هكذا تريد إسرائيل

بقلم: أشرف صالح

في سياق متصل , كتبت في مقالي السابق عن سياسة التقويض والتي تنوي السلطة القيام بها ضد حكم سلطة الأمر الواقع لحماس في غزة , بهدف تقريب المسافة للمصالحة , ومع إحترامي للهدف ومعارضتي للوسيلة كتبت بأن سياسة التقويض لن تنجح , والسبب الرئيسي لعدم نجاحها أن حماس بحكم الأمر الواقع تمتلك بدائل كثيرة , وهذه البدائل ستجنح بسبب طموح حماس السياسي والذي هو قليل جدا ولا يتعدى حدود غزة , وكتبت أيضا أن السلطة قدمت معبر رفح على طبق من ذهب لحماس حين إنسحبت منه كخطوة أولى في سياسة التقويض , وكتبت أيضا أن مصر ستستمر في فتح معبر رفح من باب الترويض لحماس بهدف إستمرار عملية التسوية بينها وبين إسرائيل , ورغم أن ما كتبته كان من باب التوقعات ولكنه الآن أصبح مطلب رسمي من إسرائيل لمصر حول فتح المعبر , فاليوم طلبت إسرائيل من مصر رسميا بإستمرار فتح معبر رفح بشكل طبيعي في كلا الإتجاهين , وهذا الطلب يقودنا الى تساؤلات كثيرة ومنها , هل نحن نريد كفلسطينيين؟ أم هم يريدون لنا ؟ وبالتحديد ماذا تريد إسرائيل ؟ فيجب أن تكون الإجابة كالتالي , هكذا تريد إسرائيل .

من البديهيات أن نقول أن إسرائيل تريد فصل غزة عن الضفة , فغزة مفصولة عن الضفة بكل ما تعنية الكلمة , ولا يحتاج ذلك لتخطيط من إسرائيل فالإنقسام الأسود قام بهذه المهمة , ومن البديهيات أيضا أن نقول أن إسرائيل تخطط بالقضاء على السلطة , لأن ذلك واضح جدا والسبب هو أن إسرائيل لا تريد لأحد أن يذكر القدس واللاجئين والتهويد والإستيطان وغيرها من القضايا الجوهرية , ولا تريد دولة لفلسطين وحتى على حدود 67 والقدس الشرقية , إنما تريد إسرائيل أن تكون غزة هي دولة فلسطين والسبب الرئيسي أن غزة لا يوجد فيها مخزون جغرافي أو ديني أو إقتصادي قد يخدم الدولة اليهودية , فاليوم أصبحت كل إستثمارات إسرائيل المستقبلية تنحصر في الضفة والقدس .

إسرائيل اليوم وبالتحديد تريد تمهيد الطريق بكل وسائلها لتمرير عملية التسوية بينها وبين حماس في غزة , وقد بدأت بخطوة إدخال أموال قطر الى حماس , مرورا بخطوات كثيرة وصولا الى خطوة اليوم , وهي الطلب من مصر بإستمرار فتح معبر رفح بعد إنسحاب السلطة منه , وستستمر إسرائيل بخطوات تعزيز عملية التسوية في غزة  وعزل السلطة تدريجيا عن المشهد السياسي .

اليوم يصل الوفد المصري الى غزة لصياغة طلب إسرائيل منها بفتح المعبر , وستدمج مصر ملف المصالحة بهذا الطلب خوفا من لفت الأنظار لها بأنها قادمة بناء على طلب إسرائيل ,  وبالتأكيد ستكون نتائج هذه الزيارة إيجاد صيغة لإستمرار فتح معبر رفح تحت إدارة حماس .

سأختم مقالي متسائلا ومستغربا ومستعجبا , كيف السلطة لا تدرك ذلك وهي تمتلك المال والنفوذ والصلاحيات والعلاقات الدولية والمستشارين السياسيين والإقتصاديين وغير ذلك من المقومات والإمكانيات , كيف لا تدرك السلطة أن الأموال القطرية حصنت حماس من التقويض المالي , كيف لا تدرك السلطة أن طموح حماس في دولة غزة يحصنها من التقويض السياسي , كيف لا تدرك السلطة أن إكتفاء حماس بتشريعي غزة كأمر واقع يحصنها من التقويض القانوني , وخاصة بعد جلسة أمس والتي خصصتها حماس لسحب الشرعية من الرئيس , كيف لا تدرك السلطة أن صناع القرار في فلسطين يواجهون صناع قرار آخرين يساهمون في تغيير قواعد اللعبة , فالجميع يريد , ولكن , هكذا تريد إسرائيل .

بقلم/ أشرف صالح