في سن الشيخوخة وفي مراحله المتأخرة تصبح العصا بانواعها عديمة الجدوى ان استند اليها المسن فلا دورته الدموية تتمتع بالنشاط ولا عقله ولا قلبه ولا عظامه فلو اتخذ المسن عظامه مسندا لانكسرت وان اتخذ قلبه كطاقة فشلت عضلاته وهذا هو مركزي محمود عباس ، ولكن لا بأس ان نناقش ما جاء في بيانه وان كان كما قدموا بانه سينجم عنه قرارات خطيرة تؤثر علة مستقبل الصراع والسلطة وغزة وغيره ولكن يبدو ان الرجل العجوز اكتفى ان يلعب في مربع بانورامي وكما سبق ، وكان لدينا وقت زيادة ومتسع منه فلا استطيان ولا قرارات امريكية ولا صفقة تنفذ ولا تطبيع ويبدو ان الاحساس بالمن والوقت وخطورة المرحلة قد تجمد.
اعتقد كان هناك قرارات سابقة بوقف التنسيق الامني واحيلت قرارات المركزي الى حكومة رامي الحمد لله ، ورامي الحمد لله احالها مرة اخرى الى التنفيذية ، والتنفيذية احالتها للدراسة، واعتقد ان مثل تلك القرارات ان لم يكن محضر لها ببنية وطنية حقيقية جامعة وتحول في الفكر والثقافة والسلوك تبقى حبرأ على ورق كورقة فقط في يد محمود عباس ، فقصة التنسيق امني قصة معقدة لا يمكن لحكومة رامي الحمد لله ولا السلطة ان تخرج منها الا بقرارات مصيرية قادرة على التضحية بمكتسباتهم وحياتهم وبرنامجهم ايضا ً ،ولذلك تبقى قصة وقف التنسيق الامني من اعقد المشاكل التي تواجه الشعب الفلسطيني ،فالسلطة هي طرف من ثلاث اطراف والتنسيق الامني بناءا على خارطة الطريق الملتزم بها عباس ببندها الاول والثاني مبنية على التنسيق الامني ، فأي قرار لحل السلطة يجب ان يحوز على موافقة اسرائيل والدول المانحة ايضا ً، وقف العلاقة مع اسرائيل اي " تعليقها " مصطلح غريب فلا يوجد مصطلح في تاريخ الدبلوماسية والعلاقات بين الدول بشيء اسمه التعليق اما اقامة علاقات او قطعها . اذا ً هذا المصطلح استخدم فقط لامتصاص الغضب الشعبي وامتصاص حالة الغليان الشعبية التي ترى من السلطة انها لم تحقق شيئا للشعب الفلسطيني بل كانت عليه .
كما سبق الفرصة عدمية في تطبيق هذه القرارات مالم نصل الى وحدة وطنية وتوحيد البرنامج السياسي الفلسطيني واحداث انقلاب سياسي وسلوكي من قبل الجميع على برنامج السلطة السابق وتوحيد قوى الشعب تحت بند المقاومة بكافة اشكالها وحضور محمود عباس لغزة حيث يمكن في هذه الحالة اعلان الدولة وانهاء اوسلو والسلطة وتحول مؤسسات السلطة الى مؤسسات الدولة من خلال قطاع غزة مع وضع اعتبارية قصوى بان الضفة الغربية محتلة يجب مقاومة الاحتلال فيها بكل الوسائل الدبلوماسية والميدانية وبذلك في هذه الحالة يمكن تطبيق هذه القرارات مع النضال المستمر لتحويل معبر رفح لمعبر دولي بين مصر وفلسطين فقط ، والا تبقى هذه القرارات كسابقاتها ستحفظ في ارشيف المركزي ولن ترى النور ، وتعليقا ً على ذلك صرح مسؤول اسرائيلي اليوم بأن التنسيق الامني على قدم وساق بين السلطة واسرائيل بعد قرارات المركزي ، وهناك ماهو يمكن ان يطبق او لا يطبق ، فحياة الفلسطينيين في الضفة الغربية اصبحت مرتبطة بالتسنيق الامني والشؤون المدنية بكل الوسائل ، فهل يا ترى عندما يريد ان ينتقل عباس او احد مسؤولي السلطة من مكان الى اخر ، كيف ينتقل من مكان الى اخر بدون تصريح من الشؤون المدنية ؟ ، او ان كان يريد ان يغادر من الضفة الغربية الى اي مكان اخر ؟ وكذلك في الاستيراد والتصدير وكل القضايا المتعلقة بذلك وكذلك المشاريع المشتركة والمساهمة مثل المياه والكهرباء والصحة .
اعتقد ان تلك القرارات هي مكررة ولم تنفذ بعد اتخاذها في دورتين سابقتين ولكن هم ارادوا وبالتحديد اراد عباس من تلك القرارات ان يمسك حجرين بيديه ، الاولى هو امتصاص الغضب الشعبي ، وثانيا كما يرى هو ايضا ً وسيلة للضغط على دول الاقليم والرباعية المانحة التي هي ممولة للسلطة ويهمها وجود السلطة ، ففي اكثر من تصريح قال نتنياهو وليبرمان ان للسلطة مصلحة في وجود التنسيق الامني ولولا وجود قوات الجيش الاسرائيلي وامنه لما استمرت السلطة اكثر من دقيقتين على حد قولهم !
علاقة السلطة بالاحتلال على الأرض هي علاقة السلطة باسرائيل في حالة تشابك كامل ، فكل منهما يبني برنامجه على الاخر ، فوجود السلطة هو من مقومات وجود الاحتلال ، ووجود الاحتلال هو من مقومات وجود السلطة .
ولكن قد غاب عن بيان المركزي ما اكده في اجتماعه السابق من فك الحصار عن غزة وصرف رواتب الموظفين والغاء الاجراءات التي اتخذتها السلطة وبالتالي بيان المركزي نسخة مكررة من القرارات السابقة في دورته التاسعة والعشرين .
في حين غاب عن المركزي الذي تطرق هامشيا للمصالحة والقاء المسؤلية على حماس وكما حماس تلقيها على فتح السلطة غاب ان يدعو المركزي في الشق الفتحاوي: لا صمود بدون وحدة فتح وانهاء الخلافات الداخلية والغاء جميع القرارات التي طالت قيادات في فتح وعلى راسها الاح محمد دحلان والاخ سمير المشهراوي وعشرات الكوادر وعودة رواتبهم وعقد مؤتمر حركي عام يتسم بالعدالة الجغرافية والتاريخية .
النظر في البرنامج الحركي الحالي والدفع بالتغيير الثقافي واعادة صياغة البنية التنظيمية والامنية والسياسية والاعلامية للحركة .
في الشق الوطني : الغاء اوسلو والسلطة والتوجه لمجلس وطني يضم كل الاطياف السياسية والمجتمعية والتوجه لاعلان الدولة تحت الاحتلال واخيار لجنة تنفيذية بناء على ترشيح حر من المجلس الوطني .
انهاء اتفاقية باريس والمعابر وخاصة معبر رفح والنضال من اجل ان يكون معبر حر دولي بين مصر وفلسطين.
انهاء الحالة الخلافية بين فتح وحماس والجهاد وباقي الفصائل على قاعدة وحدة البرنامج وعموده الفقري المقاومة بكل اشكالها حق منم حقوق شعبنا كفلتها القوانين الدولية والحقوق التاريخية .
اعتبار ان كل الموظفين في المؤسسات الفلسطينية هم موظفين لدى منظمة التحرير ومؤسساتها سواء في الضفة او غزة وهم موظفين في الدولة الفلسطينية ولهم نفس الحقوق والواجبات .
اعتقد ان الربط بين الجمل المحكمة التي جاءت في خطاب عباس والبيان كذلك لاتستوي مع عدة قرارات من التهديد والوعيد لغزة مسبقة ولا تستوي مع واقع فتح الحالي والواقع الوطني المفكك المشتت باعتبار ان فتح هي وما زالت العمود الفقري للحركة الوطنية الفلسطينية ، بل يجب النظر وبشكل متسارع لاخذ قرارات تنسجم مع تلك العبارات ، فلسنا الان في مناخات لدغدغة العواطف ، او لبطولات انشائية ، فصفقة القرن تطبق حاليا وبدون الاعلان عنها ، ولكن لو كان عباس يريد ان يسجل في التاريخ الوطني على صفحة بيضاء عليه ان يكسر الحواجز ويمارس صلاحياته كرئيس منظمة التحرير وفتح وينطلق الى غزة معلنا مصالحة فتحاوية تاريخية ومصالحة وطنية تاريخية وعندئذ سيعاد صياغة كل الاوراق الذاتية والاقليمية والدولية
هل يفعل عباس ..؟؟!! رغم قناعتي بانه لن يفعل ولن تفعل فئة ترى مصالحها في جغرافيتها ... نامل ان يفعل.
ملاحظة : غاب عن المركزي ان ادارة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي يجب ان تتغير طالما ما اعتبرناه حاضنة عربية قد اقامت علاقات في جميع المجالات مع اسرائيل.
سميح خلف