صدر في نهاية هذا الأسبوع كتاب بعنوان "واقع الدروز في إسرائيل" لمؤلفه الدكتور نبيه القاسم، في طبعته الثانية المزيدة والمنقّحة عن "دار راية للنشر" في حيفا داخل أراضي 48 بعدما كانت الطبعة الأولى منه قد صدرت عن "دار الأيتام الإسلامية" في القدس في مارس/ آذار 1976، مع مقدّمة للشاعر سميح القاسم.
وقتها كان فلسطينيو الداخل في أوج استعداداتهم لخوض معارك يوم الأرض، حينما صدر الكتاب وتم توزيعه على طرفي الخط الأخضر. وكان صدور الكتاب وانتشاره غير المتوقع صدم قوى اليَمين داخل الطائفة العربية الدرزية، واستَنفرَت ركائزَ السلطات الإسرائيلية، فبدأوا بشنّ حرب ضدّ الكتاب، وكُتبت عنه التعليقات في الصحف العبرية، منها الإيجابيّة ومنها المحَذّرة من مَخاطره. وكان ردّ المسؤولين في وزارة التعليم بتَوقيف صاحب الكتاب عن تصليح امتحانات التوجيهي، مع دعوات عدة للتّحقيق بأعذار مختلفة من قبل الشرطة، وتَقْييد تَحرّكاته في الأراضي المحتلة.
وعن ذلك يقول نبيه القاسم لـصحيفة "القدس العربي" اللندنية كان كتابي هذا "واقع الدروز في إسرائيل" أوّل كتاب يصدر ليكشفَ الزيف وينشر الحقائق المخفيّة، وليُعطي الإمكانيات للمظلومين والمقهورين والمغضوب عليهم من أبناء الطائفة العربية الدرزية كي يُسْمِعوا كلمتهم، ويرفعوا صوتَهم ويُعلنوا للملأ: هؤلاء هم قومي الذين أفخر بهم، وليس مَنْ تُقَدّمهم وسائل الإعلام الرسمية الإسرائيلية". ويوضح أنه سعيد لصدور كتابه في طبعته الجديدة عن "دار راية للنشر" لصاحبها الشاعر بشير شلش مع مقدّمة وفصل جديد "منهجيّة سياسة الحكومات الإسرائيليّة تجاه الأقليّة العربية في البلاد"، وبعض الإضافات والتّغييرات والتّنقيحات، بعد واحد وأربعين عاما وقد تغيّرت الأحوال، وأصبح للطائفة العربية الدرزية مكانتها واحترامها وتقديرها بين كلّ قطاعات الشعب الفلسطيني داخل البلاد وفي الأراضي المحتلة والعالم العربي، ولم تعد مُنكَرَة وفي موضع الاتّهام.
ويضيف القاسم "لم يعد كتابي، اليوم، وحيدا في معركة النضال والتأكيد على عروبة الدروز ودورهم في معارك الجماهير العربية والمعركة الشرسة التي خاضتها القوى الواعية في الطائفة الدرزية، على مَدار الستة عقود الأخيرة ضدّ فَرض قانون التجنيد الإجباري على الشباب الدرزي، أصبحت اليوم المعركة التي يخوضها كل فلسطينيي الداخل في الوقوف ضدّ الخدمة المَدَنيّة التي بدأت تُنَفّذ منذ سنوات، وتعمل على جَذْب الشباب والشابات من أراضي 48 لما فيها من إغراءات ماديّة ووعود مستقبليّة رغم كل المحاولات التي خاضتها وتخوضها القيادات العربية لتوقفها، وتتصدّى أيضا وبقوّة للهَجْمة القويّة التي تقوم بها السلطات، وعلى رأسها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو منذ سنة 2011 لتجنيد الشباب العربي بشكل عام والمسيحي بشكل خاص، وخَلق ما يُسمّى بالقومية "الأراميّة" التي يتزعمّها ويُنادي بها الكاهن جبرائيل نَداف لفَصل المسيحيين عن باقي أبناء شعبهم وعروبتهم كما عملوا مع الدروز".
لافتا الى أن هذه الطبعة الجديدة والمزيدة من الكتاب تهدف إلى إبقاء هذه الوثيقة التاريخية التي أرّخت لنضال مئات الشباب من أبناء الطائفة الدرزية ضدّ السياسات الحكومية الإسرائيلية الغاشمة في أحلك السنوات وأشدها ظلمة وقسوة لتظلّ المنارة والشهادة والمرجع.
ويخلص القاسم قريب الشاعر العروبي الراحل سميح القاسم "لم يكن هدفي من الكتاب التركيز على تاريخ الدروز أو دراسة معتقدهم الديني، وإنما قصدت التركيز على واقع الدروز هنا في البلاد، وتَرَسّم مختلف العلاقات الإيجابية والسّلبية التي عرفتها العلاقات الدرزية اليهودية منذ سنوات الثلاثين من القرن العشرين وحتى سنة إصدار الكتاب 1976 ".