مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية في التاسع من نيسان المقبل ، تحتدم المعركة بين الأحزاب الصهيونية ، وخاصة بين حزبي الليكود بزعامة بيبي نتنياهو وحزب الجنرالات ازرق ابيض بزعامة غينتس ، وكل حزب يحاول قد الامكان اضفاء صفة الاستقامة على حزبه وتحيزه لمصالح الدولة ومواطنيها ، وبانه يمينيًا أكثر من الآخر ، للحصول على أصوات اليمينيين والفاشيين العنصريين ، لتحقيق الانتصار والفوز برئاسة الحكومة القادمة . وبهدف تحقيق مكسب انتخابي شن نتنياهو عدوانًا غاشمًا على قطاع غزة ، فيما يتلقى الدعم من صديقه الرئيس الأمريكي ترامب ، الذي أهداه السيادة على هضبة الجولان السورية . بينما حزب ميرتس فيحاول استعادة عافيته واقتناص أصوات العرب من خلال ترشيحه عضوين عربيين في مواقع متقدمة في قائمته .
أما في الناحية العربية فهذه الانتخابات مختلفة عن سابقاتها ، ولأول مرة تسود حالة من اللامبالاة والركود والخمول ، وهذا نابع من تفكك القائمة المشتركة ، ونتيجة خيبة الامل من قيادات الأحزاب العربية ، ومن ممارساتها ومسلكياتها عشية تشكيل القوائم الانتخابية .
وللأسف الشديد أن أحزابنا العربية لم تطرح أي برامج انتخابية مستقبلية ، بل رفعت شعار اسقاط اليمين الاسرائيلي ، وترهب الجماهير به كما يرهب شيوخ السلفية الناس بعذاب القبر ، وغدا هذا الشعار سمفونية ممجوجة مثيرة للسخرية واستخفاف بعقول ووعي الجماهير، فالجميع يدرك أن المجتمع الاسرائيلي أصبح بمجمله مجتمعًا يمينيًا واكثر تطرفًا وعنصرية وعدوانية ، ومثل هذا المجتمع لن يفرز سوى قوى وأحزاب على شاكلته ، وما كان يسمى بأحزاب صهيونية يسارية انتهى تاريخها ولم يعد بمقدورها الصمود أمام العدوانية الاحتلالية وغول التطرف ضد الجماهير الفلسطينية ، وهي تنافس اليمين العريق والمخضرم وتسوق نفسها على أنها أكثر كفاءة في التنكر للحق الفلسطيني وفي تصفية المشروع الوطني الفلسطيني . ولذلك فالنتيجة معروفة سلفًا ، وهي فوز اليمين الفاشي ، ومواصلة الترويج للشعار المستهلك لن يجدي نفعًا ولا يغطي عورات هذه الأحزاب وقياداتها .
وعلى ضوء التوقعات وقراءات المحللين للخريطة الانتخابية فإن اليمين المتطرف سيشكل الحكومة القادمة ، ولن يكون أي جسم مانع ، في حين أن الاحزاب العربية ستتلقى ضربة شديدة وموجعه هذه المرة ، بفعل طوفان المقاطعة ، وثمة قوائم وأحزاب لن تجتاز نسبة الحسم . ولعل ذلك يشكل ضوءً أحمر ودرسًا لهذه الاحزاب ، بأن تقوم بمكاشفة حقيقية ووقفة مع الذات واستخلاص العبر من الماضي . فالجماهير ليست منبع أصوات أو قطيع مواشي ، فهي تمهل ولا تهمل ، وستقول كلمتها الأولى والاخيرة في يوم الانتخابات الوشيك .
بقلم/ شاكر فريد حسن