بقدر ما اغضبني قرار استقالة ناصر اللحام من رئاسة تحرير وكالة معا احتجاجا على التخلي عنها وتركها فريسة للإغلاق نتيجة للظروف المالية بقدر ما اثار استهجاني وفضولي عن سبب التخلي عن واحدة من المنصات الإعلامية الأكثر نجاح ومهنية في الوطن الفلسطيني والأكثر متابعة على المستوى الشعبي والتي تلاقى احترام جمهور غفير في الوطن العربي نتيجة لخطها الإعلامي المهني والملتزم.
كنت أتوقع ان يتم تكريم هذا الصرح الإعلامي من قبل الجميع وعلى راسه الإعلام الحكومي الرسمي على قدرته في التأثير ونشر أي رسالة إعلامية بيسر شديد لما تبوئه من احترام وسط الجمهور الفلسطيني فان أي رسالة إعلامية كانت ولازالت تخرج على لسان ناصر اللحام كانت تعتبر بمثابة تصريح رسمي ومرجعية يحتج بها ليس فقط في الأوساط الشعبية وانما بين النخب أيضا واكاد اجزم ان غالبية القراء كانوا يعرجون على معا قبل وفا ويشاهدون شاشتها اكثر مما يشاهدون التلفزيون الرسمي ويستمعون لناصر اللحام اكثر مما يستمعون لوزير الاعلام .
في عدوان 2014 كواحدة من المحطات الكثيرة التي ترك فيها ناصر اللحام ومنصاته الإعلامية بصمة مميزة لدى الجمهور الفلسطيني كانت رسالته مصدر توجيه ورص للصفوف وتعزيز للصمود علاوة عن كشف للوجه البشع للاحتلال من خلال التحليلات والترجمات التي كان يقدمها اللحام على مرئية معا في الوقت الذي عجزت فيها الكثير من وسائل الاعلام وقيادات من تطمين الجمهور او التواصل معه بشكل فاعل ومرضي.
ان ما يحدث مع وكالة معا وناصر اللحام مع الأسف يخبرنا بشكل مؤلم ان الاعلام المستقل لا مكان له على خارطة العمل الإعلامي الفلسطيني فأما ان تكون تابع لمسؤول او حزب تأتمر بأمره وتنفذ رؤيته واجندته او عليك الانسحاب من المشهد ولن يشفع لك كل عملك المهني وتأثيرك الواسع في قطاع عريض من الجمهور المحلي والعربي وهذا المشهد يؤكد لنا دون شك ان القابض على المهنية في المجال الإعلامي كالقابض على الجمر.
ناصر اللحام سواء اختلفت معه او اتفقت يبقى مؤثر في المشهد الإعلامي الفلسطيني ويسمع له بإصغاء واهتمام وانا بظني انه مدرسة إعلامية فريدة في الاعلام الفلسطيني يستحق المساندة والدعم للاستمرار كواحدة من المنصات الوطنية المؤثرة بغض النظر عن وجهات النظر الشخصية.
بقلم/ أ. رمزي نادر