يعقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية دورته الـ"30 " في مدينة رام الله المحتلة, وسط مقاطعة واسعة من فصائل وأحزاب " الجبهة الشعبية , والجبهة الديمقراطية " , إلى جانب غياب حركات المقاومة المسلحة "حماس والجهاد وفصائل أخرى " فهي بالأساس خارج مؤسسات المنظمة, جزء من فصائل المنظمة المقاطعة لإجتماع المجلس المركزي, ترجع سبب مقاطعتها لحالة التفرد بقرار التحضير ووضع جدول الأعمال للجلسات المرتقبة يومي (28 , 29 -10) بدون مشاركة فصائل المنظمة أو مشاورتها , وجزء أخر يقاطع إجتماعات المجلس المركزي لأنها أصبحت ذات طابع ديكوري , ولها هدفها المُبطن بالإستحواذ بشرعية التمثيل للقضية الفلسطينية عربيا ودولياً , وفريق آخر له إعتراض بأن بعض القرارات القوية التي خرجت بها الإجتماعات السابقة, لم تطبق ولم يعمل بها لذا القيادة المتنفذة في المنظمة والسلطة , خاصة قرار وقف التنسيق الأمني مع العدو الصهيوني الصادر عن إجتماع المجلس المركزي خلال دورته "27" في مارس 2015م .
هذا الإجتماع يُوصف فلسطينياً بأنه خارج الإجماع الوطني , ويأتي إمعاناً في سياسات التفرد والإقصاء , وبالتالي فإن حال المشاركة في هذه الإجتماعات كحال شاهد الزور , الذي يشهد على ما لايرى ولا يعرف , مقابل إغراءات النفوذ والسلطة والمال , عبر النصيب الموعود بالتوظيف في أجهزة ووزارات السلطة ومؤسسات المنظمة بأعلى الدرجات والرواتب .
يأتي إنعقاد المجلس المركزي بهذه التركيبة المعلولة والمشوهة والتي لا تمثل الكل الوطني الفلسطيني, في وقت تتعرض فيه القضية الفلسطينية لمؤامرة صفقة القرن الأمريكية , وإنكشاف الدور الأمريكي المعادي لشعبنا وقضيتنا , عبر قرار ترامب المساندة والداعمة للإحتلال الصهيوني, مع تعنت رئاسة السلطة في مطالبها التعجيزية الإقصائية في ملف المصالحة الفلسطينية , والتي تنافى مع كافة الإتفاقيات والتفاهمات المتعلقة بالمصالحة , وفي مقدمتها إتفاقية القاهرة مايو2011 , فهل من يريد مواجهة صفقة القرن يمعن في الإقصاء والتفرد ويعزز بذلك الشرخ الوطني الفلسطيني ؟ , وهل يستشعر المجتمعون في رام الله بالخطر الذي تتعرض له القضية الوطنية ؟ لو كان لديهم أدنى شعور بالخطر لما أقدموا على هذه الخطوة الإنقسامية!, ,وهل يملك هؤلاء حلول لمعاجلة حالة الإنحدار والهزيمة السياسية لمشروع التسوية ؟ , وهل لديهم البدائل الحاضرة لمواجهة العدوان والتغول الصهيوأمريكي على قضيتنا ومقدساتنا ؟, إذن لماذا هذا الإجتماع الطارئ والعاجل ؟ , أن لم يضع حداً لمرحلة التيه والضياع السياسي , الذي دخلته القضية الفلسطينية منذ قرار قيادة المنظمة الولوج في نفق التسوية والمفاوضات مع العدو الصهيوني.
خطورة إنعقاد المجلس المركزي في ظل حالة الشرذمة والإنقسام , بأن قراراته المرتقبة , لن تكون في مواجهة العدو وسياساته التهويدية وعدوانه المتواصل , بل أن الوعيد والتهديد يشير بأن ما سوف يصدر من قرارات عن المجلس المركزي موجهة إلى قطاع غزة بالدرجة الأولى , والأجدر بالمجلس المركزي أن يقرر تلبية نداء الشراكة الوطنية , وإستعادة الوحدة الوطنية وتشكيل القيادة الموحدة عبر دعوة إنعقاد الإطار القيادي للمنظمة , وإقرار البرنامج الوطني الفلسطيني ,وإصلاح المنظمة ومسارها السياسي الفاشل , بسحب الإعتراف بالكيان الصهيوني, وإعادة الإعتبار للمقاومة بكافة وسائلها وأدواتها في مواجهة الإحتلال الصهيوني.
قبل أن يجتمع وقبل أن تصدر قراراته , لن يقدم إجتماع المجلس المركزي أي جديد يصب في صالح القضية الفلسطينية , والبطلان يناله في الإنعقاد والمخرجات على حد سواء , وقراراته لن تلزم أحد , فما بني على باطل فهو باطل , ما تحتاجه قضيتنا هو مراجعة وطنية شاملة وجدية لمراحل نضال شعبنا الفلسطيني, فلا تقديس لمؤسسة ولا تقديس لشخص , فلسطين أكبر من المنظمة والأحزاب , أن لم تكن المنظمة مظلة لحماية الحقوق الوطنية لشعبنا في الحرية والمقاومة وتحرير الأرض وتطهير المقدسات وكنس الإحتلال ومستوطنيه عن كامل التراب الوطني , فلن يكتب لها مزيداً من الإستمرارية وهي تحمل عار الإعتراف بالكيان الصهيوني .
بقلم/ جبريل عوده