تطالعنا شبه يوميا تقارير اعلامية اومقالات صحفية عما يسمى(بصفقة القرن) تدعي ان هذة التفاصيل الحقيقية للصفقة .. ومصدر الكثير من هذة التقارير أما الاعلام الامريكي او اعلام المستعمرة الاسرائيلية...وتأخذك التفاصيل الى انكار حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية والقومية في وطنه والبحث عن حلول للقضية الفلسطينية تقوم على اساس الأفراغ التام لفلسطين من شعبها ....ودعم سياسة التوسع والاستيطان اليهودي للاراضي الفلسطينية المحتلة ... و تشير الى وضع الميزانيات الدولية الضخمة لأتمام عملية تفريغ فلسطين من الفلسطينيين وتوطينهم في الدول العربية .. وخصوصا في الاردن والعراق وسوريا ولبنان وسيناء مصر ... والبعض يضيف الى ذلك دول الخليج العربي... وتتحدث هذة التقارير عن خطط اقتصادية عملاقة تصل الى انفاق تريليونات الدولارات من من اجل احداث تنمية اقتصادية في دول التوطين تكون كفيلة في انجاح عملية التوطيين التي تستهدف اذابة الشعب الفلسطيني فيها وتصفية قضيته الوطنية والقومية هذا بالاضافة الى فتح ابواب الهجرة للفلسطينيين في المنافي البعيدة مثل استراليا وكندا وامريكا واوروبا ..
وتشير تلك التقارير والمقالات الى الزام الدول العربية وفي مقدمتها دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية بدفع مئات المليارات من الدولارات وكذلك اليابان وكوريا الجنوبية ودول اوروبا الغربية .. من اجل انفاذ (صفقة القرن)... كل هذا في الوقت الذي تعاني فيه الدول العربية ومعها بقية دول العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية من ازمات اقتصادية حادة تنذر بأنهيارات اقتصادية كبيرة وبالغة الخطورة على اقتصدياتها الوطنية وعلى الاقتصاد العالمي.. ....!
ان الغرض من نشر هذة التقارير البعيدة كل البعد عن الناحية العلمية والموضوعية والواقعية هو بث مزيد من الفو ضى في الصف الفلسطينيي اولا ...والصف العربي ثانيا ...واستمرار اعتبار الفلسطيني مجرد مسألة امنية للمستعمرة الأسرائيلية ....و كأنه مجرد مسألة ديمغرافية لبعض الدول العربية ودول المنافي... وفي احسن الاحوال التعاطي مع السعب الفلسطيني وقضيته في بعدها الانساني فقط... وان يجري ويتم التغلب عليها بثنائية التهجير من وطنه وافقاده حق المواطنة فية....وتقرير المصير... والبحث له عن حل في مكان أخر يعيش فية... وتوفير الظروف الاقتصادية له في تلك الاوطان الجديدة التي لاينتمي اليها سوى بحل مشكته المادية فقط...
من هنا تكون هذة الافكار هي المخلص للمستعمرة الاسرائلية من هواجسها الامنية .... الناتجة عن انكارها للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.. وانفجاره في امعائها واحشائها...
ان مثل هذة الرؤى والافكار... والتي تمثل بالنسبة لأصحابها عناصر (صفقة القرن) ماهي الا رؤى خيالية... ابعد ما تكون عن الحقيقة و الواقع والموضوعية... و هي غير قابلة للتنفيذ لعدة اساب منها...
اولا.. رفض الشعب الفلسطيني... الثابت والصامد في وطنه لأية حلول تنتقص من حقوقه الوطنية الثابتة وغير القابلة للتصرف والمتمثلة في حقي العودة وتقرير المصير واقامة الدولة المستقلة على حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧م وعاصمتها القدس .. والتي تحظى بشبه اجماع دولي ....ولايعارضها سوى الادارة الامريكية الحالية وبعض الدول الهامشية التي تدور في فلكها ...طبعا بالأضافة الى الحكومة اليمينية للمستعمرة الاسرائيلية الحاكمة في تل ابيب.. ...!
ثانيا.. لماذا تتحمل الدول الأخرى عربية او غيرها المسؤولية على مستوى التمويل او التوطين للفلسطينيين في اراضيها... حل ازمة المستعمرة الاسرائيلية الديمغرافية والامنية... التي يسببها لها الانفجار الديمغرافي الفلسطيني....... والصمود والثبات والمقاومة الفلسطينية باشكالها المختلفة للاحتلال.. . لا توجد اي دولة عربية او غير عربية تتحمل هذة المسؤلية وتعفي الكيان الصهيوني من مسؤليته الاخلاقية والسياسية والقانونية عن استمرار احتلاله للاراضي الفلسطينية وانكاره الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني... كما ان دول التمويل العالمي من السعودية ودول الخليج واليابان وكوريا الجنوبية ودول اوروبا الغنية ....لماذا ستتكفل بدفع كل تلك الفواتير الباهظة و المبالغ فيها اصلا والتي قد تصل حسب ماينشر الى المئات من المليارات من الدولارات في الوقت الذي باتت تمر فيه الكثير من تلك الدول في ازمات اقتصادية خانقة...؟!...
ان طريق الى السلام واضح كل الوضوح لمن يسعى اليه..ويريد أن يحقق الامن والسلام في منطقة الشرق الأوسط خاصة والعالم عامة.... وهو فقط الذي يقوم على اساس احترام قواعد القانون الدولي والانساني واحترام الشرعية الدولية وقراراتها في مثل هذا الشأن.. .. ولذا فأن من يبحث عن الامن والسلام خارج هذة القواعد والاسس فانه لن يجده..... و سيبقى بعيدا عن الامن والسلام ..... ولن يستطيع فرض افكاره المنافية والمجافية للقانون الدولي وللشرعية الدولية ... وهو يدرك ذلك حقيقة الادراك ...
لكنه يسعى الى كسب مزيد من الوقت... ودفع المنطقة والعالم الى مزيد من الفوضى في العلاقات الدولية.... والى مزيد من التوتر وعدم الاستقرار ....والتهيئة لمزيد من الحروب واثارة بؤر التوتر من جديد و التي يجد فيها فرص الربح الأوفر له ولمشاريعه التوسعية والامبريالية....!
فما يكتب وما ينشر عن( صفقة القرن) ماهو الا تعبير عن استمرار نهج السياسة الاستعمارية الامبريالية الامريكية البائدة والتي تسيطر على العقلية الحاكمة في البيت الابيض والمتوافقة توافقا كاملا مع العقلية الصهيونية المتحكمة في الكيان الاستعماري الصهيوني ...!
ان هذة الافكار لن تجد من يؤيدها ولن تحد طريقها للتنفيذ ... فلسطينا ولا عربيا ولا دوليا.... مهما ادعت انها تحظى بقبول هذة الدولة اوتلك... او هذا الحاكم او ذاك..... خصوصا وان القضية الفلسطينية قضية وطنية بأمتياز ...وقد تمكن الشعب الفلسطيني من خلال الصمود والثبات و كافة اشكال المقاومة المشروعة ان يرسخ قضيته كقضية لا تقبل التجاوز.... وقد وصلت حد اللا تراجع عن تللك الحقوق الثابته وغير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني ..
كما ترسخت القضية الفلسطينية كقضية عربية اسلامية ومسيحية لايمكن التهاون فيها بغض النظر عن حالة الضعف العربية والاسلامية الراهنة ... لماتتضمنه القضية الفلسطينية من ابعاد مركبة لها تداعياتها المختلفة على جميع الدول العربية والاسلامية فهي قضية وطنية وداخلية... لها جميعها مهما حاول البعض تهميشها او تقليل الأهتمام بها في ظل حالة الضعف والوهن العربي والاسلامي الراهن....
كما ان الذهن السياسي والدولي ومواقف الدول المؤيدة للحقوق الوطنية الفلسطينية قد باتت اكثر صلابة ووضوحا في مواجهة الفكر التوسعي الامبريالي والعنصري الذي تعبر عنه تلك الاوهام والافكار الطوطمية المسماة ظلما(صفقة القرن)...
على الشعب الفلسطيني ان يسفط كافة الذرائع التي يتذرع بها البعض لتمرير مثل هذة الحلول التصفوية... واولها وقبل كل شيء هو انهاء الانقسام الذي تفرضه حركة حماس على الكيان الفلسطيني منذ اثنتي عشرة سنة..... فقد بات اسقاط حكمها المتفرد لقطاع غزة ........ ضرورة تفرضها مواجهة المشاريع المشبوهة ... وهذا يفرض اجراء انتخابات برلمانية ورئاسية لدولة فلسطين المحتلة في القدس والضفة والقطاع وفي الشتات حيث امكن في اسرع وقت ممكن... لتأكيد وحدة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وفي كافة اماكن تواجده واسقاط كافة الذرائع الاي يوفرها حكم حركة حماس لقطاع غزة ...
هكذا يكون الرد الفلسطيني العملي على( صفقة القرن )وعلى كافة الأفكار والمشاريع الوهمية والمشبوهة والتصفوية وغيرها التي تحاول الانتقاص من حقوقه الوطنية اوطمسها وتصفيتها...!
عربيا ضرورة استمرار التزام الدول العربية في توفير شبكة الدعم والامان للموقف الفلسطيني ماديا وسياسيا... من خلال التأكيد على التزام الدول العربية بتطبيق مبادرة السلام العربية من الف الى ياء.. ...وليس من الياء الى الف .. كما تسعى اليه جاهدة الولايات المتحدة الامريكية وحكومة المستعمره الاسرائيلية... لقلب مبادرة السلام العربية رأسا على عقب ..اي ان يبدأ تطبيفها بالتطبيع مع المستعمرة الاسرائليةاولا....لتشجيعها على السلام..!!!!!!
دوليا ضرورة استمرار الجهد السياسي والديبلوماسي الفلسطيني والعربي مع مختلف الدول والمجموعات الدولية لمحاصرة كافة المشاريع التي تنتقص من الحقوق الفلسطينية والعربية وكشف زيفها وتهديها للامن والاستقرار والسلام العالمي.... وبناء العلاقات العربية مع كافة الدول على اساس من نظام المصالح العربية وعدم التهاون مع اي دولة لاتحترم المصالح والحقوق العربية ....
هكذا يمكن وضع استراتيجية فلسطينية وعربية لمواجهة (صفقة القرن )و مواجهة كافةالمواقف والاجراءات المتخذة من جانب ادارة الولايات المتحدة وربيبتها المستعمرة الاسرائيلية.. بهدف تصفية الحقوق الوطنية الفلسطينية.
بقلم/ د. عبدالرحيم جاموس