يبحث رئيس وزراء "اسرائيل"، بنيامين نتنياهو، عن وسائل تساعده في الخروج من الأزمات الشخصية التي يعيشها بسبب التحقيقات التي تعرض لها حول ملفات فساد أربع مُتهم أو مشتبه به في التورط بها، لتُساعده أيضاً في البقاء في الحكم لأطول فترة ممكنة، أي أنه يبحث عن طوق نجاة له، يمنحه له بعض القادة العرب الذين يلهثون وراء التطبيع مع "اسرائيل"، لأنها دولة قوية في المنطقة، وقد توفر لهم الحماية. وبعض هؤلاء يعتبرونها دولة من دول الشرق الأوسط ويجب عدم اقصائها أو ابعادها لأنها هي حقيقة واقعة!
ولذلك فان نتنياهو يجري سراً وعلناً لقاءات واتصالات واجتماعات مع بعض المسؤولين العرب. وزيارته لسلطنة عمان لاقت اهتماماً شعبياً في "اسرائيل"، وقد استغلها خير واحسن استغلالها من أجل اظهار انه زعيم قوي مسؤول استطاع أن يقيم علاقات مع دول عربية كانت في السابق لا تعترف ب"اسرائيل"، ولا تقيم علاقات معها، أما اليوم فهي التي تلهث وراء الحصول على رضى "اسرائيل"، وموافقتها على اقامة علاقات دبلوماسية علنية ومكشوفة معها!
ولم يقتصر اهتمامه بالدول العربية فقط، بل طال الدول الاسلامية، ومن بينها دولة تشاد اذ قام رئيسها ادريس ديبي بزيارة علنية لـ"اسرائيل" بعد قطيعة دبلوماسية استمرت 46 عاماً. والرئيس التشادي لم يتردد في مدح دولة اسرائيل، وفي دعوة نتنياهو لزيارة تشاد في أقرب وقت لاعلان اقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين، حتى ان الرئيس التشادي تجرأ بالتعهد باقامة هذه السفارة في القدس معترفاً بذلك بأن القدس عاصمة دولة "اسرائيل".
نتنياهو معتز بالتطبيع العربي والاسلامي مع "اسرائيل"، ويحاول استثمار واستغلال هذا التطبيع لكي يحصل على دعم الشعب الاسرائيلي له، وكي يمارس ضغطاً شعبيا على النيابة العامة، وعلى المستشار القضائي للحكومة كي يغلقوا ملفات فساده!
أي أن نتنياهو متعلق بحبال التطبيع حتى لا يسقط في ساحة الاتهام والمحاكمة، وبالتالي يفقد منصبه، ويفقد معه ما حققه من انجازات سياسية قدمها له بعض القادة العرب هدية مجانية له.
مهما حاول الهروب من ضائقته النفسية، ومهما حاول التغاضي عن كل التحقيقات التي تعرض لها حول قضايا فساد، فان لائحة الاتهام قادمة له عاجلاً أم آجلا، لأن القانون "الاسرائيلي" لا يعترف بأن انجازات أي شخص قد تسقط عنه لوائح اتهام موجهة اليه، وخاصة اذا كانت لوائح فساد!
سيواصل نتنياهو توسيع دائرة التطبيع مع العديد من الدول عبر جولات وصولات في عدد من عواصمها لاقامة علاقات دبلوماسية معها ظنا منه ان التطبيع سيشفع له عن اخطائه وفساده المستشري، وسيوفر له طوق النجاة.
إن من يعتقد أن نتنياهو سينجو مما هو فيه الآن فهو خاطىء لان الاسابيع والأشهر القادمة كفيلة بأن تثبت بأن التطبيع العربي لن يخدم من ركض وراءه، بل اساء اليه، ووضعه في دائرة وساحة الاتهام بالفساد الى جانب نتنياهو نفسه!
بقلم/ جاك خزمو