية واولها قرار القمة العربية 2002 في بيروت التي عقدت دون حضور الرئيس ياسر عرفات بسبب حصار إسرائيل له في رام الله وعدم السماح له بالوصول الى القمة باي شكل من الاشكال وعدم توفير ضمانات له بالعودة سالما الي الارض الفلسطينية اذا ما غادر رام الله .

في هذه القمة قدمت العربية السعودية مبادرتها التاريخية والتي اطلق عليها اسم "مبادرة السلام " التي وقع عليها كل العرب دون استثناء وجاء في المبادرة التي لم تري النور حتي الان "ان تنسحب اسرائيل من كافة اراضي العام 1967 بما فيها القدس وتقبل بقيام دولة فلسطينية مستقلة على هذه الارض وتحل قضية اللاجئين الفلسطينيين على اساس قرارات الشرعية الدولية واهمها 194 واعتبار الصراع منتهيا وعندها يستطيع العرب اقامة علاقات مع اسرائيل" . رفض شارون المبادرة في حيناها واعتبر الانسحاب الى حدود الرابع من حزيران 1967 سيؤدي الى تدمير اسرائيل ورحبت الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية بها دون ان تبادر ادارة بوش بأجراء مباحثات سلام على اساس هذه المبادرة ,منذ ذلك الوقت والمبادرة في الادراج ولم تفلح أي محاولات عربية بوضعها على طاولة البيت الابيض الراعي الوحيد للعملية السلمية بل ولم تحاول السعودية استخدام ما تتمتع به من علاقات ومصالح مع كافة الادارات الأمريكية منذ 2002 حتى يومنها هذا . في العام 2016 خلال اجتماع لليكود اعلن نتنياهو بانه لن يقبل ابدا بمبادرة السلام العربية بشكلها الحالي كمرجع للتفاوض مع الفلسطينيين واكدت المصادر الاعلامية بعدها ان عواصم غربية تسعي لقلب المبادرة العربية أي قبول العرب بالتطبيع مع اسرائيل واقامة علاقات دبلوماسية ومن ثم فرض الحل على الفلسطينيين باعتبار ان حل الصراع يأتي بعد التطبيع ,اليوم يتبجح نتنياهو بعد زيارته لعمان بان علاقات اسرائيل بكثير من الدول العربية آخذة بالتنامي، مشيرا إلى "أن هذه العلاقات مبنية على التصدي لتهديدات مشتركة، وهذا ما يفسر اصطحابه كل من رئيس الموساد ومستشار الامن القومي والسكرتير العسكري للحكومة .
اليوم نقول ان نتنياهو نجح في قلب مبادرة السلام العربية والتطبيع دون تحقيق السلام في الشرق الاوسط ,ونجح نتنياهو في سبر حب الخليجين ولبي دعواتهم لزيارة بلادهم وتلقي الهدايا الثمينة ونجح نتنياهو في اغرائهم بشراء السلاح الاسرائيلي كمدخل للتطبيع مع اكثر حكومة إسرائيلية تطرفا وهي حكومة اليمين العنصري المتطرف ,لم يأتي التطبيع رياضيا فقط وانما جاء هذا التطبيع نتيجة التطبيع على كافة الصعد والاشكال اقتصاديا وسياسيا وامنيا وعسكريا مع اسرائيل على مدار عقد من الزمان واكثر الا ان التطبيع العلني والرسمي اليوم تمثل في المشاركة الرياضية الرسمية لفريق الجودو في الامارات العربية المتحدة وفريق الجمباز في قطر والزيارة الرسمية التي قام بها نتنياهو وفريق اسرائيلي عالي المستوي الى سلطنة عمان . ونقول انه بعد هرولة العرب الى التطبيع مع اسرائيل لم يبقي امام الفلسطينيين الا التخندق وحدهم في خندق الموت و الاستشهاد بشرف مدافعين عن عورات الحكام العرب ومدافعين عن الحق الفلسطيني الغير قابل للتصرف مع مناصري النضال الفلسطيني الشرعي لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينية , وما بات مهما على الفلسطينيين الا يكترثوا كثيرا لهذا السقوط العربي المفضوح والا يمثل هذا السقوط الا دافع للفلسطينيين لان يستمروا في التصدي لصفقة القرن التي تحاول تلك الدول تمريرها بالتطبيع وان تستمر مسيرة التحرر والنضال من اجل الاستقلال والحرية واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.

د.هاني العقاد
[email protected]