ستتحدث أوساط الرأي العام العالمي عن التغيير الكبير الذي حدث في أسلوب وخطوات نتنياهو وستسجل ليلة 19 نوفمبر 2018 بأنها "ليلة اعلان الحرب" قبل خطاب نتنياهو ليلة امس، ومما يمكن قوله اليوم أن نتنياهو تم استفزازه ﻻقصى درجة من خلال تلويح او قرار نفتالي بينيت و اييلت شاكيد بتقديم اﻻستقالة بعدما اعتمدت استقالة ليبرمان ووزيرة أخرى .
هذا اﻻستفزاز جعله يعود ليسرد تاريخه ويقدم نفسه بالمنقذ لدولة اسرائيل وبل اعتبر الحل السياسي "اوسلو" والذي وصفه بالكارثة في 94 ووعد بإنهائه في حال تولى رئاسة الحكومة "آنذاك" هو بداية الخطر على اسرائيل، وقد عمل بالفعل وبمرحلية وخطط ممنهجة على قتل الحل السياسي واعدام عملية السلام ليدخل الجميع في وضع امني وعسكري معقد.
نتنياهو لن يعمل منذ خطابه امس كسياسي بل سيكرس ما تبقى له من شهور في تنفيذ عمليات امنية وعسكرية، فقد قال ان اسرائيل في وضع امني خطر والمنطقة في ظروف معقدة وانه سيحسم عسكريا اﻻمور في الجنوب ويقصد غزة ولم يذكر الجبهة الشمالية حيث التوقعات والتحليلات كانت تتحدث سابقا ان اسرائيل تعمل بتركيز في الجبهة الشمالية وتريد تبريد الوضع بالجنوب؛ اذن نتنياهو احدث انقلابا هنا ويعتقد ان ذلك استجابة لضغوطات مستوطني غلاف غزة والذين خرجوا ﻻيام متتالية وسط تل ابيب ضد حكومته ومطالبين نتنياهو بالرحيل.
"نتنياهو حدد رده على الغاضبين بقوله: "لن ارحل وسأستمر في الحكومة ولن ارد على اسئلة اﻻعلام واسقاط حكومتي ستجلب الخطر اﻻمني والداخلي على اسرائيل" وبهذا أدخل معادﻻت جديدة واشعل النار في زوايا حكومته وبدأت الحملة اﻻنتخابية مبكرا وعين نفسه وزيرا للدفاع وتحدث بلهجة عسكرية قاسية وعدائية وعنصرية مفرطة وانتقل من خلف الكاميرات من رجل سياسي الى المعارك العسكرية في الجنوب وعينه على الشمال ورافضا اي طرح امريكي سياسي في الوقت الذي أعلنت ادارة ترامب بأنها على وشط الاعلام عن "الصفقة الاقليمية"، وبالتالي يمكن القول ان اسرائيل دخلت مع نهاية الخطاب في ازمات متداخلة وستعمل على اشعال الحرائق في الجبهات واحدة تلو اﻻخرى وسيوقع نتنياهو على قرارات القوانين المؤجلة واﻻكثر عنصرية ودموية وعسكرية.
وبالعودة للتاريخ الذي ذكره نتنياهو في خطابه، سنجد أن شمعون بيريز قد غامر بعملية عسكرية واسعة في الجنوب اللبناني حملت اسم "عناقيد الغضب" وقد كان يرغب في تحقيق الفوز على نتنياهو وقد اختار طريق التصلب وامتطاء الدبابات والطائرات الحربية وقتل مائة لبناني من المدنيين وتنفيذ مجزرة قانا، والهدف كان الوصول لرئاسة الحكومة، وأوقف حينئذ بيريز ما استحق من اتفاقيات اوسلو، لحرمان نتنياهو من أوراق التحريض ضده، وبرر بيريز توقف عملية السلام بالحرص على أمن اسرائيل ومصالحها وأنها تعيش وسط جبهات خطرة.
المعادلة كانت آنذاك مختلفة فلقد نفذت حماس والجهاد الاسلامي عمليات في العمق الاسرائيلي قتل فيها 60 اسرائيليا، وحيئذ قرر الجمهور الاسرائيلي انهاء حقبة حزب العمل واعتبار خطاب بيريز ومجازره في لبنان بأنها تقمص لشخصيات مزورة لأغراض انتخابية وحسب، واعتلى نتنياهو في حزيران 1996 رئاسة الحكومة لتدخل العملية السلمية في مأزق الجمود حتى تدحرجت الى الهاوية.
ولذلك فالمنطقة بانتظار لحظة الصفر فالحذر واجب وعلى الفلسطينيين ان يتوحدوا بقوة ﻻن القادم سيطال الجميع وبالتالي الوحدة الوطنية السلاح اﻻنجع لمواجهة نتنياهو وتطرفه ولحظات سقوطه اﻻخير.
ملاحظة: التاريخ يعيد نفسه، وللحديث بقية.
بقلم/ د. مازن صافي