لقد أضحت المشاركة السياسية كأحد المعايير الهامة لشرعية السلطة السياسية في المجتمعات المتقدمة، وهى تعتبر مظهرا رئيسا للديمقراطية، فازدياد المشاركة السياسية من قبل المواطنين وعلى رأسهم شريحة الشباب يمثل تعبيرا حقيقيا عن ممارسة حقيقية للديمقراطية، فالمشاركة السياسية تمثل الارادة العامة للشعب، وتضمن تحقيق أوسع مشاركة للمواطنين في رسم السياسات العامة وصناعة القرارات وتنفيذها، وتضمن إعادة هيكلية وتنظيم بنية النظام السياسي ومؤسساته، وتضمن متابعة أداء الوظائف السياسية في إطار المجتمع، وتطوير الممارسة السياسية لتصبح أكثر ديمقراطية وأكثر احترما لحقوق الانسان وكرامته ومطالبه واحتياجاته على قاعدة المساواة ودون تمييز، وتوفر الأمن والاستقرار داخل المجتمع، وتضمن تحقيق التنمية المجتمعية المستدامة، وتضمن تحقيق الوحدة الوطنية، وتوفر للسلطة فرص التعرف على آراء المواطنين وقضاياهم ومشكلاتهم ورغباتهم واتجاهاتهم .
قد لا يختلف اثنان على مسألة ضعف مشاركة الشباب في الحياة السياسية وضعف تمثيلهم في دوائر صناعة القرار لأسباب لا اظنها تخفى على أحد، فكثير من الدراسات ذات الموضوعية والمصداقية العالية تتحدث عن تراجع ملموس لمشاركة الشباب سياسيا، وهنا تبرز أهمية وسائل الاعلام الفلسطينية في تنشئة الشباب سياسيا، فوسائل الاعلام المختلفة تشكل أهم مصدر من مصادر الثقافة السياسية، وهى الأقدر والأكثر تأثيرا على رفع درجة الوعى السياسي لدى الشباب، وهى يمكن أن تسهم في دفع الشباب نحو المشاركة في الواقع السياسي، وهى التي يمكن لها اقناع الشباب بالتخلي عن سلبيتهم وعزوفهم عن المشاركة في الحياة السياسية، وهى إلى يمكن أن تساهم في بلورة اتجاهات وقيم ومعارف ومواقف الشباب السياسية، وتحديد وجهة تفكير الشباب السياسي ... الخ.
وأنا اعتقد جازما بأن تنشئة الشباب سياسيا يظل دورا اعلاميا وطنيا بامتياز، فإنني ادعو اعلامنا الفلسطيني لتحمل مسئولياته تجاه تعزيز مشاركة الشباب في الحياة السياسية وزيادة تمثيلهم في دوائر صناعة القرار، وهنا اقترح ما يلي:
1. أهمية توافق المؤسسات الاعلامية على استراتيجية اعلامية تستهدف مباشرة تعزيز مشاركة الشباب في الحياة السياسية وزيادة تمثيلهم في دوائر صناعة القرار.
2. ضرورة تنفيذ حملات إعلامية متتابعة ذات رسالة واضحة لتعزيز مشاركة الشباب سياسيا تستفيد من مميزات وامكانات وسائل الاعلام المختلفة بما يزيد من فعالية هذه الحملات الاعلامية،
3. تشجيع الشباب على المشاركة في برامج حول المشاركة السياسية الشبابية سواء بالحضور، أو عبر الهاتف أو غيرها، فهذه البرامج تشكل منبرا لرفع صوت الشباب حول مطالبهم واحتياجاتهم فيما يخص تعزيز مشاركتهم السياسية الفاعلة،
4. زيادة حجم البرامج السياسية التي تساهم في تنمية الوعي السياسي لدى الشباب، وتطوير روح المواطنة لديهم،
5. فتح نقاشات علنية حول القضايا السياسية والاجتماعية عبر قنوات للحوار بين صناع القرار والشباب من خلال وسائل الاعلام (تلفزيون، اذاعة، صحافة، اعلام جديد)،
6. أن تقوم وسائل الاعلام بتوفير مساحات واسعة للشباب لنشر تقارير ومقالات وقصص وتحقيقات التي تعزز مشاركتهم السياسية وتعرض مطالبهم واحتياجاتهم وقضاياهم.
بقلم/ د. يوسف حسن صافي