دولة الإحتلال منذ عام 1996 تحولت مجتمعاً وحكومة الى التطرف والعنصرية بشكل غير مسبوق،تحول نحو اليمين المتطرف بشقيه العلماني والديني... وسنت الكثير من القوانين والتشريعات العنصرية المتطرفة بحق الشعب الفلسطيني،واتخذت القرارات التي تحمل المزيد من العقوبات الجماعية بحق الشعب الفلسطيني،وكذلك جرى تدعيم ذلك بإجراءات وممارسات عملية قمعية وتنكيلية على الأرض،ألم يجر وضع شارات معينه على أيدي العمال الفلسطينيون الذين يريدون العمل في المستوطنات ..؟؟؟،ألم تقر قوانين بإقامة تجمعات سكنية يهودية يحظر على العرب السكن فيها ...؟؟؟....أليست معظم المدن الفلسطينية والقرى والمخيمات عليها بوابات حديدية وامامها ابراج عسكرية ونقاط تفتيش عسكرية ثابتة ومتحركة ومئات ان لم يكن الالاف الكاميرات المنتشرة على طول شوارع الضفة الغربية وعلى مداخل قراها ومدنها ومخيماتها،بما يحولها الى تجمعات سكنية معزولة عن بعضها البعض " بانتوستونات" ومعازل ...والمثال الصارخ والحي منطقة باب العامود ابراج عسكرية وتواجد عسكري دائم ومئات الكاميرات التي تعمل بالأشعة فوق السينية والقادرة على قراءة ورقة في اليد ورقم السيارات المارة وتميز وجه شخص من بين الف وجه ...وربما في ظل ما تعيشه دولة الإحتلال من هوس ورعب تلجأ الى تركيب عدادات "اوتورونات" على جسد كل فرد فلسطيني لكي تحصي عليه أنفاسه ...ولذلك هذا الشارع الجديد الذي يفصل بين السائقين الفلسطينيين والإسرائيليين وبإرتفاع 8 امتار ويربط المستوطنات الإسرائيلية في الشمال الشرقي بمدينة القدس " تجمع معاليه ادوميم " الإستيطاني،هو ضمن المشاريع الإستيطانية الرامية الى توسيع حدود بلدية القدس لكي تصبح 10% من مساحة الضفة الغربية،وبما يغير من واقعها الديمغرافي لصالح المستوطنين،ويضمن تنفيذ المخطط الإستيطاني (E1) بعد القيام بطرد وترحيل التجمعات البدوية في الخان الأحمر ....الشارع الإستيطاني الجديد،هو جزء من شارع الطوق،وتمت المصادقة على شقه قديماً عام 1996،حيث صودرت 1090 دونم من أراضي قرى شمال شرق القدس ( العيسوية الطور وعناتا) لأجل فتحه،والهدف المركزي من شق هذا الشارع،هو ربط المستوطنات التي تقع داخل حدود بلدية الاحتلال مع المستعمرات الواقعة خارج حدود البلدية وجدار الفصل العنصري،وكذلك فإن فصل وعزل حركة الفلسطينيين عن الأغوار واغلاق الطريق رقم واحد بالكامل امام الفلسطينيين يمهد لضم الأغوار بشكل كامل،ومن المتوقع ان يكون معظم مستخدمي شارع " الأبارتهيد" من سكان المستوطنات المقامة على أراضي شمال القدس،وزير مواصلات الاحتلال يسرائيل كاتس يقول بان شق هذا الشارع خطوة مهمة لربط مستوطنة " بنيامين" بالقدس ،وتعزيز ما يسمية ب " متروبولين القدس"،في حين اعتبر رئيس المجلس الإستيطاني ل"بنيامين" يسرائيل غانتس بأن هذا الشارع بمثابة الأوكسجين لسكان "بنيامين" والمنطقة كلها،لمن يتعلمون او يعملون او يقضون اوقاتهم في القدس... وشق هذا الشارع يقع ضمن نظام فصل عنصري (أبرتهايد) في فلسطين المحتلة يجري تطبيقه كمنظومة متكاملة تبدأ من السطو المسلح على أراضي المواطنين الفلسطينيين وسرقتها وحرمانهم منها بصفتها أهم مقوم وركن ليس فقط لحياتهم واقتصادهم، وإنما أيضاً لوجودهم الوطني والانساني، مع سيطرتها وتحكمها في جميع المصادر والموارد الطبيعية الفلسطينية، مروراً بتحويل التجمعات السكانية الفلسطينية الى معازل و"بانتوستانات" مفصولة عن بعضها البعض، يتم التحكم بحركة المواطنين الفلسطينيين منها وإليها عبر بوابات حديدية وأبراج عسكرية على مداخلها، بالإضافة الى مئات الحواجز العسكرية التي تحول جزء منها الى ما يشبه الحدود الفاصلة لتقطيع أوصال الأرض الفلسطينية، ناهيك عن جدار الضم والتوسع العنصري الذي يستبيح الجغرافيا الفلسطينية ويشوهها ويعزلها عن بعضها البعض، وصولاً الى سن مئات القوانين العنصرية التي تشرعن نظام الأبرتهايد في فلسطين المحتلة، وتنكر الهوية الوطنية الفلسطينية والعلاقة التاريخية والسياسية والقانونية بين الشعب الفلسطيني وأرض وطنه، وفي مقدمتها قانون ما سمي بقانون القومية الصهيونية العنصري.
نحن نرى بان هذا "التغول" و"التوحش" الإسرائيلي ضد شعبنا الفلسطيني عامة وضد المقدسيين خاصة ،ما كان له ان يحدث لولا الدعم اللامحدود الذي تقدمه أمريكا والإدارة الأمريكية الحالية المتصهينة لدولة الاحتلال،فهذه الإدارة التي يقول وزير خارجيتها بومبيو ،بان وجود أمريكا في المنطقة وجود خير،وكانه يستغبينا كعرب وفلسطينيين،فكيف سيكون وجود خير..؟؟،والإدارة الأمريكية الحالية، تشارك مباشرة في العدوان على شعبنا الى جانب دولة الاحتلال،فهي لم تكتف بنقل سفارتها من تل ابيب الى القدس والإعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال،بل سفيرها المستوطن والمتصهين لدى دولة الاحتلال "ديفيد فريدمان" يعتبر الإستيطان شرعي،وبان الضفة الغربية غير محتلة،وكذلك أمريكا تشجع إسرائيل على الإستيطان،وتقف الى جانبها في كل جرائمها التي ترتكبها بحق شعبنا الفلسطيني،وتهدد الدول التي ستصوت وصوتت لصالح الحق الفلسطيني في المؤسسات الدولية ،وقطعت المساعدات عن الشعب الفلسطيني،وأغلقت مكتب منظمة التحرير في نيويورك، ولم تسدد حصتها المالية لوكالة الغوث واللاجئين الفلسطينيين " الأونروا" في محاولة لشطب وكالة الغوث وإلغاء دورها،وكذلك وضع قيود على تعريف من هو اللاجيء،بما لا يورث الصفة من الأجداد الى الأباء فالأبناء ....الخ،هذا هو وجود الخير الأمريكي..؟؟
شق شارع " الأبارتهيد" العنصري،وما سيتركه من أثار وتداعيات مدمره على أرضنا وشعبنا الفلسطيني،لن يكون المشروع الصهيوني الأخير،بل المسلسل مستمر ومتواصل،وها هم قادة الأحزاب الإسرائيلية يستعدون لخوض الانتخابات للكنيست الإسرائيلي،ويتسابقون عمن سيتخذ خطوات وقرارات ويسن قوانين وتشريعات عنصرية ضد شعبنا الفلسطيني اكثر عنصرية وتطرف ضد شعبنا الفلسطيني،فشعار الأحزاب الإسرائيلية،من يكون متطرف وأكثر عدائية وقمع للشعب الفلسطيني يحصد مقاعد أكثر في الكنيست،فوزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان يخوض معركته الانتخابية عبر حرب شاملة يشنها على الحركة الأسيرة من اجل سحب منجزاتها ومكتسباتها وإعادتها الى مرحلة السبعينات،تحت حجج وذرائع بان الحركة الأسيرة تعيش في رفاهية وفنادق خمسة نجوم، ونتنياهو من أجل كسب أصوات المتدينين والمستوطنين،يسعى لإعادة تقسيم ساحة حائط البراق،بتخصيص قسم للصلوات المختلطة،وقسم اخر للنساء الملتزمات بالشريعة اليهودية،وبينت وشاكيد وبقية جوقة اليمين من صادقوا على قانون خفض الأذان في المساجد في القرى العربية المقدسية،وكذلك العمل على تبييض البؤر الإستيطانية ،وتسمين المستوطنات المعزولة .
المجتمع الدولي يلفه صمت القبور تجاه تفشي مظاهر العنصرية والتطرف الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني،وكذلك هذا المجتمع الدولي "يعهر" قوانين وقرارات الشرعية الدولية ويكيل بمكيالين،ولا يتخد أي قرارات او عقوبات ضد إسرائيل،تلزمها بتنفيذ مئات القرارات الدولية التي صدرت لصالح الشعب الفلسطيني ....وشق شارع الفصل العنصري رقم 4370،سيتبعه الكثير من الخطوات والمشاريع الإستيطانية العنصرية التي تطال الشعب والأرض الفلسطينية في ظل غياب إرادة دولية ملزمة لإسرائيل بإحترام قوانين وقرارات الشرعية الدولية.
بقلم :- راسم عبيدات
القدس المحتلة – فلسطين
12/1/2019
[email protected]