تقريع الأقطش وإطلاق يد كوهين

بقلم: عدنان الصباح

كما هي العادة فنحن أي الفلسطينيين لا نترك أية فرصة تواتينا لنضرب بعضنا بعضا ونهرب من مواجهة عدونا الرئيس وهو الاحتلال الأمري- صهيوني واقصد بتقديم أمريكا على الصهيونية لان المحتل الحقيقي لبلادنا هو الامبريالية الأمريكية ومشاريعها في المنطقة عبر أدواتها وحلفائها والصهيونية هي ابرز واهم هذه الأيدي والأدوات وما جرى على شاشة الجزيرة في برنامجها السياسي الأشهر الاتجاه المعاكس في المبارزة بين ايدي كوهين والدكتور نشأت الأقطش وردود الفعل التي طالت بالتقريع الدكتور الأقطش ونسيت أو تناست ما جاء على لسان ممثل الاحتلال على تلك الشاشة ونسيت او تناست ما تقوم به الجزيرة منذ نشأتها من السعي لتقديم الاحتلال كرأي آخر او طرف آخر في معادلة اختلاف عادية وهي تصر أبدا على تقديم رواية الاحتلال وتحضر لشاشتها الأقدر منهم على فعل ذلك وقد لا تكون جريمة الجزيرة اكبر من جريمتنا نحن حين اسمينا الاحتلال في بعض خطابنا الطرف الآخر حتى بات يبدو كذلك كما هو الحال في انتفاضتنا ضد الدكتور الأقطش ونسيان يد كوهين العلنية فيما أشارت اليه من حالنا.

صحيح ان الدكتور الأقطش الذي كان الأولى به ان لا يشارك في نشاط تطبيعي تريده الجزيرة قد هاجم بلا مبرر منظمة التحرير وجميع الفصائل الفلسطينية بدل ان يرد على هجوم ممثل الاحتلال فلا حماس هي داعش كما قدمها ممثل الاحتلال ولا فصائل الثورة الفلسطينية قد باعت قضية فلسطين كما حاول ان يقول في كل حديثه الذي قدم نفسه وكأنه يدافع عن فلسطين والفلسطينيين بالسم الذي بثه أيا كانت حقيقته فقد كان الأجدر بنا ان نقرا حالنا كما يرانا الأعداء لا ان نغلق الأبواب على أنفسنا وندفن رؤوسنا بالرمل مكتفين بقطش حديث الدكتور الأقطش من كل السياق والحوار وإخضاعه لهجوم لا مبرر له أبدا فالرجل قال رأيه اخطأ أم أصاب ولا جريمة في ذلك فقد حاول جهده ان يلجم صوت الاحتلال بالطريقة التي رآها مناسبة وهو كان واضحا في دفاعه عن الشعب والقضية والحق الوطني الفلسطيني في مواجهة الاحتلال ولصوصيته.

لقد ركز ممثل الاحتلال على كذبة العدو الإيراني او الخطر الإيراني وهو ما سعت اليه دولة الاحتلال جاهدة حتى تمكنت من زرعه في أذهان بعض العرب وخصوصا أنظمة الخليج وفي مقدمتها العربية السعودية ونسينا كيف أتقنت أمريكا دوما صناعة العدو للعرب حتى من أنفسهم وهو ما فعلته مع نظام صدام حسين حين جعلت منه بعبعا ضد الدول الخليجية وسهلت له مهمة احتلال الكويت لتسولي علنا على كل مقدرات وثروات وخيرات العراق أولا ومن ثم الكويت ودول الخليج تحت شعار تحرير الكويت وحماية باقي أنظمة الخليج من الخطر الصدامي ويدرك الجميع ما آلت اليه أوضاع العراق والخليج بعد الإطاحة بصدام حسين بمساعدة العرب أنفسهم وبمالهم وأيديهم تحت قيادة الولايات المتحدة والعدو المتربص بالعرب والذي ظل لزمن طويل هو دولة الاحتلال الصهيوني وطوال تلك الفترة خلقت أمريكا وبريطانيا وحلفائهم وأدواتهم صراعات عربية عربية كان أبرزها الصراع السعودي المصري إلى ان جيء بحكاية صدام حسين والعراق ضد إيران أولا ومن ثم ضد دول الخليج والتي جاءت بإسرائيل تدريجيا لتصبح صديقا وعونا بدل دورها كعدو خطير وتطور الأمر اليوم بعد ان تمكنت أمريكا من خلق عدو بديل وهو الخطر الإيراني المحدق بالعرب جميعا ودول الخليج الغنية أولا.

لقد سهلنا على ممثل الاحتلال التحدث عن الفصائل الفلسطينية بوصفها بالعصابات المقتتلة في إشارة منه إلى الانقسام الفلسطيني وقد سمى بالاسم كل من حركة فتح وحركة حماس وهو تباهى بالتطبيع العلني مع دول الخليج وأشار إلى عزف نشيد دولة الاحتلال في الدوحة – عاصمة قطر صاحبة الجزيرة – وأبو ظبي ونسي سلطنة قابوس بن سعيد وتحدث عن زيارة الوزيرة الإسرائيلية لأبو ظبي والمشاركة الرياضية الإسرائيلية في قطر ولم يذكر هو ولم يذكره فيصل القاسم بزيارات قطر من قبل عديد مسئولي دولة الاحتلال وأبرزهم شمعون بيريتس.

ايدي كوهين وضع يده على جرحنا وتركناه يفعل ذلك وهو يتحدث عن ان الانقسام والفساد والشحاذة باعتبارها إثباتات على ان الفلسطينيين أنفسهم من باعوا القضية وصور أبناءنا وكفاحهم على جدران غزة بأنها مدفوعة الأجر كمرتزقة فاصلا بين الشعب وقيادته رافضا وجود تمثيل للشعب الفلسطيني الذي دعاه إلى الهجرة والحصول على جنسيات أجنبية في الدول الغربية ولا شك ان الجميع يرى اليوم إعلانات عن تسهيل الهجرة وتسهيل الحصول على جنسيات أجنبية في عديد الدول ومنها العربية والإسلامية التي باتت تسهل قدرة الفلسطيني على الحصول على بيت بأسهل الطرق واقل الأثمان مقابل الحصول على الجنسية وليس صدفة ان تمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بالإعلانات عن سهولة الحصول على بيت او متجر بالأقساط المريحة في هذه البلد او تلك وفي هذه الأيام بالذات والحديث عن تنفيذ صفعة القرن لم يعد وهما بل بات حقيقة على الأرض في كل شيء ونحن نكتفي بالإعلان عن عدم القبول وكفى الله المؤمنين شر القتال.

ايدي كوهين فضح حالنا علنا عن العلاقات العربية مع دولة الاحتلال منذ الستينات او حتى الثلاثينات وهو ما أراد له فيصل القاسم ان يختتم به لقاؤه باعتبار ان الخيانة منذ الثلاثينات راغبا بالإشارة إلى السعودية لا بتجريم دولة الاحتلال وايدي كوهين قدم صورة قاتمة عن الإعلام والكتاب الخليجيين الذين باتوا يدافعون عن إسرائيل أكثر ويهاجمون الفلسطينيين.

كل الوضوح جاء في خطاب ممثل الاحتلال فهو كان واضحا بقوله لا نريد علاقات مع الشعوب نريد اتفاقيات أمنية واقتصادية مع الحكومات على قاعدة انتم أي الحكومات العربية تحمون حدود إسرائيل واسرئيل تحمي أنظمتكم من إيران العدو الوهمي والذي اعتبره فيصل القاسم شريكا لإسرائيل كعدو يحتل أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء وبصفاقة عجيبة حاول ان يدفع ممثل الاحتلال لحديث عن اتفاقيات مع سوريا عندما أشار كوهين إلى الاتفاقيات النموذجية مع مصر.

أشار كوهين إلى أحلام اليقظة عند العرب عن حكايات نهاية إسرائيل في عام 2000 واليوم في العام 2022 وهي حكايات تخدم دولة الاحتلال قبل غيرها فما دامت ستزول وحدها بعد عامين او ثلاثة فما الداعي إذن لنحاربها فلنتركها لإرادة الله التي ستحدث في العام 2022 وهذا القول اخطر على قضية فلسطين من أي قول آخر وهو مدعاة للصمت والنكوص إلى الوراء وترك دولة الاحتلال تنهار وحدها دون سعي من الشعب الواقع تحت الاحتلال والمنشغل على ما يبدو حتى ما بعد العام 2022 بصراعاته وخلافاته وانقساماته فكيف ستسقط دولة الاحتلال دون سعي وفعل منا قبل الأمنيات والدعوات والشعوذات.

مرة أخرى عاد ايدي كوهين ليتحدث عن التاريخ اليهودي والعبري وجرنا إلى المربع الذي يريده الصهاينة وهو حكايات التاريخ البعيد ومن كان هنا ومن لم يكن وهو سفسطة لا تغني ولا تسمن من جوع فحقنا في بلادنا تثبته إرادتنا والحقائق على الأرض اليوم وبالأمس القريب وحكايات التاريخ ماتت وبدل الحديث عن دعوة شعبنا ليتوزع في الأرض كان الأجدر باليهود الذين خانوا قومياتهم وهربوا من جنسياتهم وبلادهم ليحتلوا فلسطين ان يبقوا حيث كانوا أوفياء لقومياتهم وبلادهم بدل ان يتحولوا إلى مرتزقة لخدمة سيد الامبريالية العالمية أيا كان او سيكون.

الإرهاب وداعش والانقسام الفلسطيني الفلسطيني الذي تحدث عنه ايدي كوهين متناسيا جرائمهم هم ضد أبناء جلدتهم حين هاجموا الكنس اليهودية في بغداد وغيرها بالقنابل لإجبار اليهود على الهجرة إلى فلسطين ولا ما قاله المفكر الصهيوني مئير بار زوهر عن ضرورة تنغيص حياة اليهود حيث يعيشون في بحبوحة لإجبارهم على الهجرة إلى فلسطين فأي إرهاب هذا الذي استخدمته الحركة الصهيونية لتنغيص حياة اليهود خدمة لأغراض الامبريالية العالمية أيا كانت في بريطانيا او أمريكا وحتى غيرهم ان وجد فهي جاهزة للعمل كخادم لمن يدفع أكثر ولا علاقة لفكرة ولا لوجود إسرائيل بالحرص على اليهود وحلمهم وبصفاقة ووقاحة قذرة تبجح قائلا ان محمود عباس طلب من نتنياهو ضرب غزة وقطع الكهرباء والطعام عنها دون ان يرد عليه احد مكتفين بتقريع الأقطش بدل فضح صوت الاحتلال وإخراسه.

ان الهجوم اللا مبرر على الدكتور الأقطش في مواجهة هجوم ايدي كوهين على كل ما هو فلسطيني من على شاشة الجزيرة يصب في الخانة التي أرادها كوهين وهي دفعنا عنوة لمعاودة الهجوم على ذاتنا بذاتنا وإطلاق يده للهجوم علينا موحدين فالغريب كل الغرابة ان الاحتلال وأدواته وكتابه وإعلامييه وساسته يروننا جسدا واحدا معاديا وخطرا عليهم ويضعوننا معا في قالب واحد في حين نصر نحن على عدم القبول بوحدتنا الحقيقية تلك والإصرار على نهش لحمنا بأنفسنا وترك الاحتلال ينهش بأرضنا تاركا لحمنا لنا " فجحا أولى بلحم ثوره " فهم سينتهون من تهويد أرضنا حين نكون قد انتهينا من أنفسنا.

بقلم/ عدنان الصباح