أربعة خطايا سياسية مثبتة على أرض الواقع، ويتلمس شرها كل فلسطيني، ومع ذلك تصر قيادة السلطة على تجاهلها، ويصر الناطقون باسم السلطة وحركة فتح على إنكارها:
الخطيئة الأولى ـ ينكر رجال السلطة وناطقوها وجود أي عقوبات على أهل غزة، ويؤكدون أن لا عقوبات على شعبنا، إنما هنالك عجز مالي، حتى أن عباس قال عشية انعقاد مجلس وطني رام الله، لا عقوبات على أهلنا في غزة، وأعطيت أوامري بصرف رواتب الموظفين كاملة يوم غد، وكان يوم غد الجمعة، وحتى يومنا هذا لم تصرف رواتب الموظفين كاملة.
وحتى يومنا هذا يواصل الناطقون باسم حركة فتح على التأكيد أن لا عقوبات مفروضة على أهل غزة، رغم أن أهل غزة يعانون الآمرين من العقوبات، ويبكون منها جوعاً وركوداً.
فطالما كانت العقوبات خارج إطار القانون، وهي عمل فاسق فاسد، تنكرونه، وتتهربون منه، فلماذا لا تضغطون باتجاه الصواب، ووقف هذه المهزلة التي لا تمت بصلة إلى العمل الوطني، أو الإنساني، وهو عمل مشين، يحاسب عليه القانون، فيما لو عدنا يوماً إلى القانون.
الخطيئة الثانية: ينكر رجال السلطة وناطقوها وجود تعاون أمني بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والفلسطينية، ينكرون ذلك، ويتذرعون بالضرورة، وأن الذي يجري هو تعاون تفرضه الحياة اليومية بين المحتل والقابع تحت الاحتلال، ونسوا هؤلاء أن شعبنا يعرف أن هنالك تنسيق عسكري قائم بين قوى الأمن والجيش الإسرائيلي في مناطق الاحتكاك، وهنالك تنسيق جنائي يتعلق بالجرائم والمجرمين، وهنالك تنسيق مدني يختص بالغذاء والدواء والوقود وما شابه، وهنالك تنسيق أمني يقوم على تسليم رجال المقاومة واعتقالهم، ومحاربة البندقية الفلسطينية.
هذا التنسيق الأمني القائم والمعمول به وفق اتفاقية أوسلو، والذي طالب المجلس المركزي بالتوبة عنه عدة مرات، لا يعترف به المتحدثون باسم حركة فتح، وينكرون وجودة، ولهم الحق في ذلك، فالأمر مخجل، ومخزٍ، ويكرهونه، ويحتقرونه، ولا يجرؤون أمام شعبهم وعناصرهم الاعتراف بأنهم يتعاونون أمنياً مع المخابرات الإسرائيلية.
على الناطقين باسم حركة فتح محاربة التعاون الأمني علانية، بعد أن يدينوا هذه الخطيئة، والتوبة أشرف ألف مرة من إنكار وجود هذا العار الذي يرفضه كل وطني حر شريف.
الخطيئة الثالثة: ينكر المتحدثون باسم السلطة وحركة فتح انهم تخلوا عن المقاومة، ويصرون في أحاديثهم بأنهم أول الرصاص، وأنهم قابضون على جمر المقاومة!! فكيف يصدق شعبنا ذلك، والتعاون الأمني قائم على اعتقال المقاومين؟ وكيف نصدق ذلك، ولم نسمع عن أي عملية مقاومة تحت رعاية السلطة منذ صار عباس رئيسا؟ وكيف يصدق شعبنا ذلك، وهنالك دلائك وإشارات على تفتيش حقائب الطلاب بحثاً عن السكاكين التي قد تكون مقاومة للاحتلال؟
الخطيئة الرابعة: الاعتراف بإسرائيل، ينكر الناطقون باسم حركة فتح اعترافهم بإسرائيل، ويدعون أن الذي اعترف بإسرائيل هي المنظمة، والذي يعترف بإسرائيل هي السلطة، أما هم أبناء حركة فتح، فمن العيب أن يعترفوا بإسرائيل، وأدبيات التنظيم وثقافتهم لا تعترف بإسرائيل.
هذا كلام جميل، فالاعتراف بإسرائيل خروج عن الإجماع الوطني، وعليه يجب نبذ هذا الاعتراف، وعدم الاكتفاء بتحميل المسؤولية للمنظمة التي تشكل حركة فتح عمودها الفقري، وعليه فأن تعليق الاعتراف لا يكفي، ففي القانون الدولي إما معترف وإما غير معترف.
انكار الجرائم السابقة لا يفيد القضية الفلسطينية بشيء، ولا يعزز الوحدة الوطنية، ولا يلملم الصف، الذي يفيد فلسطين هو الاعتراف بالخطأ، واجتنابه، والسير في طريق الكرامة القائم على نبذ التعاون الأمني، وتقديس المقاومة، وعدم الاعتراف بإسرائيل، وتجريم العقوبات على غزة، وقتها ينتهي الانقسام، ويصير الوئام سيداً يفرض نفسه على ساحة العمل الوطني المشترك.
د. فايز أبو شمالة