منذ ان انتهت الانتخابات التشريعية الثانية بتكليف السيد إسماعيل هنية بتشكيل الحكومة الفلسطينية العاشرة والتي تميزت بأنها حكومة اللون السياسي الواحد والتي انتهت قبل ان تحتفل بمرور عام على تشكيلها ونحن ندور في حلقة مفرغة من البحث عن أسماء للحكومات المتعاقبة بعدها لتزويق وتجميل مسمياتها دون ان نلتفت لحقيقة العلاقة بين الاسم لفظا والفعل على الأرض لهذه الحكومات, حكومة السيد إسماعيل هنية وقبل ان تحتفل بسنويتها الأولى بعشرة أيام أي في 17/3/2006 انتقلت لتصبح بدل حكومة اللون السياسي الواحد إلى حكومة أسميت في حينها بحكومة الوحدة الوطنية والتي لم تكمل وحدتها الوطنية الشهور الثلاثة لتنتهي بالانقسام المريع وليصبح لدينا بدل حكومة واحدة للوحدة الوطنية حكومتان بلا وحدة وطنية الأولى في غزة برئاسة إسماعيل هنية والأخرى في الضفة برئاسة سلام فياض حيث أسميت الأولى بالحكومة المقالة بينما أسميت الثانية في الضفة باسم حكومة الطواريء والتي لم تنتهي طوارئها بعد حتى يومنا هذا بعد ان انتهت صلاحيتها بما اسمي بحكومة الوفاق أو الاتفاق أو التوافق الوطني والتي انتهت صلاحيتها بعد كل ما قيل عن وفاقها واتفاقها وتوافقها لى تعميق خطير بالانقسام وصل إلى إلغاء المجلس التشريعي الثاني ووضع البلاد المأزومة والمقسومة بعبادها المنقسمين حيثما كانوا في مهب الريح وراح البحث يجري عن حكومة فصالية لمنظمة التحرير الفلسطينية أو ما تبقى منها بعد ان رفضت كل من الشعبية والديمقراطية بعد حماس والجهاد القبول بفكرة هذه الحكومة ولذا لا زال البحث جار عن اسم لرئيس الحكومة واسم للحكومة وهياكل يمكن اعتمادها كوسيلة لتسمية الحكومة العتيدة المنتظرة بحكومة الفصائل الوطنية أو حكومة ما تبقى من منظمة التحرير التي غاب عن تشكيلتها في المجلس الوطني الأخير الفصائل التاريخية المشاركة كالجبهة الشعبية والقيادة العامة واستبعد دور الجبهة الديمقراطية اعتباطا عند توزيع حقائب اللجنة التنفيذية لتترك بلا دور يذكر بعد ان كانت قد شاركت في إنجاح أعمال المجلس الوطني الخلافي وهو الدور المشابه لدورها في إنجاح دورة عمان الخلافية آنذاك أيضا دون ان تخرج بتحقيق ما أرادت من مشاركتها كما فعلت بالدورة الأخيرة آملة بان مشاركتها سوف تحقق العقوبات على غزة فخرجت من مؤتمر يلغي العقوبات نظريا لواقع يكرسها عمليا ولتفقد مكانتها التاريخية في المنظمة عبر تقسيم الحقائب للجنة التنفيذية دون ان تستطيع تغيير شيء على أرض الواقع سوى الاحتجاج بعد ان خرجت حليفتها الرئيسية من المجلس واللجنة التنفيذية للمنظمة وهي الجبهة الشعبية.
اليوم نحن في حال أكثر عمقا من الفرقة والانقسام فغزة عبر حماس والجهاد وغيرهم لا يعترفون ابدا لا بشرعية إلغاء التشريعي ولا بشرعية وجود الرئيس ولا بشرعية حكومة تختارها فتح أيا كان اسمها وأيا كانت مهامها ويدور الحديث علنا عن إعادة تشكيل إدارة لشؤون القطاع من حماس ومن سيشاركها الفعل ان أراد ولا احد يستبعد ابدا ان تجد حماس في تيار دحلان في فتح حليفا لها في إدارة شؤون القطاع المحاصر بأبشع صور الحصار في القرن الواحد والعشرين والتي لا تجد حليفا لها اليوم بعد ان أغلقت وجففت مصادر الدعم إلا من دعم قطر العلني المشروط والذي تحول بقدرة قادر إلى دعم إنساني لا يمت لحقوق وكرامة شعب مناضل وصامد بأية صلة.
نجحت إذن حكومة الاتفاق والوفاق والتوافق كما أسموها برئاسة الحمد الله بمنع أي اتفاق أو وفاق أو توافق وهي تغادر مقاعدها اليوم على ما يبدو وقد حققت ما أريد لها كما فعلت من سبقتها كحكومة للوحدة الوطنية بالولاية الثانية المعدلة لرئاسة إسماعيل هنية لحكومة الوحدة الوطنية " الحكومة الحادية عشر " والتي أصدرت حكم الإعدام على تلك الوحدة فهل ستكون حكومة الفصائل القادمة مقصلة الإعدام لما تبقى من وحدة فصائل منظمة التحرير نفسها أم أننا سنجد طريقا ما لاستعادة وحدة شعبنا وبلادنا ومنع الانكسارات والانقسامات والاختلافات المتعاقبة من كل جهة وفي كل مكان فأي حكومة سنأتي بها إذن وما هو برنامجها الوطني تجاه الانقسام وما هو برنامجها الكفاحي تجاه الاحتلال وتجاه صفعة ترامب الجارية التنفيذ دون ان نكتفي بالإعلان عن رفض الاحتلال وصفعة قرنه الترامبية.
ما الذي يجري على الأرض إذن وأي واقع مرير هذا الذي نعيش لتصبح حكومة الوحدة الوطنية " الحادية عشر " برئاسة إسماعيل هنية في والتي حدد برنامجها الرئيس عباس في خطابه في جلسة الثقة للمجلس التشريعي في 17/3/2007 بما دعا إليه في الجلسة من إنهاء الحصار الظالم وإنهاء الفلتان والفوضى الداخلية وفرض الأمن وسيادة القانون وصيانة التهدئة واستئناف مسيرة الإصلاح والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتغلب على البطالة واتساع الفقر وحالة الانهيار الاجتماعي وهجرة الكفاءات ورؤوس الأموال فما كان من حكومة الوحدة الوطنية تلك إلا ان حققت عكس ما قيل بالتمام والكمال منتهية صلاحيتها بدمار الوحدة الوطنية التي حملت اسمها كهدف.
وانتهى الأمر بحكومة الوفاق السابعة عشر كما انتهى الحال بسابقتها الحادية عشر حكومة وحدة وطنية ونحن اليوم أمام حكومة لم يعلن بعد عن الهدف من تشكيلها فلا مشروع للوحدة ولا مشروع للوفاق ولا للتوافق فأي مهام إذن ستكلف بها الحكمة الثامنة عشر وما هو الاسم الفني الذي سنطلقه عليها وهل سيكون للانتخابات مكانا في مهامها وإذا كان الأمر سيكون كذلك فعلا فهل يعني هذا أننا قد نجري انتخابات في الضفة دون غزة ناهيك عن القدس وضواحيها وإذا فعلنا فأي وطن هذا الذي سيكون لنا بعد ان تصبح غزة بحكومة جديدة أيا كان اسمها كمجلس إداري أو خلافه وننصب نحن في الضفة حكومة للوهم لا تحكم سوى في الغرف المغلقة بعد ان أطلق الاحتلال العنان للاستيطان المسعور في كل مكان بلا هوادة وأدار ظهره لكل الشرعيات والقرارات الدولية بعد ان أصبحت قرارات ترامب صاحبة الشرعية الأولى في العالم الصامت والمتآمر أيا كانت لغة الرفض المنمقة كأسماء حكوماتنا فعلى ما يبدو ان لا علاقة عند العربي بين مسمياته وأفعاله فهم يعلنون رفض التطبيع ورفض قرارات ترامب وعلى ارض الواقع لا يفعلون شيئا سوى تنفيذها علنا وعلى رؤوس الأشهاد وعلى من لا يعجبه الأمر ان يعود إلى أرشيف الخطابات والتصريحات لا إلى نتائج الأفعال والأعمال فنحن نوثق على الورق أقوالنا ولا نوثق أفعالنا.
بقلم/ عدنان الصباح