عند الحدود مع لبنان تجري إسرائيل مسرحية يحقق نتنياهو من خلالها إستعادة شعبيته وإستعادة الثقة بالنفس بعد الهزة الأمنية للعملية السرية الفاشلة في خانيونس والأهم حرف الأنظار عن حرب مفاجئة على غزة.
على ما يبدو عملية درع الشمال ليست قابلة للتحول إلى حرب في الشمال لعدم وجود مؤشرات على أنها، أي الأنفاق التي كانت السبب المعلن لهذه العملية لا تشكل جزء من خطة إستراتيجية آنية لدى حزب الله، وقد تكون ضمن إعداد لخطة دفاعية مستقبلية لحرب متوقعة على إيران وحزب الله.
الحرب السورية إنتهت أو في طريقها للإنتهاء ولكن البيئة الشرق أوسطية لن تكون جاهزة لحرب كبرى إلا بعد إتمام صفقة ترامب لتمتين التحالف الأكبر ضد إيران.
قيادة التحالف ضد إيران الذي ستقوده السعودية هي بحاجة لإنهاء بعض المعوقات لنضوج بيئة جماهيرية أفضل أولا وبيئة إقليمية ودولية أفضل من البيئة الحالية لمد تلك الحرب التي ستطول، ولذلك يحتاج التحالف إلى :
١- إستقرار النظام في السعودية وخاصة بعد الهجمة التي يتعرض لها ولي العهد محمد بن سلمان من قبل قطر وتركيا وجماعة الإخوان على خلفية قتل المعارض السعودي جمال خاشقجي.
٢- إستقرار الحالة في فلسطين لوجود حلفاء لإيران وهم حماس وحركة الجهاد ولذلك لن يكون الوضع الحالي في غزة تحت سيطرة حماس المسلحة وحركة الجهاد بإعتبارها في نظر السعوديين بأنهم قاعدة متقدمة لإيران وقد تشكل الحركتان عامل خطر في خاصرة التحالف السعودية مصر إسرائيل في حالة الحرب.
أيضا لن يذهب نتنياهو لحرب كبرى في ظل الخارطة السياسية الاسرائيلية المشتبكة والتحالفات الضعيفة لحكومته، لكنه، يستطيع الذهاب لحرب على غزة أسهل، ولها عناصر بيئية خاصة و مساعدة مثل الإنقسام وعلاقة العرب الحديدة بإسرائيل وإدانة متوقعة في الأمم المتحدة لحركة حماس على خلفية الإدعاء بقصف المدنيين بالصواريخ لدالذي سيشكل غطاء أمميا للعدوان على غزة، وأهداف نتنياهو من الحرب على غزة هي لإستعادة الثقة بالنفس، وإسترداد قوة الردع بعدما تراجعت كثيرا أمام حماس وإنتقاما لفشل العملية الاستخبارية التي هزت الأمن الاسرائيلي، وعلى الصعيد العام المطلوب تهيئة للأجواء لصفقة ترامب ومن ثم التحضير للحرب الكبرى على إيران
لعل أسهل الحروب من الناحية السياسية لدى إسرئيل والتي تحتاجها الولايات المتحدة هي ذهابهم للعدوان على غزة ولسبب هام جدا هو إنهاء الصراع بصفقة ترامب وهذا بإعتقادي ما يحرك أو يتحرك اليوم في المنطقة.
حزب الله ولبنان ليستا في علاقة مباشرة مع الصفقة ..الحرب على غزة قد يكون هدفها تقويض حكم حماس وإنهاء فعالية حركة الجهاد الإسلامي على عرقلة الصفقة ولذلك توقعاتي أن تكون الحرب على غزة وبموافقة العرب بعد قرار ادانة من الامم المتحدة، وأن السعودية بإستراتيجية الحرب اللاحقة على ايران وحزب الله لا تمانع الخلاص من قوة حركة الجهاد الاسلامي على إعتبار أنها موقع متقدم لإيران .. وبالتالي حرب غزة ستكون مقدمة لحرب اكبر في الشمال بعد أن يتخلصوا من مسمار حماس والجهاد أولا وخاصة لتأمين سيناء فيما لو كانت مشاركة مصر مطلوبة في التحالف والحرب على ايران . لذلك لا حرب في الشمال الآن بل الغالب أن تكون الحرب على غزة.
بقلم/ د. طلال الشريف