عملية الدرع الشمالي ,, قراءة سريعة

بقلم: أشرف صالح

إتجهت إسرائيل الى النشاط العسكري على حدودها مع لبنان , وذلك بعد عملية التسوية مع غزة ودخولها المراحل النهائية , والترتيبات  لدخول الدفعة الثانية من الأموال القطرية الى غزة عبر إسرائيل , ومن الطبيعي جدا أن نجد التحليلات المتعددة لعملية الدرع الشمالي كلها تتجه الى التفسير السياسي لهذه العملية كما جرت العادة , فمن المحللين من يقول أن إسرائيل تريد حفظ ماء وجهها بهذه العملية بعد ما فقدته في الجبهة الجنوبية "قطاع غزة" , وآخرين يقولون أن نتنياهو يريد إضافة نقطه من الإنجازات لرصيده  في أي إنتخابات قادمة , والبعض يقول أن نتنياهو يريد إنقاذ نفسه من هجوم الرأي العام الإسرائيلي عليه , وبعض الوزراء في الكنيست وبعض الأحزاب المنافسة نتيجة التسوية مع غزة وإدخال الأموال لرواتب حماس , والبعض يقول إن هذه العملية تأتي في سياق النشاط العسكري المتواصل الذي يقوم به الجيش على كل الجبهات لحماية أمن إسرائيل .

كل ما قيل من التحليلات جيد وسليم , رغم أن الهدف الحقيقي والمباشر لهذه العملية قد أعلنت عنه إسرائيل , وهو إكتشاف أنفاق هجومية لحزب الله من خلال زرع أجهزة حديثة ومتطورة زرعتها إسرائيل قبل أشهر في المناطق الحدودية , وتم إكتشاف هذه الأنفاق وأيضا تم رصد تحركات لجنود حزب الله داخلها بحسب زعمهم .

الأهم بالنسبة لنا ليس هو سبب عملية درع الشمال , فالأسباب التي ذكرناها كلها منطقية ومحتملة , ولكن كيف سيتعامل حزب الله مع هذه العملية وكيف تنظر إسرائيل الى حزب الله .

برأيي أن حزب الله سيتجنب الإحتكاك مع إسرائيل وفتح جبهة في الوقت الراهن , وعلى رأس أسباب هذا التجنب هو جبهة سوريا والتي هي المعركة الأهم بالنسبة لحزب الله , فهو لا يريد تقوية جبهة لبنان على حساب جبهة سوريا , والأنفاق المكتشفة على الحدود مع إسرائيل كانت في نطاق العمل السري والذي له أهداف إستراتيجية عسكرية قد تخدم حزب الله مستقبلا في حال وقوع حرب مع إسرائيل على أرض لبنان , وليس للهجوم على إسرائيل في الوقت الراهن كما تدعي إسرائيل .

كيف تنظر إسرائيل الى حزب الله .

برأيي أن إسرائيل تخشى حزب الله أكثر من إيران والنظام السوري وفصائل المقاومة في غزة وعمليات إطلاق النار والدهس والطعن النوعية في الضفة الغربية والقدس , وذلك ليس للعتاد العسكري الذي يمتلكه فحسب , فكل الجبهات المحيطة بإسرائيل لديها صواريخ ومنظومة دفاع وهجوم , إنما لإيديولوجية حزب الله المختلفة عن الباقين , وهي التي تشكل الخطر الأكبر على إسرائيل , فحزب الله ليس دولة كإيران وسوريا ليخدع لعملية تسوية مع أعدائه كما فعلت إيران مع الولايات المتحدة وحلفائها سابقا وقبل أن يأتي ترامب لينسحب من الإتفاق النووي بشكل أحادي , وكما ستفعل سوريا مستقبلا , وليس كحماس التي تحتاج المال لتمديد فترة حكمها في غزة وهذا ما دفعها للتسوية مع إسرائيل , فحزب الله لا يحتاج المال ولا يحتاج السلام , فكل أهدافه الإستراتيجية تشكل جبهة ضد إسرائيل , وحتى عندما إنحرفت بوصلته الى عمق سوريا وجد نفسه في معركة مع إسرائيل .

هذه قراءة سريعة لما يجري على أرض الواقع , وحملت وجه الإختلاف بين حزب الله وباقي أعداء إسرائيل , ولكن القراءة لم تكتمل بعد لأن المشهد لا زال قيد التطور , فلا زالت إسرائيل تواصل البحث عن الأنفاق ولا زال حزب الله يتحلى بضبط النفس .

بقلم/ أشرف صالح